لاقى مشروع قانون الشراء العام الذي عمّمت وزارة العدل مسودته على الجهات الحكومية، لإبداء ملاحظاتها عليه، ترحيباً من قبل مسؤولين سابقين في الجهاز المركزي للمناقصات وبعض المختصين، مؤكدين في تصريحات لـ»الراي» أنه سيُسهم في اختصار الدورة المستندية التي تُعاني منها الجهات الحكومية، خلال طرح وترسية مناقصاتها عبر الجهاز المركزي للمناقصات العامة.

وشدّدوا على ضرورة وضع مبادئ حوكمة واضحة تحد من انحراف أعضاء اللجان التي سيتم تشكيلها، والإبقاء على تبعية لجنة التظلمات لمجلس الوزراء. وفي الوقت الذى رحّب فيه هؤلاء المختصون بمشروع القانون، دعا آخرون إلى ضرورة التريث في إلغاء الجهاز والإبقاء عليه في الوقت الراهن، مع معالجة بعض المثالب التي تعتري أداءه.

إياد الفلاح: الشركات الأجنبية تُسمّي الكويت

«ku-wait»... لطول البت بالمناقصات

أشار القيادي السابق في وزارة الكهرباء والماء إياد الفلاح، إلى أن «مشروع القانون الحالي يُعتبر التعديل الأول لقانون المناقصات العامة 37/ 1964 ثم تلاه التعديل الثاني الصادر بالقانون 74/ 2019»، لافتاً إلى أن «وزارة العدل لم تذكر الأسباب والمبررات التي جعلتها تقترح إلغاء القانون الحالي واقتراح قانون بديل عنه».

وأضاف الفلاح «بغض النظر عن مثالب وحسنات القوانين القديمة أو الجديدة المقترحة، لا بد من التنويه بداية إلى أن كثرة التعديلات، لاسيما إن كانت تعديلات جذرية للقوانين خلال فترات زمنية قصيرة نسبياً، تؤدي إلى عزوف الشركات العالمية والأجنبية وحتى الشركات المحلية، حيث إنه يعكس عدم استقرار القوانين المنظمة للمناقصات العامة، وتنظر تلك الشركات الى هذه التغييرات المتتابعة على أنها مخاطر قانونية محتملة لها قد تواجهها أثناء مشاركتها في المناقصات العامة المستقبلية».

وتابع «ولم تكتف الشركات العالمية والأجنبية بالعزوف عن المشاركة في المناقصات العامة، بسبب طول الفترات الزمنية لاتخاذ قرارات حاسمة بل أصبح متعارفاً عليه بين تلك الشركات الأجنبية تسمية الكويت باسم مميز لها وهو «ku-wait» كناية عن طول الفترات الزمنية (في كثير من الأحيان تصل الى أكثر من سنة) لاتخاذ قرارات الترسية أو حتى إلغائها دون أي مبررات جديرة بالاعتبار».

ولفت إلى أن «من النقاط الإيجابية في المقترح الجديد هو اللامركزية في طرح المناقصات. حيث تسند إلى كل جهة عامة مسؤولية طرح مناقصاتها مباشرة من قبلها (داخلياً) مما يُقلل بشكل كبير الوقت المهدور في انتظار الموافقات واستكمال إجراءات الطرح من قبل الغير. وهذا مما لا شك فيه يشجع الشركات عموماً على المشاركة».

علي الموسى: القانون سيُحدث نقلة نوعية في المشاريع الحكومية

اعتبر وزير الأشغال العامة السابق المهندس علي الموسى أن «القانون الجديد من شأنه أن يُسرّع وتيرة طرح وترسية مناقصات الجهات العامة ويعجّل من تنفيذ المشاريع التابعة لتلك الجهات»، لافتاً إلى أن هناك الكثير من المناقصات تعطلت في الجهاز لعدة سنوات، وهي تنتظر دورها في الطرح والترسية، الأمر الذي كان يؤثر سلباً على خطط تنفيذ مشاريع الجهات الحكومية.

وأوضح الموسى أن «القانون بمجمله من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في مشاريع الجهات، ولكن لابد من تنقيح بعض مواده كتلك المتعلقة بلجنة التظلمات، حيث من المفترض ان يتم الإبقاء على لجنة التظلمات التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء وليست تابعة للجهة العامة».

وتابع «إذا تم تشكيل لجان للتظلمات في الجهات العامة، وإلغاء لجنة التظلّمات التابعة لمجلس الوزراء في تلك الحالة ستكون اللجان الداخلية في الجهات هي الخصم والحكم، وهذا الشيء سيؤثر على حيادية ترسية المناقصات، كونها ستخضع للأهواء والميول، لهذا لابد من الإبقاء على لجنة التظلمات كما هي عليه حالياً لفض النزاعات حول المناقصات التي تحوم حولها الشبهات».

حامد العلبان: خطوة ستُسرّع تدفق طرح المناقصات

قال عضو مجلس إدارة الجهاز المركزي للمناقصات العامة سابقاً حامد العلبان، إن الخطوة جريئة جداً وستُسرّع تدفق طرح المناقصات والبت بنتائجها.

وأشار العلبان إلى السلبيات التي تعتري القانون 49 /2016، وقال «الجهاز المركزي للمناقصات العامة يُشرف على ما يُقارب 70 جهة حكومية، في شأن مناقصات الجهات وكل ما يتعلق بها من طرح وتأهيل وترسية، وغيرها، حيث لا تستطيع الأمانة العامة للجهاز مهما كان حجم كادرها الفني والمحاسبي تلبية طلبات الجهات بالسرعة المرغوبة، ما يُسبّب في بعض الأحيان تأخير جدولة المواضيع المعنية للجهة في جدول أعمال المجلس».

وأضاف أن «ازدحام جدول أعمال مجلس إدارة جهاز المناقصات، وضيق الوقت ومحدودية وصول المعلومة لأعضائه قبل انعقاد الجلسة، والاطلاع على جدول الأعمال وعدم إعطاء الأعضاء فسحة من الوقت الكافي للتمحيص والتدقيق قبل انعقاد الجلسة، كان يُسبّب هذا الأمر تأخير البت بالقرار عند طلب أي عضو معلومات إضافية، او أن يتم اتخاذ القرار بالغالبية دون مراعاة رأي بعض الاعضاء، إضافة إلى ذلك تأخر المراسلات الرسمية بين الجهاز والجهات الحكومية والرقابية، الأمر الذي كان يؤدي إلى إطالة فترة التدقيق والمراجعة للبت في قرار الطرح او الترسية وإطالة أمد التأمين الأولي للعطاءات».

وشدّد على أن «القانون الجديد يحتاج وضع مبادئ حوكمة واضحة، تحد من أي انحراف في أعمال اللجان في الجهات، وتساهم في نقل ملاحظات الأعضاء بشفافية وحرية من دون أي ضغط من أي قيادي كان، والافضل ان تنشأ لجنة تابعة لمجلس الوزراء معنية في حوكمة مجالس إدارة ولجان الجهات الحكومية، تنظر في أي طلب يصل إليها من قبل أعضاء مجلس الإدارات أو اللجان الحكومية، وذلك للحد من تعسف القياديين باستخدام سلطاتهم وكشف أي انحراف إدراي يراه أي عضو».

صالح المسلم: الإبقاء على الجهاز المركزي ومعالجة مثالبه

كان للقيادي السابق في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة صالح المسلم، رأي آخر بضرورة الإبقاء على الجهاز المركزي للمناقصات العامة مع إجراء بعض التعديلات التي تُعالج بعض المثالب التي تعتريه حالياً».

وشدّد المسلم على «ضرورة أن يتم تعيين أعضاء متفرّغين لمجلس إدارة الجهاز المركزي للمناقصات، وأن يكون الرئيس ونائبه من أصحاب الخبرة والاختصاص، وأن يتم تدعيم الجهاز بلجان فنية متخصصة لمساعدة الجهات العامة في طرح وترسية مناقصاتها والتدقيق عليها بشكل أسرع». وبيّن أنه «من الضروري منح الجهات الحكومية مرونة أكثر في تمرير بعض مناقصاتها، خصوصاً إن كانت هذه المناقصات تقل قيمتها عن 5 ملايين دينار على سبيل المثال».

ورأى أن «الإبقاء على الجهاز المركزي للمناقصات العامة من شأنه أن يُحافظ على المال العام، حيث إن الخبرات الحالية في مؤسسات الدولة ضعيفة ووجود جهاز فعّال، مثل الجهاز المركزي للمناقصات يحد من الفساد والتلاعب في مناقصات جهات الدولة».

مشاري البليهيس: تشريع مواد تؤكد نزاهة وحيادية أعمال اللجان

اعتبر العضو السابق في مجلس إدارة الجهاز المركزي للمناقصات العامة مشاري البليهيس، أن «فكرة سن قانون للشراء العام يكون بديلاً للجهاز المركزي للمناقصات العامة خطوة موفقة، من شأنها أن تُسرّع وتيرة طرح وترسية مناقصات مشاريع الجهات العامة».

وقال البليهيس «لا يخفى على أحد حجم التعطيل والتأخير الذي تتعرض له مناقصات الجهات العامة، بسبب اللجان الفنية داخل الجهاز، الأمر الذي كان يُشكّل عبئاً على الوزارات والهيئات والمؤسسات، نتيجة عدم تنفيذ مشاريعها في موعدها». وشدّد على «ضرورة أن يرافق المشروع الجديد وضع مواد تؤكد على نزاهة وحيادية سير أعمال اللجان التي سيتم تشكيلها داخل الجهات بهدف تعزيز مبدأ الحيادية والشفافية».

محمد العتيبي: ضرورة التأني في الطرح وتقييم مخاطر الفساد

أوضح رئيس جمعية النزاهة الوطنية الكويتية المحامي محمد العتيبي أن «مثل هذا المشروع يحتاج إلى التأنّي في الطرح، لاسيما أنه يخص مرفقاً مهماً للدولة وهو لجنة المناقصات المركزية». وذكر أنه «ينبغي أولاً تقييم مخاطر الفساد في المناقصات العامة، وتحديد سُبل تخفيضها والتي جاءت في إستراتيجية الكويت لتعزيز النزاهة لمكافحة الفساد 2019-2024».

وأضاف العتيبي «ينبغي إشراك مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة للاستفادة من خبراتها ومشاركاتها الخارجية، ونقل التجارب الناجحة بمثل هذه المواضيع».