من البنوك مروراً بالشركات وانتهاء بالقطاع الصناعي، عقد مسؤولون في الهيئة العامة للقوى العاملة أخيراً، جولة لقاءات مع ممثلي معظم قطاعات الأعمال كل على حدة، وذلك في مسعى حكومي لاستكشاف ما إذا كان بإمكان الشركات زيادة نسبة التوطين في حال تقرر رفع المعدل عن المطبق حالياً؟ مع تحديد المعوقات التي تعرقل كل جهة عن تحقيق المستهدف منها؟

وفي هذا الخصوص كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي» أن المتغير الذي طرأ على التحرك الحكومي نحو ملف التكويت هذه المرة محاولة استمزاج آراء القطاع الخاص في تحديد المعوقات التي تعرقل من وجهة نظره جهود زيادة منسوب التوطين، وليس مجرد إبلاغ الشركات بزيادة نسبة الكويتيين والطلب منها التنفيذ كما درج التقليد في خطط الحكومات السابقة، مفيدة بأن مناقشات مسؤولي «القوى العاملة» عكست رغبة حكومية حقيقية في الاستماع إلى وجهات نظر كل قطاع بهذا الشأن.

نسب مقررة

وأوضحت المصادر أنه استقامة مع هذا التتغير لم يتم التطرق في جميع الاجتماعات المنعقدة إلى نسبة عمالة وطنية محددة تستهدف «القوى العاملة» رفعها مستقبلاً، مشيرة إلى أن مفاد السؤال الرئيس الذي وجه لممثلي قطاعات الأعمال، ما الذي يمنعكم من زيادة نسبة التكويت؟ أخذاً بالاعتبار أن النسب المطبقة تختلف من قطاع إلى آخر.

وأشارت المصادر إلى أن ممثلي كل قطاع استعرضوا مع «القوى العاملة» بياناتهم للتكويت، وفرص زيادة النسبة الممكنة ومتطلباتها، فيما قدمت القطاعات غير المستوفية للنسب المطلوبة التحديات التي تواجهها.

وقالت المصادر إن البنوك كانت بين أبرز القطاعات التي كانت حاضرة بقوة في النقاشات المثارة في هذا الخصوص، حيث جرى التأكيد على أن القطاع المصرفي أكبر موظف للعمالة الوطنية بالقطاع الخاص، والأكثر جذباً للخريجين الباحثين عن فرص عمل متميزة، حيث يوظف حسب بيانات رسمية نشرها اتحاد مصارف الكويت نحو 11.2 ألف كويتي حتى نهاية ديسمبر الماضي، ما يعادل نحو 77 في المئة من إجمالي العاملين في البنوك وهي أعلى من النسبة المقررة للقطاع.

وأوضحوا أنه يصعب مصرفياً رفع النسبة المطبقة حالياً لمعدلات كبيرة، لأكثر من سبب يأتي على رأسها تباطؤ المعطيات التشغيلية الفترة الماضية، مضيفين أن العمل في البنوك يسهم في تحقيق طموحات الكوادر الوطنية الشابة، من خلال تشجيعهم على الإبداع والنجاح، فضلاً عن مساهمات القطاع في تأهيلهم وتدريبهم لتواكب التطورات العالمية في الصناعة المصرفية كأحد أهداف التنمية المستدامة.

ونوهوا بضرورة أن يكون هناك ربط بين التعويل على البنوك في استيعاب المزيد من توظيف الكويتيين وتنفيذ مشاريع مستدامة تمكن البنوك من ذلك، لافتين إلى أن البنوك تسهم بشكل غير مباشر في رفع درجة توظيف العمالة الوطنية، من خلال الدور الذي يؤديه في تمويل المشاريع والأنشطة المختلفة، التي توفر فرص عمل للمواطنين، وترفع معدلات النمو في الاقتصاد الوطني.

درجة التوظيف

على صعيد متصل، أوضحت المصادر أن القطاع الصناعي استحوذ على مساحة كبيرة من نقاشات التكويت، وكان السؤال الأبرز لممثليه في الاجتماع، لماذا لا يقبل الكويتيون على القطاع الصناعي، حيث أفاد ممثلو اتحاد الصناعات الكويتية بأنهم حريصون على زيادة نسبة التكويت لكن هناك جملة تحديات تمنعهم من تحقيق هذا المستهدف وفقاً للتوقعات.

وقالوا إن أقوى التحديات التي تعرقل خططهم في هذا المسار يتمثل في قفاز التحدي الذي تلقيه الجهات الحكومية باستمرار في وجه القطاع الخاص عموماً، والمتمثل في سخاء هذه الجهات مع موظفيها، لجهة المزايا والمنح والوظيفية والاجازات، وشرائها، وغيرها من معطيات لا تستطيع الشركات تحملها، ما يدفع غالبية المواطنين لتفضيل العمل الحكومي.

ولفتوا إلى أن بيئة العمل في القطاع الصناعي مختلفة عن مؤسسات القطاع الخاص والحكومي، كون المهن التي يحتاج إليها فنية على خطوط إنتاج وتحتاج لجهد مضاعف، يعزف عنها المواطن الكويتي، لاسيما مع توافر بدائل العمل المريح، إضافة لأسباب اجتماعية وثقافية، تحتاج لوقت وجهد لتغييرها.

وأشاروا إلى معرقل إضافي يتعلق بعدم الالتزام بدعم المنتج المحلي وإعطائه الأولوية الواجبة على المنتجات الأخرى، على عكس دول الخليج التي أقرت أفضلية صريحة ضمن تشريعاتها لمنتجها المحلي على سائر المنتجات الأخرى بما في ذلك الخليجي، مؤكدين أنه كان لذلك عظيم الأثر في تحقيق سياسة التوطين التي تنتهجها تلك الدول، ومن ثم زيادة نسبة توظيف مواطنيها. وأشارواً إلى الحاجة لاقرار مزايا مالية للعاملين بالقطاع الصناعي أو تخصيص كادر مالي لهم بالنظر إلى طبيعة بيئة العمل الطاردة.

واقترح الاتحاد رفع مقترح لمجلس الوزراء بانشاء لجنة تابعة له بعضوية عدد من الوزراء والوكلاء المختصين من بينهم وزير التربية وزير التعليم العالي ووزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء والهيئة العامة للقوى العاملة وديوان الخدمة المدنية وجامعة الكويت والمجلس الأعلى للجامعات الخاصة وغيرها من الجهات ذات العلاقة.

مخرجات التعليم

ولفتواً إلى أن اللجنة تختص بدراسة مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل لتلك المخرجات وتحديد التخصصات التي زادت عن حاجة السوق ووقف الالتحاق بها، وكذلك تحديد التخصصات التي يحتاجها، لاسيما القطاع الصناعي والتوجيه لها، على أن يتم تحديد الجدول الزمني لعمل اللجنة وتقديم التوصيات النهائية لمجلس الوزراء لاتخاذ الاجراء المناسب بشأنها.

ودعا الاتحاد إلى إنشاء نظام لتحفيز الشركات المحققة لأعلى نسب توظيف وإعطائها مزايا من مشاريع وعقود، خدمات استثنائية مع وقف سمات الدخول للعمالة الوافدة للمؤهلات التي يتوفر لشغلها باحثون عن عمل كويتيون في حالة وجود قوائم للشريحة الجادة الراغبة في شغل تلك الوظائف.

ونوهت المصادر بأن هناك توافقاً في قطاع الأعمال على أن انطلاقة مشاريع التنمية تشكل البوابة الرئيسية لزيادة معدلات التكويت في القطاع الخاص، وأنه يتعين ربط أي زيادة بنسبة العمالة الوطنية بحجم الأعمال التنموية المستدامة المنفذة الفترة المقبلة.