«لم يعد ترفاً، ولا يحتمل التأجيل»... هذه رؤية عدد من الخبراء والناشطين البيئيين في ملف التشجير، الذين يؤكدون في الوقت ذاته، أن تشجير الكويت من شأنه أن يخفض درجات الحرارة بها إلى قرابة 10 درجات مئوية، في ظل الارتفاع الشديد في معدلات الحرارة وتنامي تأثيرات الاحتباس الحراري.

الخبراء والناشطون شددوا في حديثهم لـ«الراي»، على أن «الأشجار التي تتم زراعتها يجب أن تكون متوائمة مع البيئة الكويتية، وتكون قليلة الاستهلاك للمياه»، مشيرين إلى أن ثمة تجارب ناجحة لدول الجوار في هذا الصدد، بالاضافة إلى تجارب عالمية أخرى في أميركا (ولاية أريزونا) والمكسيك.

وفيما اعتبروا أن للتغيرات المناخية طبيعة دورية من التبريد والاحترار، شددوا على أن الرقع الخضراء تقلل التلوث الصناعي، بتحويل الكربون إلى أكسجين، مؤكدين أن درجات الحرارة تكون أقل في المناطق الزراعية، داعين إلى تكثيف زراعة الاشجار وزيادة الغطاء النباتي لزيادة المساحة المظللة في البلاد.

سامية الدعيج: التشجير يساهم في زيادة الحركة وتقليل الأمراض

أكدت المستشارة البيئية سامية الدعيج، أن التشجير يساهم في خفض درجة الحرارة، وأي ظل يساعد في ذلك لأننا لا نملك أماكن مظللة كافية، وثمة تجارب مشابهة أُجريت في ولاية أريزونا في أميركا، فضلاً عن تجارب دول أخرى في مناطق شهدت مشاكل صحية، وعند زيادة التشجير أصبح هناك حركة أكثر، وانعكس ذلك إيجاباً على الصحة، وانخفضت الحرارة من 3 إلى 5 درجات، والبعض يطرح بأن التشجير يقلل درجات الحرارة لـ 10 درجات، وهذا كله يعتمد على عوامل كثيرة.

وبينت أن التشجير جزء من منظومة كاملة يمكن تبنيها كدول صحراوية قبل أن تشتد الحرارة مع التغيرات المناخية، فهو جزء من الحل وليس الحل كله، مشددة على أهمية أن يتم اختيار أشجار تتحمل قلة المياه مثل الصفصاف والسدر، مع استخدام أساليب الزراعة التي تقلل من استهلاك المياه.

مبارك الهاجري: للتغيرات المناخية طبيعة دورية من التبريد والاحترار

اعتبر أستاذ الجيولوجيا في جامعة الكويت ورئيس الجمعية الكويتية لعلوم الأرض الدكتور مبارك الهاجري، أن الأرض تشهد حالياً تغيرات مناخية سريعة وملحوظة، ما أثار نقاشات واسعة حول أسباب هذه التغيرات وما إذا كانت ناتجة عن النشاط البشري، أم جزءاً من دورات طبيعية للمناخ.

وأضاف أن الأدلة الجيولوجية تعتبر أحد أهم الوسائل لفهم تاريخ الأرض المناخي، حيث توافر لنا سجلاً طويل الأمد، يمكن من خلاله دراسة أنماط التغير المناخي الطبيعي، وثمة أدلة جيولوجية تشير إلى أن التغيرات المناخية تحدث على مدى عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف من السنين، والأدلة الجيولوجية من طبقات الجليد والرواسب البحرية، تدعم تأثير هذه الدورات على المناخ العالمي.

وزاد قائلاً «شهدت الأرض فترات متعددة من العصور الجليدية، وهي فترات زمنية امتدت لملايين السنين، ساد فيها انخفاض شديد في درجات الحرارة وتوسع الأغطية الجليدية. وتكشف الرواسب الجليدية في مناطق مختلفة من العالم، عن وجود دورات من التبريد والاحترار على مدى ملايين السنين، ما يشير إلى طبيعة دورية لهذه التغيرات المناخية».

وتابع «تشير تحاليل الجليد القديم إلى تقلبات كبيرة في مستويات ثاني أكسيد الكربون على مدى مئات آلاف السنين، وهذه التقلبات تتزامن مع تغيرات مناخية كبيرة، ما يشير إلى أن مستويات ثاني أكسيد الكربون، تأثرت بعوامل طبيعية على مر الزمن.

فهد العتيبي: الحرارة أقل

في المناطق الزراعية

أكد خبير الأرصاد الجوية فهد العتيبي، إن التشجير يساعد على خفض الحرارة في المدن ما بين 4 إلى 8 درجات مئوية، من خلال عملية تعرف باسم التبريد.

وذكر أن توافر أشجار الظل يساعد على خفض درجات حرارة السطح عن طريق تقليل كمية ضوء الشمس المباشر الذي يصل إلى الأرض، بالإضافة إلى أن الأشجار تطلق بخار الماء من خلال عملية تسمى التبخر، والتي يمكن أن تزيد من تبريد الهواء.

وأوضح أن درجات الحرارة، قد تكون في بعض المناطق أعلى منها في المناطق الزراعية المحيطة بها، بسبب الأنشطة البشرية مثل المباني والطرق والبنية التحتية الأخرى، التي تمتص الحرارة وتحتفظ بها، ويمكن أن تساعد الأشجار في تخفيف هذا التأثير من خلال توفير الظل، وتبريد الهواء من خلال التبخر، وتقليل كمية الأسطح الممتصة للحرارة مثل الأسفلت والخرسانة.

وشدد على أن «من المهم جدا اختيار نوع الأشجار ووضع خطة مستقبلية لتشجير المناطق بأكملها خلال السنوات المقبلة.

وذكر أنه «وفقاً لدراسة لمنظمة الأرصاد العالمية، فإن درجة الحرارة فوق المعدل بـ 1.5 درجة مئوية، بسبب الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون والأنشطة البشرية والمصانع والسيارات، ونحن مقبلون على ارتفاع في السنوات المقبلة إلى 2.9 درجة مئوية حول العالم، اذا لم تكن هناك وقفة جادة مع التغيرات المناخية وحلول صريحة، فالتشجير الحل الأسرع للمناطق الداخلية والأقرب حتى تكون الكويت خضراء».

عبيد الشمري: اختيار نوعية أشجار

تتحمّل الحرارة المرتفعة

رأى الناشط الزراعي عبيد الشمري، أن التغير المناخي الحاصل بفعل كثرة المصانع والبنايات، واستهلاك الكهرباء وأسفلت الطرق، رفع معدل درجات الحرارة، والزراعة هي أكثر عامل يقلل درجة الحرارة.

وبين أن التصحر يزيد في الكويت، بسبب التوسع السكاني والمناطق الجديدة، ليس بها حدائق عامة، والاستدامة في الزراعة من شأنها أن تخفض الملوثات وتقلل درجات الحرارة وتزيد نسبة الرطوبة، مع ضرورة اختيار نوعية أشجار تتحمّل درجات الحرارة، لافتاً إلى أن العالم كله يشتكي من تغيرات المناخ، ودول مجاورة بدأت خطوات ناجحة في هذا الطريق.

وشدد على أنه لا بد من عمل مصدات رياح من الأشجار في الحدود الشمالية، ونأمل أن يتم أخذ هذا الملف بعين الاعتبار.

سعد الحيان: الحل في أشجار الظل

وزيادة الغطاء النباتي

قال الناشط البيئي سعد الحيان، أن ارتفاع درجات الحرارة يساهم بارتفاع تلوث الهواء، ولذا فإن التشجير وزيادة الغطاء النباتي ضرورة ملحة لتوفير جودة حياة للإنسان، وأوصي بسرعة زراعة أشجار الظل المستدامة لتخفيف آثار الحرارة والتلوث.

وتابع «نحتاج مشاريع لزراعة ملايين الأشجار المناسبة لأجوائنا في البر والشواطئ، لتقليل تلوث الهواء والتقليل من حرارة الجو، حيث تقوم الأشجار بامتصاص مسببات التلوث وتخزينها في أوراقها وأغصانها، وحجب أشعة الشمس بشكل كبير جداً، وخفض درجات حرارة بمعدل تقريباً من 4 الى اكثر من 10 درجات ما يسهم في تقليل الحرارة التي تصل للأرض وبذلك تغير حرارة الهواء ويخفف تلوث الهواء».

بدر العميرة: تقليل التلوث الصناعي

بتحويل الكربون إلى أكسجين

اعتبر الفلكي بدر العميرة، أن «التشجير يقلل التلوث الصناعي، من خلال امتصاص الأشجار للكربون، وتحويله إلى الأكسجين، ما يخفف من الاحتباس الحراري، ويؤدي الى انعكاس حرارة الشمس، وانخفاض حرارة الجو درجات مئوية عدة على سطح الارض، وتكون دورة الحياة والبيئة صالحة للعيش، ولا نشهد مثل هذه الظواهر الجوية الغريبة، التي تهدد وجودنا وتجعل الارض غير صالحة للحياة في السنوات المقبلة.