الأحلام تكون في كثير من الأحيان وصفاً للأوهام أو للأمنيات التي لا يمكن تحقيقها، لذلك إذا تمنى المرء ما لا يمكن تحقيقه يقال إنه غارق في الأوهام.
لكن بعض الإنجازات العظيمة للأمم كانت عبارة عن أحلام رجال عشقوا أوطانهم فحوّلوا الحلم إلى حقيقة.
لم يمض على استقلال الكويت وقت طويل، مجموعة من أبناء الوطن عاشوا أحلام التنمية والتطوير أرادوا بناء رمز للكويت ومعلم يتماشى مع نهضة استقلالها، فكروا ببناء ثلاثة أبراج فريدة بالشكل بدل بناء برج واحد، وأنجزوا الأبراج الثلاثة بارتفاعاتها الشاهقة في وقت لم يكن هناك مثيل لذلك بالمنطقة.
لقد حوّلوا الحلم إلى حقيقة وبنوا قبل حوالي نصف قرن أبراج أصبحت رمزاً شاهقاً للبلاد.
في باريس، في أواخر القرن التاسع عشر، جاء المهندس الطموح الحالم غوستاف ايفيل، بمخطط لبرج معدني شاهق في باريس، ارتفعت أصوات الاحتجاج من الباريسيين ضد هذا الحلم ببناء برج عالٍ يهتك ستر باريس ويشوه جمالها بجسده الحديدي، لكن في النهاية نجح المهندس ايفيل في بناء البرج في عامين حتى تم افتتاحه في عام 1889 وأصبح رمزاً لباريس، وأحد أهم معالمها وحمل اسم مهندس البرج المهندس الحالم غوستاف ايفيل.
في الكويت، في العقود الماضية، الحديث مكرر وممل حول المشاريع وأرقام الميزانيات العامة للدولة، حديث فيه رتابة وبطء بالقرار قضى على الأحلام. هذا البطء وهذه الرتابة والمحدودية في التفكير المبدع جعل بعض المشاريع شيئاً لا يمكن تحقيقه.
هناك مشاريع كثيرة طموحة لم ترَ النور، لأنه لم يكن هناك رجال حالمون، منها مشروع المترو، ومشروع تطوير المدينة الترفيهية والتي كانت في وقتها عند افتتاحها في منتصف الثمانينات من القرن الماضي مَعلماً فريداً من نوعها في منطقة الشرق الأوسط. وهناك أمثلة كثيرة لم تر النور مثل مشروع خور الديرة ومشاريع تطوير جزيرة فيلكا، والسبب هو أن الأحلام في البلاد أصبحت حبيسة أصحابها.
صحيح أن الكويت الآن تحتاج إلى عمليات إصلاح كثيرة وكبيرة تقضي على ما فسد من أمور في الإدارات الوزارية وفي التنظيم والتخطيط، ولكن إصلاح ما هو فاسد فقط ليس أمراً كافياً، بل مطلوب بشدة استدعاء عنصر الأحلام، وإرخاء الزمام للحالمين لتحويل أحلامهم إلى حقيقة تعود بالكويت أو بالأحرى تقود الكويت إلى مستقبل أزهر.