فيما حذرت منظمة «أوبك» لسنوات، من أن نقص الاستثمار في إمدادات النفط الجديدة، سيؤدي في النهاية إلى نقص الإمدادات، الأمر الذي سيدفع الأسعار للارتفاع بشكل كبير، تنضم الآن شركة إكسون الأميركية إلى «أوبك» في هذه التحذيرات.

وعلى موقع «أويل برايس»، تستعرض الكاتبة أيرينا سلاف، تقرير الشركة العملاقة الجديد «التوقعات العالمية»، والذي ذهبت فيه إلى أن النفط والغاز سيظلان عنصرين حيويين في مزيج الطاقة العالمي 2050، حيث سيبقى الطلب على النفط أعلى من 100 مليون برميل يومياً، بعد أن يصل ذروته، كما سيظل الطلب على الغاز قوياً أيضاً — وذلك لأنّ استخدام الكهرباء في توقعات «إكسون» سيكون أعلى 80 في المئة في 2050 مما هو عليه الآن.

المركبات الكهربائية

واعتبرت الكاتبة أن التوقع الأكثر إحباطاً الذي قدمته «إكسون»، ربما يتعلق بالمركبات الكهربائية وتأثيرها على الطلب على النفط، وأنه «إذا كانت جميع السيارات الجديدة المباعة في العالم 2035 كهربائية، فإن الطلب على النفط 2050 سيكون 85 مليون برميل يومياً. وهذا يعادل ما كان عليه في 2010».

ويكمن الجدل، بأن رؤية «إكسون»، هي لعالم ترغب الشركة في رؤيته في المستقبل، حتى تتمكن من الاستمرار في كسب المال من بيع الهيدروكربونات ومشتقات الهيدروكربونات.

والواقع أن هذا الجدل نفسه الذي يمكن استخدامه لتحذيرات «أوبك» من نقص الاستثمار في النفط والغاز.

ومع ذلك، ليس هذا الجدل قوياً بشكل خاص. فسيكون نقص النفط والغاز موضع ترحيب كبير لكل من «إكسون» و«أوبك». فالنقص في الامدادات يميل إلى دفع الأسعار للارتفاع، وارتفاع الأسعار يعني دائماً أرباحاً أكبر كما رأينا في 2022. لكن الشيء الآخر الذي يؤدي إليه النقص الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وهذا لن يكون موضع ترحيب بالنسبة لشركات كبيرة مثل إكسون - ومن هنا جاء التحذير، وهو تحذير قاتم.

وقالت الكاتبة إنه وفقاً للشركة العملاقة، فإن إنتاج النفط العالمي يواجه تراجعاً طبيعياً بمعدل نحو 15 في المئة سنوياً على مدى الـ 25 عاماً المقبلة. وللمقارنة، ترى وكالة الطاقة الدولية، أن معدل التراجع الطبيعي سيبلغ 8 في المئة سنوياً.

وتشير «إكسون» إلى أن معدل التراجع الأسرع نتيجة للتحول نحو إنتاج النفط غير التقليدي، مثل النفط الصخري وغيره، حيث يحدث الاستنزاف بشكل أسرع مما يحدث في التكوينات التقليدية.

ولوضع الأمر في صورة ملموسة: فإنه من دون استثمارات جديدة، ستنخفض إمدادات النفط العالمية بأكثر من 15 مليون برميل يومياً في العام الأول فقط، وهذا احتمال مخيف لأن بهذا المعدل، بحلول 2030، ستنخفض إمدادات النفط من 100 مليون برميل يومياً إلى أقل من 30 مليوناً، وهذا أقل بمقدار 70 مليوناً مما هو مطلوب لتلبية الطلب اليومي».

وبتعبير آخر، إذا جفت الاستثمارات في الإنتاج الجديد للنفط والغاز، سيواجه العالم قريباً ليس فقط نقصاً في الإمدادات، بل سيكون أشد نقصاً على الإطلاق. ووفقاً لتقرير «إكسون»، فإن آثار النقص الحاد ستشمل تعطيلاً للحياة اليومية، مع احتمال ارتفاع أسعار النفط بنسبة تصل إلى 400 في المئة، أي ضعف ما ارتفعت إليه خلال الحظر النفطي العربي في السبعينات. وهذا بدوره سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، حيث يمكن أن تصل 30 في المئة.

خارطة طريق

وترى الكاتبة أن وكالة الطاقة الدولية، وبعد وقت قصير من نشرها خارطة طريق للوصول إلى الصافي الصفري في 2021، اعتبرت أن العالم لن يحتاج استثمارات جديدة في النفط والغاز بعد نهاية ذلك العام لأن الطلب على النفط والغاز سيتناقص. وبعد عدة أشهر من انخفاض الإمدادات وارتفاع الأسعار، خرج بيرول بدعوة لشركات النفط والغاز للاستثمار في المزيد من الإنتاج وخفض الأسعار.

وفي تقرير الوكالة عن السوق لشهر أكتوبر 2021، أشارت إلى تزايد الطلب على الطاقة ونقص الإمدادات، وإلى أن «انخفاض السعة الفائضة العالمية، يؤكد الحاجة إلى زيادة الاستثمارات لتلبية الطلب في المستقبل».

مسار أكثر دقة

وترى الكاتبة، أن «إكسون» قد تكون على مسار أكثر دقة من مسار «الطاقة الدولية» وبقية المتنبئين المتشائمين، الذين يركزون على الواردات الشهرية من الخام في الصين وعلى صادرات الوقود. وقد لا تكون الشركة العملاقة مبالغة في التنبؤ بالمستقبل الذي ينتظر العالم، إذا توقفت الاستثمارات في النفط والغاز. واعتبرت أنه «لحسن حظنا جميعاً، لن تتوقف الاستثمارات في النفط والغاز، رغم الدعوات الناشطة والتهديدات من جانب الحكومات لإجبارها على التوقف. فستظل التهديدات مجرد تهديدات، حيث إن أمن الطاقة دائماً ما يتفوق على الأيديولوجيا».