قبل بضعة أيام وأنا أتصفّح التواصل الاجتماعي، رأيت موضوعاً ساخراً عبارة عن صورتين، الأولى لجهاز لاب توب وُضع شريط لاصق على الكاميرا الموجودة في شاشته، والصورة الأخرى لهاتف محمول مع كاميرته الأمامية، والرسالة واضحة أن الانسان يخشى مراقبته من جهة في حين هنالك جهات أخرى عديدة تستطيع مراقبته عن طريقها.

يتحدّث الناس كثيراً عن مقدرة الهاتف المحمول أن يستمع لمحادثة لك أنت وصديقك في العمل مثلاً، وبعدما تدخل في برامج الهاتف تجد خيارات متاحة متعلقة بالموضوع الذي دار بينك وبين زميلك فقط، ويحذّر الكثيرون عند قيامك باستخدام تطبيق معين، فيجب عليك أن تسأل عن أمان هذا التطبيق.

الأستاذ محمد الرشيدي، هو أحد المتخصصين والمجتهدين في الأمن السيبراني والمتواصل باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي ليشرح للناس كل تحديث في الهاتف أو تطبيق ما، أو وجود ثغرات معينة، أتابعه باستمرار للاستفادة، فأنا لا أملك الخبرة في هذا المجال، وما أستغرب منه هو قيام التطبيقات بوضع خاصية التتبع وأحياناً خريطة يرى الناس من خلالها أين مكانك.

من الجميل أن يعي الناس أن ليس عليهم بأن يوضحوا موقعهم خلال الأربع وعشرين ساعة، وأنه من خصوصيات الفرد، وفي الوقت نفسه، ألا يصل لمرحلة الهوس.

في يوم وكنت أصور في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي جاءني اتصال مباشر من أحد الناشطين، وظننت أن اتصاله ليسلّم عليّ، ولكنه قال إنني يجب أن أصور الفيديو وأحتفظ به أولاً وعند رحيلي من المكان أقوم بنشره، سألته عن السبب فأجابني ألا يجب أن يتتبعك الناس، ضحكت وقلت له «نحن في الكويت، الحمد لله أمان ولم أسمع يوماً عن مهووسين بفنان معين أو شخصية معينة يقوم بمراقبتها»، لا نسمع عن تلك الأمور سوى في الخارج ومع فنانة شهرتها عالمية، استغربت من حواره بصراحة ولم أعد أناقشه بعد هذا الاتصال، بل وقمت بحذفه من الأصدقاء المتابعين لي.

لا أنكر وجود برامج تجسّس عديدة، بل إن العديد من الناس من يستهينون بأنفسهم بأن يقولوا «من نحن كي يراقبونا؟»، ليس من الضروري أن يكون الموضوع شخصياً، لكن وبعد انتشار مواقع الظلام واستهانة دم البشر باختيارهم عشوائياً، لمجرد تكوين مبالغ مالية كبيرة، واستغلال الناس لصنع الحوادث والمشاهدات والمال، لا أعتقد أن باستطاعتنا تغيير الكثير من الأمور لكن على الأقل ألا نكون ساذجين ونعي تماماً ما يدور حولنا وإن لم يحدث أي ضرر لنا حتى الآن.