حلّاق إشبيلية قصة مسرحية كتبها كارون دي بومارشيه، والتي تدور أحداثها في مدينة إشبيلية الإسبانية.

تتحدث عن قصة فتاة يتيمة اسمها روزين، تعيش تحت وصاية طبيب كبير في السن يطمع للاستيلاء على أموالها ما دفعه للتفكير بالزواج منها، وفي الوقت ذاته أحبها أحد نبلاء إسبانيا وهو الكونت ألمافيفا، ولكن لسببين اختلفت مجريات الأحداث؛ الأول سيطرة الطبيب عليها والثاني لأن الشاب النبيل يريد نيل حبها من أجل ذاته لا لأمواله، فآثر التنكر والاستعانة بحلّاق إشبيلية القريب من منزلها، وكأغلب قصص الحب فإن الفتاة البائسة المُسيطَر عليها يرميها «كيوبيد» بسهمه فيخترق حبه قلبها دونما استئذان.

هذا العمل المسرحي حمل في طياته الكثير من الرسائل الهادفة بأسلوب الكاتب الفكاهي المختلف في الطرح لإيصال رسالته؛ ما جعل هذا العمل من أنجح أعماله ورسائله الإنسانية.

أما «حلاق الأندلس»، فهو شاب تركي وسيم اسمه حسين، يعمل في محل عمه الكائن في منطقة الأندلس السكنية وقد اعتدت أن أذهب للحلاقة عنده، ورغم قلة كلامي معه كعادتي وقلة كلامه معي كعادته، فقد سكت دهراً ونطق حِكَماً!

قال: الحمد لله إنني فقير، لأن من يعرفني ويتعامل معي ويتقرب مني ويطلبني إنما يطلبني للموهبة التي منحني الله إياها وهي حلاقتي الممتازة وليس لما أملك من مال، وكذلك هو الحال عندما أصلي فأنا لا تخطر في بالي أموالي وتجارتي وإدارتها، وكيف لي أن أقابل الله بصلاة أفكر فيها بمالٍ أو تجارة فتكون عليّ مغرماً لا مغنماً؟!

حسين الحلاق، رضي بما قسم الله له وقنِع وتكيّف معه.

ألاحظ فكرة سادت عقول مجتمعنا أخيراً، وهي الرغبة العارمة في التجارة لا لتوفير الرزق الحلال وممارسة العمل، أو توفير سلعة بعينها، أو لحاجة مجتمعية، بل لكنز الأموال والعيش بترف!

لعلّ الحلاقةَ من أكثر المهن اهتماماً بتحسين الظاهر، أما الباطن من الفكر والغاية والمقصد فهو توفيق إلهي وجهد شخصي...

أظن أن الكونت، تنازل عن وجاهته ولم يطلب يد روزين، بماله لأنه مدرك تمام الإدراك أن المال سبب لا غاية، واختبأ بزي الحلاق ليتوجه قلبها للحب والحب فقط!

هذا المبدأ تشارك به الحلاّقان؛ حلاق إشبيلية وحلاق الأندلس... وكلاهما أرادَ نيل الود من دون مصلحة.