أسس الدنماركي جان أوبيرغ مع زوجته كريستينا سبانر، مؤسسة «عبر الوطنية من أجل المستقبل والسلام» TFF. وهو ناشط مشهور عالمياً في مجال أبحاث السلام.

وله تحليل دقيق لواقع حال الإمبراطورية الأميركية التي تحاول الهيمنة على العالم يقول فيه «إن الولايات المتحدة الأميركية التي ترى نفسها إمبراطورية آيلة للانهيار. ولا توجد إمبراطورية للأبد لأن جميع الإمبراطوريات قد انهارت. والولايات المتحدة اليوم مثل التايتانيك، والغرب عبارة عن مطاعم في التايتانيك، بينما تتدفق عليهم المياه من جميع النوافذ. والطريقة الوحيدة التي تتبعها الولايات المتحدة في الهيمنة هي استخدام أساليب الخداع، والأكاذيب، والروايات، والعسكرة.

وأرى أن الولايات المتحدة تسير في نفس طريق الاتحاد السوفياتي السابق في عسكرة نفسها حتى الموت، وهي لا تتبع الأسلوب الديبلوماسي، بل تضخ الأسلحة في كل مكان وهو المجال الوحيد الذي تجيده. ولا يمكن لأي دولة أن تبقى حيّة معتمدة على جانب القوة العسكرية، إذا بقيت ضعيفة سياسياً، حيث ستضعف اقتصادياً، وسيكولوجياً، وستصبح ضعيفة من جانب القانون الدولي والشرعية، وستسلك طريق الانهيار.

والدولة القويّة تتمتّع بمستوى رفيع في جميع مؤشرات القوة، ولا تفرّط بأي واحد منها بترجيح مؤشر العسكرة، وإهمال البقية.

يمكنك القول إن الولايات المتحدة تملك (مجمّعاً عسكرياً - صناعياً - إعلامياً وأكاديمياً)، وهي النخب التي تتبادل المنافع المشتركة في ما بينها، التي تعتمد على إنتاج الأسلحة وبيعها واستخدامها في تدمير البلدان وإعادة بنائها مرة أخرى، لكن هذه النخب ليس لديها منافع مشتركة مع شعوب تلك البلدان.

وهم خارج الرقابة الديموقراطية كما اعترف بذلك الرئيس دوايت أيزنهاور أثناء إلقائه خطاب الوداع عام 1961، وهو خطاب مشهور من رئيس كان جنرالاً في الجيش، أشار فيه إلى أن الولايات المتحدة «طورت مجمعاً عسكرياً صناعياً، ونحتاج إلى وضعه تحت السيطرة الديموقراطية، حتى نبقى ديموقراطيين».

يسترسل أوبيرغ بأن «العسكرة تهدد الإعلام المفتوح وديموقراطيتنا في الغرب، فكل شيء موجّه للحرب والعسكرة، ولا يوجد من يتوقف للتفكير بالنتائج طويلة الأمد المترتبة على ضخ الأسلحة وعدم حل الصراعات، وعليك التمعّن في ما يحدث في إسرائيل التي تمتلك ترسانة أسلحة ضخمة وأسلحة نووية، وتتمتّع باتفاقية تسليح خاصة مع الولايات المتحدة تقدّر بخمسة مليارات دولار سنوياً، ولاتزال الولايات المتحدة تضخ أسلحة لإسرائيل.

إنه مجتمع مريض، وطريقة مريضة في التفكير، وكل هذا يتعلّق كما قلت بالحلم غير الواقعي أو الوهم القائل إن القضاء على روسيا سيساعد على تكريس موارد (حلف) الناتو وتوجيهها للحرب الباردة، ومواجهة الصين. الناتو اليوم يعتبر الصين تهديداً لهم لأنها تختلف عن دوله، ولديها مصالح تختلف عن مصالحها، أي أن كل من يختلف عنها فهو عدو لها.

وعلى هذا الأساس فإن المجمّع العسكري يعيش على مأدبة إيجاد أعداء، لأنه إذا لم تخلق أعداء، أو لم تسمّهم، لن تستطع شرعنة تطوير الأسلحة، وعليه فإن المجمّع العسكري - الصناعي - الإعلامي - الأكاديمي سينهار. وعند اللحظة التي ينهار فيها هذا المجمّع، فإننا نستطيع التفاهم مع بعضنا كبشر».

أوبيرغ وضع النقاط على الحروف، ولعلّه يفسّر «حرب الإبادة» التي تشنّها عصابة المرضى الأميركية والأوروبية والصهيونية على سكان غزة المحاصرين.