أثبتت شركات وكيانات عديدة مدرجة في البورصة وخارج أسوارها، قدرتها على مواجهة الأزمات بالاعتماد على نماذج أعمال متينة، حققت عن طريقها نجاحات محلية وإقليمية مشهودة.

وفي حرصها للمحافظة على مراكزها المالية التي تحظى بثقة المؤسسات العامة والخاصة بما في ذلك البنوك المحلية، فإن هذه الشركات تفضل العمل برأسمال ملائم لحل قضاياها، عوضاً عن إثقال الكاهل بمبالغ قد لا تكون في حاجة لها.

توجهات جريئة

وظهرت في الآونة الأخيرة توجهات جريئة من بعض الشركات لخفض رؤوس أموالها لعدم الحاجة، لتودع شركات تشغيلية لها حضورها المؤثر مقدار الخفض بحسابات مساهميها وفقاً لحجم الملكية مع استمرار الاستفادة من بقية رأس المال.

وقد يرى البعض تخفيض رأس المال أمراً سلبياً، لكن السواد الأعظم من رواد السوق يرون فيه إيجابيات تُقاس من خلال القدرة على تحقيق المزيد من المكاسب والأرباح والعوائد لمساهمي تلك الشركات.

ورغم أن تخفيض رأس المال يتعلق بتخفيض حقوق المساهمين في الشركة من خلال إلغاء الأسهم أو إعادة شرائها، إلا أن الشركات تقوم بالعملية أحياناً لزيادة القيمة السوقية الخاص بالمساهمين، أو لتقديم هيكل رأسمالي خاص بالشركة أكثر كفاءة، أو لشطب الخسائر المتراكمة من القوائم المالية.

وإحياء توجهات مثل هذه، يندرج تحت مظلة عدم الحاجة لأموال كبيرة للقيام بمهام أو الدخول في استثمارات لا تتطلب رأسمال كبيراً، فضلاً عن حرص تلك الشركات على خلق كيان «رشيق» يفي بالغرض ويدعم استمرارية منح العوائد النقدية الفصلية والسنوية لمساهميه.

أسباب الخفض

وتتمثل أسباب تخفيض رأس المال في بعض الأمور الرئيسية، منها على سبيل المثال توفير هيكل رأسمال أكثر كفاءة، في الوقت الذي تستغل فيه شركات بعينها عملية الخفض لشطب الخسائر المتراكمة من القوائم المالية، تقوم الشركة بتحويل جزء من رأس المال يساوي قيمة الخسائر المتراكمة إلى بند «الخسائر المتراكمة» لتصفيره.

ولعمليات خفض رؤوس الأموال لعدم الحاجة الكثير من الإيجابيات، منها:

- تحسين هيكل رأس المال: حيث يتم تخفيض نسبة الدين إلى حقوق الملكية، فيما يعزز الأمر من قدرة الشركة على تمويل عملياتها دون الاعتماد بشكل مفرط على القروض، ما يقلل من مخاطر الإفلاس أو الضغوط المالية.

- تحسين ربحية السهم: عند خفض رأس المال، يتم تقليل عدد الأسهم القائمة، ما يؤدي إلى زيادة ربحية السهم (EPS). هذه الزيادة تعكس أداءً أفضل للمساهمين وتزيد من جاذبية الشركة في أعين الأوساط الاستثمارية.

- دعم سعر السهم: الخفض يمكن أن يؤدي إلى تحسين سعر السهم في السوق، حيث تعكس هذه الخطوة التزام الإدارة بتحسين العوائد للمساهمين.

-تعزيز الثقة في الشركة: الخفض إشارة إيجابية على أن الشركة تدير رأسمالها بكفاءة وتبحث عن تحسين عوائد المستثمرين، فيما تزيد من ثقة المساهمين الحاليين والجدد الباحثين عن فرص مواتية لتوجهاتهم.

- تحسين توزيع الأرباح: عند تقليل عدد الأسهم، عقب توزيع الفائض من رأس المال يمكن أن تزيد الشركة من قيمة الأرباح الموزعة لكل سهم من أسهمها، ما سيجذب الباحثين عن عوائد نقدية منتظمة من استثماراتهم.

- تسهيل عمليات الاندماج والاستحواذ: خفض رأس المال يمكن أن يجعل الشركات أكثر جاذبية لعمليات الاندماج أو الاستحواذ، خصوصاً في ظل إظهار كفاءة أعلى في إدارة مواردها.

- مرونة مالية: يوفر للشركة مرونة مالية أكبر لمواجهة التقلبات الاقتصادية والمالية، ما يساعدها على التكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة في السوق.

-استثمارات أكثر ربحية: الخفض يدفع الشركة لتوجيه مواردها نحو الاستثمارات والمشاريع التي تدر عوائد أكبر، بدلاً من تبديد رأس المال في استثمارات غير مجدية، في ما يساعد كذلك على استغلال الفرص الإستراتيجية في السوق، مثل الاستحواذ على شركات صغيرة أو توسيع نطاق الأعمال، يزيد من فرص نمو الشركة على المدى الطويل.

التوقيت المناسب للتخفيض

خفض رأس المال (إذا كانت هناك ضرورة وتوافرت العوامل الداعمة للفكرة) له أوقاته المناسبة، بعد تحليل دقيق للوضع المالي والأهداف المستقبلية، وفق المعايير والضوابط.

وعندما يكون رأسمال الشركة فائضاً ولا يستثمر بكفاءة، فإن الخفض سيكون خطوة حكيمة لإعادة توزيع الفائض على المساهمين بفعالية أكبر.

وإذا حققت الشركة أرباحاً كبيرة وتريد مكافأة مساهميها مباشرة، فإن الخفض وتوزيع العوائد سيكون طريقة فعالة لتحقيق ذلك.