يسود «تفاؤل حذر» المفاوضات بين إسرائيل وحركة «حماس» للوصول إلى تفاصيل اتفاق محتمل يوقف إطلاق النار موقتاً في قطاع غزة مع الإفراج عن الأسرى للمرة الأولى منذ أشهر.

وفي حين يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة، اليوم، طلب الرئيس جو بايدن، من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن لمناقشة مسألة عملية رفح المرتقبة، مُعرباً عن قلقه «العميق» في شأن احتمال القيام بعملية «كبيرة».

وأمس، غادر رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي ديفيد برنياع، الدوحة، لكن المفاوضات حول هدنة محتملة لا تزال مستمرة، بحسب الناطق باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري.

وقال الأنصاري خلال مؤتمر صحافي، إن «الفرق الفنية تبحث الآن تفاصيل اتفاق محتمل بعدما ناقش المفاوضون الرئيسيون «القضايا الرئيسية».

وأضاف «نحن الآن في مرحلة نتوقع فيها تقديم المقترح المضاد إلى حماس، لكن هذه ليست الخطوة الأخيرة في العملية».

وتابع «لا أعتقد أننا وصلنا إلى لحظة يمكننا فيها القول إننا قريبون من التوصل إلى اتفاق. نحن متفائلون بحذر لأن المحادثات استؤنفت، لكن من السابق لأوانه الإعلان عن أي نجاحات».

وأكد الأنصاري، من ناحية ثانية، أن شن إسرائيل عملية في مدينة رفح سيؤدي إلى دمار كبير و«فظائع» غير مسبوقة في الحرب.

من جانبه، قال قيادي من «حماس»، الاثنين، إن الحركة قبلت «أن يكون هناك انسحاب جزئي من غزة قبل أي عملية تبادل»، بعدما كانت الحركة قدمت سابقاً مقترح هدنة يدعو إلى انسحاب إسرائيلي من كل المدن والمناطق المأهولة في غزة خلال وقف إطلاق نار لمدة ستة أسابيع.

وفي القدس، قال مسؤول إسرائيلي لهيئة البث الإسرائيلية، إن «محادثات الدوحة كانت إيجابية ونتوقع مفاوضات صعبة ومعقدة وطويلة».

وأفادت الهيئة بأن برنياع، عاد إلى إسرائيل لإجراء مزيد من المشاورات، بينما أوضح مسؤول أن نتنياهو أمر بتقليص مرونة فريق التفاوض، في ما يتعلق بعدد السجناء الأمنيين الذي تطالب الحركة بالإفراج عنهم إلى العدد الذي ترغب إسرائيل في إطلاق سراحهم، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت».

وتابع أن «التفاوض ليس مع حماس في الخارج كونها لا تملك قوة ولا قدرة على اتخاذ القرار، بل فقط مع قائد الحركة يحيى السنوار الموجود في الأنفاق وهذا يجعل العملية صعبة للغاية».

ولفت إلى أن المحادثات غير المباشرة في الدوحة ستجرى بصيغة مشابهة لتلك التي جرت في المفاوضات حول «صفقة شاليت» قبل 13 عاماً.

وأوضح أن أعضاء الوفدين لن يلتقوا في ما يعرف بـ «محادثات القرب» أو «محادثات البينغ بونغ».

كما ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن المباحثات التي جرت كانت «إيجابية» وأن الطرفين توصلا إلى بعض التنازلات.

بايدن ونتنياهو

في سياق متصل، وفي أول اتصال هاتفي بينهما منذ نحو شهر، أبلغ نتنياهو، بايدن تصميمه على «تحقيق أهداف الحرب» بما في ذلك «القضاء على حماس»، وهو رغم الضغوط الدولية يعد لهجوم بري في رفح.

من جانبه، طلب بايدن، خلال الاتصال مساء الإثنين، من نتنياهو، إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن لمناقشة مسألة عملية رفح المرتقبة، مُعرباً عن قلقه «العميق» في شأن احتمال القيام بعملية «كبيرة».

وفي السياق، اعلن البيت الأبيض، أن فريقين أميركي وإسرائيلي سيجتمعان في واشنطن قريباً «لتبادل وجهات النظر ومناقشة الأساليب البديلة لاستهداف العناصر الرئيسية في حماس وتأمين الحدود بين مصر وغزة من دون القيام بعملية برية كبيرة في رفح».

جولة بلينكن

من جانبه، يقوم بلينكن، بجولته السادسة في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر الماضي، بهدف «مناقشة الأساس السليم لسلام إقليمي دائم» وجهود التوصل لوقف لإطلاق النار وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ويجري الوزير الأميركي مباحثات مع القادة السعوديين في جدة، اليوم، قبل أن ينتقل إلى القاهرة غداً، للقاء المسؤولين المصريين.

وعشية جولته الإقليمية، قال بلينكن، في مانيلا، أمس، «يعاني 100 في المئة من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو».

وأضاف مستنداً إلى بيانات الأمم المتحدة إن 100 في المئة من سكان غزة بحاجة إلى مساعدة إنسانية مقارنة بـ 80 في المئة بالسودان و70 في المئة بأفغانستان.

كما حذرت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور، مساء الإثنين، من أن «المجاعة إذا ما حدثت ستكون الثانية في القرن الحادي والعشرين».

وفي جنيف، رأت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن «استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات إلى غزة، بالإضافة إلى الطريقة التي تواصل بها الأعمال القتالية، قد يصل إلى حد استخدام التجويع وسيلة حرب، وهو ما يعد جريمة حرب».

الشفاء ورفح

ولليوم الثاني على التوالي، واصل الجيش الإسرائيلي، أمس، عمليته واسعة النطاق في مجمع الشفاء بمدينة غزة.

وأعلن ناطق عسكري «القضاء» على أكثر من 50 مقاتلاً داخل المجمع الذي تطوقه الدبابات وفي محيطه.

كما أكد الجيش قتل فائق المبحوح، «رئيس العمليات الخاصة في جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس»، بينما اعتبرت «حماس» أن «اغتيال مدير عمليات الشرطة في قطاع غزة وهو على رأس عمله في مستشفى الشفاء جريمة مكتملة الأركان، لخلق حالة الفوضى وغياب القانون في شمال القطاع».

واعتقل الجيش أكثر من 200 شخص يجري التحقيق معهم داخل المجمع. وأكدت وزارة الصحة، أن بين المعتقلين «كوادر طبية ومصابين ومرضى».

وأحصت وزارة الصحة خلال 24 ساعة حتى صباح أمس، «93 شهيداً على الأقل، وغالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى 143 إصابة» خصوصاً في مخيم ومدينة رفح، جراء غارات جوية إسرائيلية.

وأكدت الخارجية الفلسطينية أن إسرائيل «بدأت بتدمير مدينة رفح جنوب قطاع غزة ولم تنتظر إذناً من أحد، ولم تعلن ذلك تجنباً لردود الفعل الدولية».