لقد مثل إلغاء مشروع مترو الكويت خيبة أمل كبيرة لجميع السكان في البلاد، فأزمة ازدحام السيارات اليومي أزمة متفاقمة، لا يبدو أن هناك حلولاً لها من دون تطوير وتنويع وسائل النقل، خصوصاً النقل الجماعي.

وقد أظهرت إحصائية أخيرة أن عدد رخص القيادة الخاصة بلغَ مليوناً و951 ألفاً تقريباً، وبلغ عدد المركبات أكثر من مليونين ونصف المليون مركبة، وهذا العدد من الرخص والمركبات يعتبر رقماً كبيراً جداً بالنسبة لعدد الطرق وامتدادها في البلاد.

من دون الدخول في متاهات التفاصيل والتحدث عن مبرّرات إلغاء هذا المشروع الحيوي، وعن الجهات أو الجهة المسؤولة عن إلغائه، يبدو أن واحداً من أسباب الإلغاء أو مبرّراته المذكورة هو عدم وجود جدوى اقتصادية للمشروع!

وهذا العذر يبدو مستغرباً، فكيف لا يكون هناك جدوى لمشاريع النقل الجماعي مثل إنشاء المترو، خصوصاً أن خطوط المترو المقترحة سوف تكون مربوطة مستقبلاً بشبكة نقل تمتد خارج الكويت وتمتد خليجياً، وهذا الامتداد يفتح آفاقاً أكبر للكويت ضمن محطات النقل البري والبحري المرتبط به، منها مشروع مدينة الحرير، وعلاقتهما بطرق التجارة الموجودة حالياً والمقترح إنشاؤها مستقبلاً مثل طريق الحرير.

إن إنشاء الطرق السريعة، وتنويع وسائل النقل البري منها النقل الجماعي، وإنشاء خطوط المترو لها فوائد كثيرة، وقد استعرضت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط في موقعها الإلكتروني بعضاً من مميزات إنشاء خط للمترو في البلاد، منها أن خط المترو يعتبر عنصراً مهماً للتنمية، وهو يساهم في تخفيف مشكلة ازدحام المرور الذي يسبب كثيراً من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. كما أورد موقع الأمانة العامة فوائد أخرى لإنشاء مترو الكويت مثل مساهمته في اختصار زمن الرحلات وتكلفتها، واختصار الوقت لنقل البضائع من دون التعرّض للازدحام، وسماحه للنمو السكاني والتطور العمراني.

مما لا شك فيه، أن هناك أزمة كبيرة وواضحة في التنقل في الطرق بالبلاد بسبب الازدحام المروري، في الوقت نفسه، هناك دول كثيرة بالعالم بعضها دول قليلة الموارد المالية تنشئ القطارات وخطوط المترو والشوارع السريعة الممتدة لآلاف الكيلومترات، والجسور المعلقة العملاقة، التي تخترق صخور الجبال بالأنفاق، كل ذلك لتيسير التنقل، واختصار الوقت والجهد للناس وتحقيق تطور أكبر في النقل لبلدانهم، واتمام وسائل الرفاهية لها.

فهل عجزت الجهات المسؤولة في الكويت بإمكاناتها المالية الكبيرة عن عمل خطوط للمترو، طال انتظارها وأعدت الدراسات لأجلها وأنفقت الملايين في لجانها، ثم تبخّرت كأنها حلم.

إنّ الأوان قد حان للجهات المسؤولة بإعادة النظر في مشروع إنشاء مترو الكويت وإحياء المشروع مرة أخرى، فهو ليس مشروع ترف، بل هو مشروع حيوي انتظره الناس لفترة طويلة.