أنجبت الحضارة الإسلامية علماءَ أجلاء، ابتكروا علوماً مختلفة، ولهم إنجازات عظيمة أدهشوا العالم بها كالطب والهندسة والكيمياء وغيرها، أسّسوا تلك العلوم والتخصصات التي يستند عليها علماء الغرب الذين ظهروا وبرزوا وكأنهم هم المؤسسون، حيث طوّروها وذاع صيتهم في العالم، وصرنا نعظّمهم اليوم، وننسى أنَّ علماء ومفكري الإسلام هم الأصل؛ فهم الذين ألّفوا الكتب والمجلدات الطبيّة والعلميّة والهندسيّة.

ومن أشهر وأعظم علماء المسلمين: العالم أبو بكر الرازي، فهو من أهم الأطباء، وقد اشتهر برسائله في الأمراض، وفي فروع متنوعة من الطب، والعالِم الشهير ابن سينا، وهو من أكثر الشخصيات المؤثرة في مجال الطب في العالم الإسلامي وأوروبا، كانت كتبه ودراساته تُدرّس في جامعات أوروبا، وله إسهامات في مجالات أخرى، كالفيزياء وغيرها، وعالم الطب أبو القاسم الزهراوي، الذي يُعرف بـ«عميد الجراحين»، وهو من أعظم الجرّاحين، ومن أوائل المخترعين للكثير من الأدوات الطبيّة التي تستخدم حتى وقتنا الحالي، وعلماء الكيمياء وأعظمهم العالِم جابر بن حيّان، الذي أطلقَ عليه لقب: «أبو الكيمياء»، فهو من وضع عِلم الكيمياء بالشكل المكتمل، وبرعَ في علوم أخرى منها الفلك والهندسة والطب، والعالم ابن رشد، وهو فقيه مالكي، وقاضي القضاة في زمانه، وكان فيلسوفاً، حيث كانت أفكاره ترتكز على أنّ الفكر الإسلامي والفلسفة لا يتعارضان، ولكل من هؤلاء مؤلفات وكتب وأبحاث تُرجم الكثير منها إلى لغات أخرى.

يتحتم علينا إعادة إحياء ذكرى هؤلاء العباقرة حتى يظلوا بارزين تفتخر بهم أُمتنا وجيلنا الذي يجب أن يدرّس سيرة وأعمال تلك الشخصيات فتكون ضمن مناهج الأولاد بمستوى يناسب كل الأعمار، حتى يعلم كل شاب مستوى تاريخ الإسلام المشرف، وأن يُنشر تاريخهم بوسائل أخرى كالبرامج التلفزيونية والأعمدة الصحافية بعرض سلسلة لمجموعة من العلماء تظهر إنجازاتهم؛ فقد وصلنا إلى مرحلة نسيان أسمائهم، ومن تذكّر الأسماء قد لا يعرف مستواهم وابتكاراتهم وجهودهم... حتى ظن بعض أفراد المجتمع والبسطاء أن ما ذُكر من علوم عظيمة لا يُنسب لهم، ولم يكن لتلك العلوم وجود في زمانهم، وإنما هي من إنجازات الغرب!

يجب أن تصل الحقيقة إلى الجميع خصوصاً مجتمعنا الذي نسيهم، والذي يجب أن يفتخر بهم وباجتهاداتهم وعلومهم، فلا يستقيم لأمة الإسلام العالية بعلومها الشرعية والعلمية، أن تهمل أشهر القدماء من علمائنا، وما بَنَوه من تخصصات علمية، فمعرفة العالَم كله بمن جمع العِلمَين ترفع وتعز تاريخنا الإسلامي.