قالت وكالة موديز لخدمات التصنيف في تقرير نشرته أخيراً إنها تحتفظ بنظرتها المستقبلية المستقرة للنظام المصرفي الكويتي، ما يعكس توقعاتها بأن النمو المستمر في الاقتصاد غير النفطي سيدعم الظروف الائتمانية للبنوك الكويتية.
وقالت إن هناك مخاطر على الملاءة المالية للبنوك بالنظر إلى تركز قروضها بين شريحة أفراد وانكشاف عملياتها الدولية على بعض الدول مثل تركيا ومصر. مع ذلك، يمكن تخفيف مثل هذه العوامل الحساسة من خلال الاحتياطيات الكبيرة جداً ضد خسائر القروض، وقوة رؤوس أموال وسيولة هذه البنوك، وتوقعت أن تظل ربحية البنوك الكويتية قوية، في حين سيظل الاعتماد على تمويل السوق منخفضاً.
من جانب آخر، لفتت «موديز» إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة لاتزال مهددة بأي تطورات سياسية أو جيوسياسية معاكسة محتملة، أو انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، فيما رأت أن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي سيظل قوياً، ما يدعم توليد أعمال البنوك.
ويواصل الاقتصاد الكويتي تعافيه منذ 2020. وتركز خطة عمل الحكومة للأعوام 2023-2027، وهي جزء من رؤية الكويت 2035 لتنويع الاقتصاد، على طرح مشاريع البنية التحتية الرئيسية لدعم النمو في الاقتصاد غير النفطي.
أعمال البنوك
وتتوقع «موديز» أن يظل النمو في الاقتصاد غير النفطي، حيث معظم أعمال البنوك، قوياً (متوقع أن يبلغ 4 في المئة بـ2024) مدعوماً بزيادة الإنفاق الحكومي كما أُعلن في ميزانية 2023-2024. وسيؤدي هذا الاتجاه إلى تحسين ظروف العمل للبنوك، مرجحة أن تؤدي المشاريع المستهدفة كجزء من هذه الخطة إلى تحقيق نمو ائتماني سنوي يبلغ نحو 5 في المئة خلال فترة الأشهر الـ 12 إلى 18 المقبلة.
وتتوقع الوكالة أن تظل جودة القروض مستقرة، وأن تبقى القروض المتعثرة منخفضة، عند نحو 1.8 في المئة من إجمالي القروض في 2024، مدفوعة بظروف التشغيل المواتية للبنوك في أسواقها المحلية، إلى جانب أن تشكل العمليات الدولية في الاقتصادات الأضعف، مثل تلك الموجودة في تركيا ومصر، بعض مخاطر الإقراض.
ومع ذلك أوضحت الوكالة أن هذه العمليات صغيرة نسبياً بالمقارنة مع إجمالي الأصول. وأن تركز الإقراض لايزال بين شريحة معينة من كبار المقترضين، إلى جانب الانكشاف على أسواق العقارات والأسهم المتقلبة، يعتبر بمثابة نقاط ضعف بالنسبة للبنوك.
قدرة قوية
وفي هذا الإطار، كشفت «موديز» أن القروض الاستهلاكية شكلت 35.3 في المئة من دفاتر القروض في سبتمبر 2023، وقالت إن هذه القروض محمية بشكل جيد لأنها تعود إلى حد كبير لموظفين حكوميين كويتيين يتمتعون بأمان وظيفي ورواتب مرتفعة، أما قطاع الإنشاءات والعقار فيشكل ما نسبته 23 في المئة من دفاتر قروض البنوك الكويتية كما في سبتمبر 2023.
في غضون ذلك، أفادت الوكالة بأن قدرة البنوك الكويتية على امتصاص الخسائر قوية. وأنها تتمتع بمصدات رأسمالية قوية. وستظل حقوق الملكية الملموسة، وهي المقياس المفضل للوكالة لرأس المال، مستقرة بالنسبة للقطاع المصرفي الكويتي عند نسبة تتراوح بين 12.5 في المئة و13 في المئة من الأصول المرجحة بالمخاطر.
وتتعزز قدرة البنوك على استيعاب الخسائر من خلال ارتفاع احتياطيات خسائر القروض، والتي بلغت 246 في المئة من القروض المتعثرة كما في سبتمبر 2023. متوقعة أن تسجل البنوك الكويتية نمواً معتدلاً في القروض، ما من شأنه أن يبقي رؤوس أموال البنوك الكويتية ثابتة على مدار الأشهر الـ 12 إلى 18 المقبلة.
وبالنسبة للربحية، قالت الوكالة إنها ستستقر بعد زيادات متواضعة بالسنوات الأخيرة، متوقعة أن يبلغ متوسط صافي الإيراد على مستوى القطاع 1.4 في المئة من الأصول الملموسة على مدار الأشهر الـ12 إلى 18 المقبلة، مستقراً من المستوى المرتفع المسجل في سبتمبر 2023، والذي بلغ 1.5 في المئة.
احتياطيات عالية
ولفتت الوكالة إلى أن البنوك المحلية تتمتع باحتياطيات عالية جداً ضد خسائر القروض ويجب أن تظل تكلفة المخصصات منخفضة. ومن شأن عكس دورة أسعار الفائدة أن يؤدي إلى خفض تكاليف التمويل وتخفيف التسعير التنافسي على القروض الاستهلاكية، وهي عوامل من شأنها أن تدعم ربحية البنوك، مبينة أن وجود شبكات الفروع الصغيرة وقواعد الأصول الكبيرة يساهم في تحقيق كفاءة قوية.
وأضافت الوكالة أن مخصصات خسائر القروض لإجمالي القروض ظلت منخفضة للغاية عند 26 نقطة أساس كما في سبتمبر 2023، مشيرة إلى أن الاعتماد على تمويل السوق سيظل منخفضاً، في حين ستبقى السيولة قوية، وستستمر البنوك الكويتية في الحصول على التمويل بشكل أساسي من خلال الودائع المستقرة منخفضة التكلفة والقوة الائتمانية.
علاوة على ذلك، فإنه وحسب «موديز» يتناقض الاعتماد على ودائع الهيئات الحكومية المكلفة ببطء مع تزايد وتيرة ودائع القطاع الخاص، مفيدة بأنه في سبتمبر 2023، شكلت ودائع العملاء نحو 70 في المئة من الالتزامات، في حين شكلت الأصول السائلة ما يقارب ثلث إجمالي الأصول. ومع ذلك، فقد تجاوز نمو الائتمان نمو الودائع في السنوات الأخيرة، ما دفع نسبة القروض إلى الودائع إلى أكثر من 90 في المئة مع زيادة طفيفة في تمويل السوق، والتي بلغت 21 في المئة من الأصول المصرفية الملموسة.
الكويت بين أكبر أسواق التمويل الإسلامي... عالمياً
أفادت «موديز» بأن الكويت تعتبر واحدة من أكبر أسواق التمويل الإسلامي على مستوى العالم، وأن أصولها ارتفعت إلى 116 مليار دولار في مارس 2023، مقارنة مع 85 ملياراً في سبتمبر 2021.
وأضافت أن بيت التمويل الكويتي «بيتك»، الذي يعتبر أكبر بنك في الكويت، يمتلك حصة سوقية تبلغ 35 في المئة من إجمالي الأصول كما في سبتمبر 2023.
وكشفت الوكالة أن نمو التمويل الإسلامي يتفوق على النمو بين البنوك التقليدية، إذ سجل قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية نمواً مزدوج الرقم بلغ متوسطه 12 في المئة بين ديسمبر 2017 ومارس 2023، مدفوعاً بالطلب المطرد من عملاء الشركات والأفراد على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ويقارن هذا مع نمو بنحو 8 في المئة للقروض التقليدية.
وقالت «موديز» إن نسبة اختراق التمويل الإسلامي في الكويت، عند 48 في المئة كما في سبتمبر 2023، حيث تعتبر بين أعلى المعدلات في الأسواق الرئيسية التي تغطيها ضمن تقاريرها.
وتظهر البيانات التي نشرتها الوكالة، أن الكويت سجلت ثالث أعلى حصة سوقية للتمويل الإسلامي من إجمالي سوق التمويل، بعد السعودية والبحرين، وعلى مستوى الأسواق المالية الإسلامية بشكل عام، متفوقة على أسواق مثل ماليزيا واندونيسيا وتركيا والإمارات.
بالمقابل، أشارت الوكالة إلى أن سوق الصكوك في الكويت لايزال محدوداً، إذ يتم إصدار الصكوك بشكل رئيسي في أوراق قصيرة الأجل من خلال بنك الكويت المركزي. وبلغ حجم الإصدارات 10.9 مليار دولار في السنة المالية 2023. أما الإصدارات طويلة الأجل فهي أقل بكثير (0.3 مليار دولار)، وصادرة عن شركة مشاريع الكويت (القابضة) – كيبكو.