سوق «مرشد» في دبي، أحد أشهر وأقدم الأسواق في الإمارة وأكثرها شعبية وإقبالاً، زاره الكثيرون أو سمعوا عنه، لكن قلة قليلة تعرف أن اسم السوق مأخوذ من أحد رجالات الكويت البارزين الذين حققوا نجاحاً كبيراً في مجالات الأعمال التجارية والعقارية والصناعة ومختلف ميادين الشأن العام، وهو الكويتي مرشد العصيمي.

ولا بد من الوقوف كثيراً عند شخصية مرشد العصيمي الذي ترك بصمة واضحة في تاريخ دبي والإمارات، وفي العلاقات الأخوية الكويتية - الإماراتية.

ففي كتابه «قصتي»، سرد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد 50 قصة من حياته العامة والخاصة، وأفرد فصلاً كاملاً عن الكويت أسماه «غزو الشقيق» تناول فيه العلاقة المتميزة بين الشعبين الشقيقين، وذكر فيه شخصية كويتية واحدة بالاسم فقط هي مرشد العصيمي، ضمن عرضه لأمثلة التعاون بين البلدين، في مرحلة ما قبل نشأة اتحاد الإمارات، بحسب تقرير لوكالة «كونا».

ويقول الشيخ محمد بن راشد في كتابه إن «مرشد العصيمي ليس شخصية سياسية أو رسمية بل شخصية اقتصادية، مارست عملها التجاري في دولة الإمارات، ولازمت قيادتها وشعبها خلال فترة الأربعينات وما بعدها، وكان نموذجاً مثالياً للتاجر الكويتي الذي حقق النجاح في عمله وتجارته بأمانته وريادته».

مكانة خاصة

وممن أتوا على ذكر التاجر مرشد العصيمي أيضاً الأكاديمي والصحافي الأميركي كريستوفر ديفيدستون صاحب كتاب «دبي..النجاح غير المحصن» الصادر باللغة الإنكليزية عن مطبعة جامعة كولومبيا في نيويورك عام 2008 وترجمه إلى العربية فضل سالم، تحت عنوان«دبي... للنجاح ثمن».

ويقول المؤلف الأميركي عن العصيمي إنه تاجر كويتي استطاع أن يبني لنفسه ثروة في خمسينات القرن العشرين من خلال استيراد المواد الغذائية وتسويقها، في زمن كانت المنطقة فيه تعاني نقصاً شديداً في هذه المواد، الأمر الذي جعله يحظى بمكانة اقتصادية ووجاهة اجتماعية في دبي، معطوفة على منزلة خاصة لدى الحاكم آنذاك المغفور له الشيخ راشد بن سعيد.

وأضاف أن الشيخ راشد بن سعيد اختار العصيمي كأحد جلسائه وضمه إلى مجموعة مستشاريه بل وأوكل إليه أيضاً مهمة فض المنازعات التي كانت تتم تسويتها في تلك الأيام من خلال محاكم خاصة تعقد داخل منازل الأعيان والوجهاء كمنزل العصيمي.

رائد الترفيه

وجاء في مقال نشرته صحيفة «الاتحاد» الإماراتية في 16 أبريل ‏2015، أن سكان دبي عرفوا السينما كطقس اجتماعي في الخمسينات من القرن الماضي عندما أنشأ العصيمي أول دار عرض سينمائي وأطلق عليها (سينما الوطن) لتتشكل بذلك أول ملامح الترفيه البصري وسط بيئة عمرانية ناهضة.

كما عرف العصيمي في دبي باسم «أبوالمعلمين» فالكويت عندما أرادت في أواخر الخمسينات والستينات أن تقدم مساعدات في الخدمات التعليمية إلى إمارات ساحل الخليج، لم تجد أفضل منه ليقوم بالمهمة خير قيام حتى تم إنشاء«الهيئة العامة للخليج والجنوب العربي»، وهي هيئة كانت عبارة عن جهاز مستقل مرتبط بوزارة الخارجية الكويتية، وأسست في مطلع الستينات بهدف بناء المدارس والمعاهد والمستشفيات والمستوصفات في اليمنين الشمالي والجنوبي وفي البحرين وجنوب السودان ومشيخات الساحل المتصالح، كترجمة لقناعة حكام الكويت بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية إزاء دول المنطقة الأقل نمواً.