في وقت أعلنت فيه البرازيل تعليق الوصول لمنصة «إكس» التي يمتلكها رجل الأعمال إيلون ماسك، تطبيقاً لأمر قضائي على خلفية مطالبة الجهات البرازيلية المنصة بتسمية ممثل قانوني لها في البرازيل، أكد عدد من خبراء القانون والأمن السيبراني والتكنولوجيا أنه «بالرغم من الإمكانية القانونية لسن تشريعات وقرارات بحجب أي منصة تُخالف قانون النشر، إلا أن فعالية تطبيق هذا الحجب ستكون صعبة من الناحية التكنولوجية بفعل وجود برامج تخترق هذا الحجب».

ويبدو أن البرازيل لا تعزف منفردة، وأن قرارها قد يتمدد إلى دول أخرى، في ظل الخلافات القائمة بين «المنصة» وعدد من الدول الأوروبية بينها فرنسا، فضلاً عن تركيا، حيث دعت تلك الدول أيضاً ماسك إلى الالتزام بالقوانين المحلية في هذا المجال، فيما حظرت كوريا الشمالية منصة «إكس» رسمياً منذ العام 2016، وفرضت روسيا قيوداً على المنصة منذ العام 2022، كما تم منع الوصول إليها في إيران منذ عام 2009، وهي محظورة في الصين منذ 2009، وفي تركمنستان منذ 2010، وفي بورما منذ 2021، وفي باكستان منذ فبراير 2024، وفي فنزويلا منذ مطلع أغسطس الماضي.

الفيلي: الأحصف... تقوية قدرة المتلقي على التمييز

أكد الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أنه «من الناحية القانونية فإن النشر في إقليم الدولة يجب أن يخضع لقانون تلك الدولة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «السؤال الذي يطرح نفسه: هل المنع سيكون فعّالاً؟ ألا يمكن للمستخدمين أن يصلوا لمحتوى المنصات المراد حجبها بطريقة ما؟».

وتابع الفيلي في تصريح لـ «الراي»، «نحن أمام واقع يتجاوز قدرات أغلب الدول، وهذا يجعل الدولة التي تريد الحجب تحتاج لأدوات تتجاوز القانون المحلي»، مشيراً إلى أن «الوضع يختلف بالنسبة للدول التي تمتلك إمكانات تكنولوجية قوية مثل ما حدث في حالة أميركا ومنصة (تيك توك)».

وخلص إلى أن «الجيل السابق من الفكر القانوني كان قائماً على فرضية أن الدولة تملك فرض القانون على إقليمها، لكن الواقع التكنولوجي لوسائل الاتصال هزّ هذه الفرضية»، مشيراً إلى أنه «قد يكون من الأحصف تقوية قدرة المتلقي على تمييز الغث من الثمين».

علي الدوسري: الأمر متروك للدولة

قال أستاذ القانون الدولي بجامعة الكويت المحامي في المحاكم الدستورية والتمييز الدكتور علي حسين الدوسري إن «منصة إكس من المنصات الاجتماعية التي يتم تبادل الأحاديث السياسية والاجتماعية فيها، وحرية الرأي والتعبير مكفولة في الكويت وفقاً للدستور، ولكن هذه الحرية يجب أن تكون منظمة ومن هنا أتت القوانين التي تنظم الجرائم الإلكترونية».

وخلص إلى أنه «إذا ما رأت الدولة أن منصة (إكس) قد تسبب فتنة، فلا يوجد ما يمنع من الحجب للحفاظ على الأمن القومي وهو أمر متروك للدولة حسب ما تراه مناسباً للحفاظ على الأمن العام».

محمد ناصر العتيبي: من حق البرازيل الحجب

رأى المحامي الدكتور محمد ناصر العتيبي، أنه استناداً «لمبدأ سيادة الدولة وقانونها على إقليمها سواء كان ما يتعلق بأنشطة الاتصالات والإنترنت أو غيرها، فإن من حق البرازيل حجب منصة (إكس) من نظام الاتصالات والإنترنت لديها، طالما أن شركة (إكس) لم تلتزم بتعيين ممثل قانوني لها في البرازيل طبقاً لما ورد من أسباب في القرار القضائي، وليس هناك مبرر معقول لرجل الأعمال إيلون ماسك في انتقاده للقرار السيادي للبرازيل».

وعن مدى إمكانية تطبيق إجراء مشابه في دول أخرى، قال العتيبي: «في الكويت مثلاً بالإمكان صدور قرار إداري أو قضائي بحجب أي موقع أو تطبيق يخالف القانون أو القرارات الصادرة من الهيئة العامة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك بموجب قانون إنشائها رقم 37 لسنة 2014 وتعديلاته».

شروق الصائغ: يُمكن التغلّب على الحجب

اعتبرت عضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية للمعلومات شروق الصائغ، في تصريح لـ«الراي» أن «منصة (إكس) تُعد منبراً حراً للرأي، وكانت من أوائل مواقع التواصل التي أدمن عليها المغرّدون للإفصاح عن مكنوناتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية، ولعلها كانت السبب في ولادة قانون الجرائم الإلكترونية في العام 2015».

ورأت أنه «من الصعب جداً على الحكومات أن تتخذ إجراءات ضد الانفتاح السيبراني أو حجب الخدمة لأنه يمكن التغلب على الحجب ببرامج معروفة»، مشيرة إلى أن «مواجهة التطرف في وسائل التواصل الاجتماعي تكون بمقاضاة أصحاب التغريدات أو الإساءات فقط وليس حجب الخدمة».