روتشديل، مدينة تقع في شمال شرقي إنكلترا، يمثل المسلمون فيها نسبة 20 في المئة من سكانها. فاز في انتخاباتها الفرعية فوزاً ساحقاً السياسي جورج غالاوي، عن حزب العمل البريطاني، وتقدم على منافسيه من الحزبين الرئيسيين، حزب المحافظين وحزب العمال، وحصل على نسبة 39.7 في المئة من أصوات الناخبين متصدراً قائمة منافسيه من الأحزاب الخمسة.
فوز غالاوي كان ضربة موجعة للحزبين الرئيسيين اللذّين يؤيدان سياسة الفصل العنصري للكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
عُرِف عن غالاوي دعمه لقضية فلسطين وانتقاداته لجرائم الكيان الصهيوني المحتل، ولعل تركيز حملته الانتخابية في المدينة على الدفاع عن غزة والمطالبة بوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني فيها ووقف الدعم العسكري والسياسي له، لهو سبب رئيسي في فوزه بمقعد في مجلس العموم عن المدينة، حيث تغلّب فيها الجانب الإنساني على الجانب السياسي، وهو ما يعتبر نقلةً نوعيةً في مزاج الناخب البريطاني، وانقلاباً ضد قناعاته المؤيدة للكيان الصهيوني منذ سنوات طويلة.
ظهر غالاوي على الشاشة في مقره الانتخابي بعد إعلان فوزه في الانتخابات ليقول لرئيس حزب العمال ستارمر: «عزيزي ستارمر، هذا الانتصار من أجل غزة. لقد دفعت وستدفع ثمناً غالياً للدور الذي لعبته في إعانة وتشجيع والتغطية على الكارثة التي تحدث في فلسطين وفي غزة». وعندما سأله الصحافي عن رأيه في خطاب رئيس الوزراء سوناك الذي اعتبر فوز غالاوي أمراً خطيراً يمزّق المجتمع البريطاني، أجاب: «أنا لست معنياً بخطاب رئيس الوزراء، لقد تعرّض مرشح حزب المحافظين الحاكم لضربة قوية، وأن الحزبين الرئيسيين يعيشان ليلة كارثية لم تمر عليهما من قبل...، إنك تتحدّث عن سوناك وكأنه إله! أو موسى - يقصد موسى، عليه السلام - أنا أحتقر سوناك! إنه لا يثير اهتمامي! ملايين البريطانيين يحتقرون سوناك... لا يعنيني موقف اليهود مني... أنا لديّ تفويض من الشعب».
في نهاية اللقاء قاطع ناخبو غالاوي الصحافي بأصواتهم العالية: «فلسطين حرّة». كانت أصواتهم محرجة للصحافي الذي أنهى لقاءه بمشاعر محبطة ولم ينجح في إحراج غالاوي، أو كسب التعاطف مع اليهود، ورجع بخفيّ حنين!
كان فوز غالاوي صدمة لرئيس الوزراء سوناك، علّق عليه بأن: «فوز غالاوي في الانتخابات الفرعية في دائرة روتشديل تجاوز مستوى القلق ويتطلّب رداً، فهو يتجاهل الرعب الذي حدث يوم 7 أكتوبر».
سوناك، تجاهل رعب حرب الإبادة لسكان غزة وعلى مدى 6 شهور منذ 7 أكتوبر، ولهذا كانت ردود غالاوي نارية على تصريح سوناك، ربما لكونه من أصول هندية ويريد تقديم دروس لغالاوي البريطاني في الديموقراطية والإنسانية وفي حفظ تماسك المجتمع البريطاني!
بعد فوزه في انتخابات روتشديل، دعا غالاوي النائب جيرمي كوربن، المستقل للتحالف معه، لما اشتهر به من نصرة الشعب الفلسطيني وانتقاده للصهاينة المحتلين، وطعنه في ولاء اليهود البريطانيين لبريطانيا، وتدخلاتهم في شؤونها السياسية. وسيشكل التحالف بينهما جبهة معارضة للحزب الحاكم، وسيثيران زوبعة غير مسبوقة في مجلس العموم وفي تأليب الرأي العام البريطاني ضد سياسة الحزب الداعمة لحرب الإبادة في غزة، وانصياعه للضغوط الصهيونية وعلى حساب سمعة بريطانيا.