لا يخفى على أحد أنّ لبنان يعيش في صراع مفتوح في الجبهة الجنوبية الملتهبة بين محور المقاومة والجيش الإسرائيلي، وهو ما تصدح به الأخبار بشكل يومي، ولكن ما قد يخفى على الكثير أن هناك صراعاً من نوع آخر، هذا الصراع ضاعت أخباره بين أخبار تبادل إطلاق النار، وهو صراع شعب يتحدى كل الظروف ويصارع لعودة عروس الشرق لسابق عهدها عندما كانت جنّة السياحة الشرق أوسطية وسحابة أحلام السائحين لفترة طويلة من الزمن، وهو يردد آآه يا زمن...
من المفارقات العجيبة التي لا تحدث إلّا في لبنان وتؤكد كفاح اللبنانيين وحبهم للحياة ولبلدهم أنه على بعد 90 كيلومتراً من قصف الصواريخ والانفجارات وسماء تملؤها المسيرات أُقيمت احتفالية كبيرة في جبل لبنان بمناسبة إعلان منظمة السياحة العربية اختيار منطقة كفردبيان عاصمة المصايف الشتوية العربية لعام 2024، ليأتي أخيراً خبرٌ يبرّد أجواء الجنوب الساخنة ويقام حفل كبير حضرة كبار مسؤولي السياحة العرب وسفراء، ليبعث رسالة للعالم أجمع بصوت أغلب اللبنانيين عنوانها لن نيأس، ولن نستسلم للصراعات.
منطقة كفردبيان أو كما تسمى بلدة الغزلان، تعد من أجمل المناطق الشتوية حول العالم وتعرف بأنها حاضنة للثلوج حيث يغطيها البياض لفترة طويلة لان منحدراتها تقع عكس أشعة الشمس، فلا تستغرب عندما يقال عنها إنها جنّة طبيعية على الأرض يقصدها السياح من كل أنحاء العالم، من هواة التزلجّ، ومحبي مغامرات تسلق الجبال، والباحثين عن الاسترخاء للتمتعّ بسحرها الطبيعي ومعالمها الأثرية والتراثيّة العريقة التي تشهد على عمق تاريخها ورونقها.
تقع البلدة التي تضم أكبر منحدرات التزلج في الشرق الأوسط في محافظة جبل لبنان وترتفع عن سطح البحر نحو 600 متر وصولاً إلى 2850 متراً، والجميل أنها تبعد عن بيروت 45 كلم فقط، وتخيل أنك تستطيع مشاهدة بيروت وشواطئها من أعلى قمة في الجبل عندما تكون السماء صافية، فعلاً منظر يخطف القلوب والأنظار.
شخصياً، كنت متواجداً في احتفالية اختيار منطقة كفردبيان عاصمة السياحة الشتوية، وشاهدت في عيون آلاف اللبنانيين الإصرار والتحدي لتغيير الواقع، كانت لحظات جميلة استمتعنا فيها بالفعاليات الشتوية الرائعة متجاهلين أخبار الحرب، وقطعاً سوف نسعى لتكرارها، وسوف نستمر في المشاركة في صراع اللبنانيين من أجل عودة جنة الطبيعة عروساً للشرق من جديد، والله الموفق.