في ظل حكم طالبان، تواجه النساء والفتيات في أفغانستان تحديات غير مسبوقة في الحصول على التعليم.
فرض الحظر على تعليم الفتيات فوق سن 12 عاماً قد غيّر مسار حياة الكثيرات، محولاً أحلامهن وطموحاتهن إلى واقع قاس من القيود والحرمان.
ويسلط تقرير لشبكة «سي ان ان» على مبادرات سرية وجهود دولية، تساعد النساء والفتيات في السعي وراء التعليم، لضمان مستقبل أفضل للأفغانيات في وجه الاضطهاد.
خاور واحدة من الفتيات اللائي تحولت خططهن الحياتية، من طموح دراسة الطب إلى روتين يومي شاق ومليء بالأعمال المنزلية.
وبالرغم من هذه الظروف اليائسة، لم تستلم الشابة خاور لواقعها، إذ تدرس سرا عبر الإنترنت للحصول على شهادة في العلوم الصحية من جامعة أميركية توافر تعليما مجانيا للاجئين والنساء.
وردت الشابة على أسئلة شبكة «سي ان ان» عبر رسائل نصية، مستخدمة اسم «خاور» المستعار وذلك لأسباب أمنية، وقالت «أيامي مختلفة جدا عما كانت عليه من قبل، وآمل أن يتغير كل شيء يوما ما».
وتدرس الشابة البالغة من العمر 22 عاما سرا للحصول على درجة في العلوم الصحية من خلال جامعة الشعب، وهي جامعة غير ربحية عبر الإنترنت مقرها الولايات المتحدة تسمح للاجئين في جميع أنحاء العالم، والنساء مثل خاور، بالدراسة مجانا.
إلى جانب المدارس عبر الإنترنت، تتصاعد الجهود الدولية لتعليم الفتيات المراهقات والنساء، اللواتي يكدن يكنّ محاصرات في منازلهن من قبل نظام يراهن كطبقة خاضعة.
وتجرى بعض الدروس في مواقع سرية داخل أفغانستان، والبعض الآخر عبر الإنترنت، على الهواتف والتلفزيون والراديو.
ويديرها أشخاص مختلفون، لكنهم جميعا مصممون للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفتيات والنساء الأفغانيات.
«مركز أمل»بالنسبة للمعلمين، تعد نشر المعرفة ضرورة ملحة. فهم يدركون أن مجتمعا متعلما، خاصة من النساء والفتيات ذوات المهارات والعزيمة، يصعب التلاعب به. وهذه الشبكة السرية من المتعلمات قد تشكل نواة لقيادة البلاد مستقبلا، وفقا لما نقلته الشبكة.
عرفان الله عابدي، أفغاني لجأ إلى أستراليا بعد انسحاب القوات الأميركية، أطلق مبادرة تعليمية سرية في أفغانستان.وبعد إحباطه من فشل الحملات الإلكترونية في إقناع طالبان بإعادة فتح مدارس الفتيات، أسس بحلول فبراير 2023 نحو 15 فصلا دراسياً سريا في أنحاء البلاد.
وتعمل هذه الفصول بنظام فريد، حيث يمثل كل طالب حاضر مجموعة من 4-5 طلاب آخرين لأسباب أمنية.
ورغم سهولة إيجاد معلمات بسبب حظر طالبان على تدريس النساء للأولاد، إلا أن «تجنيدهن» ليستوفين المتطلبات الأمنية الصارمة يشكل تحدياً.
ويكشف عابدي، أن «الأمن يأتي على رأس الأولويات، حيث يتم إلغاء الفصول فورا عند أي اشتباه بخرق أمني».
ويصف هذه الفصول بأنها أكثر من مجرد مراكز تعليمية، مشيرا إلى أنها «مراكز أمل وصمود» حيث ترى الفتيات مستقبلهن وتشكلنه.
ويعتبر أن هدف طالبان من منع تعليم الفتيات هو إبقاء الأجيال القادمة جاهلة وقابلة للتلاعب، مما يؤكد أهمية هذه المبادرات التعليمية السرية في مقاومة هذه الأيديولوجية.
بث إذاعيوبعد ثلاث سنوات من سيطرة طالبان على الحكم، تقدر اليونسكو أن 1.4 مليون فتاة محرومات من التعليم الثانوي في أفغانستان.
كما انخفض عدد طلاب المدارس الابتدائية بسبب نقص المعلمين الذكور والظروف الاقتصادية الصعبة التي تدفع الأسر لإرسال أطفالها للعمل بدلاً من الدراسة.
لمواجهة هذا الوضع، أسست رائدة الأعمال الأفغانية حميدة أمان منظمة بيغوم للمرأة (BOW) في نهاية عام 2020. تبث المنظمة دروسا إذاعية وبرامج صحية ونفسية للنساء في معظم أنحاء أفغانستان، رغم مواجهة صعوبات في بعض المناطق المحافظة.
وبالإضافة إلى البث الإذاعي، تقدم أكاديمية بيغوم دروسا عبر الإنترنت مصورة في استوديوهاتها بباريس.وتغطي هذه الدروس مواضيع متنوعة وتقدمها نساء، وهو أمر غير مسموح به في أفغانستان حاليا. كما تعمل قناة بيغوم التلفزيونية على توفير محتوى ترفيهي لجمهورها، استجابة لطلبات المشاهدين الذين يسعون للترفيه وسط الظروف الصعبة.