فيما رأى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد الصباح، أن أكبر تحد يواجه الحكومة، إعادة الثقة والطمأنينة لدى المواطنين بمؤسسات الدولة وقدرتها على الإصلاح، اعتبر أن الدولة قادرة بأبنائها وبشعبها بأن تصلح كل ما انحرف، مؤكداً «أننا برؤية سمو الأمير ذاهبون إلى أفق أجمل ونقل الكويت إلى حال أفضل».
وبيّن أن رؤية صاحب السمو أمير البلاد تبنى على نقل الكويت إلى حال أفضل عبر بناء اقتصاد قوي مواز للاقتصاد النفطي بما يتجسد في رؤية البلاد التنموية (كويت جديدة 2035).
النظرية وتطبيقها
واشار الشيخ محمد الصباح في كلمة له خلال زيارته إلى جامعة الكويت في مدينة صباح السالم الجامعية، بحضور وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور عادل العدواني إلى أن وجود الرغبة الجادة في إعادة أمجاد الكويت سيما مع امتلاك البلاد لجميع المقومات.
وقال «أشعر بفخر بأن أكون في جامعة الكويت هذا اليوم، فعندما كنت أدرس في هذه الكلية، وأتحدث عن تجارب الدول، لأن النظرية شيء وتطبيقها شيء آخر، ولا يمكن أن يكون أبلغ من أن يأتي الشخص بنموذج حياتي حقيقي، عن دولة كانت غنية جداً في مورد ناضب، وأن سوء استغلال هذا المورد الناضب، أدى الى انتقال هذه الدولة من أعلى مستوى للدخل للفرد في العالم في عام 1991 - 1992، والآن تؤجر أرضها كسجون للاجئين حول العالم، فلهذه الدرجة انحدر فيها الوضع الاقتصادي، وهي جزيرة ناورو».
جملة روزفلت
وتابع أن هذا ليس مقارنة مع دولة الكويت، لله الحمد، ولكن الواحد يأخذ العِبر من المآسي التي تمر فيها الدول والمجتمعات. ولكن كما قال كان الرئيس الاميركي الراحل (فرانكلين) روزفلت، بعد الكساد الذي حصل في عام 1929 كانت عنده جملة مشهورة «لا شيء يخوفنا سوى الخوف نفسه»، لذلك نحن لسنا خائفين، ولكن علينا أن نأخذ العِبر، ولكن ليس من منطلق الخوف، بل من منطلق التفاؤل، في تفادي ما وقعت فيه دول أخرى.
ترف خارج السلطة
وأضاف سموه «عندما تشرفت بتكليفي برئاسة مجلس الوزراء، كنت أنا واحداً منكم، أسمع وانتقد، وأنظر لأني كنت خارج السلطة التنفيذية، فكان عندي هذا الترف، من (يجب، ولا بد، وغيرها من العبارات اللي دايم نستخدمها) وكان يمكن أكثر شيء يعني الملاحظ والدارج في الفترة السابقة، وهو شعور يمكن كثير من المواطنين عندهم تساؤلات حول الأوضاع بشكل عام، حيث إنهم يقرأون عن وضع الفساد ومعدلات ترتيب الكويت في المؤشر العالمي، وكانوا ينظرون إلى الكويت بموقعها المتدني في مكافحة الفساد. وكانوا يرون أن هناك الكثير من عمليات التزوير، ونحن في المؤسسة الجامعية نتكلم عن الشهادات المزورة والتزوير في الوثائق الرسمية وغيرها، وهذا الأمر كان يخلق نوعاً من القلق عند طبقة الشباب خصوصاً، من انتشار المخدرات والاتجار بالبشر وقضايا كثيرة، مجتمعنا يتحدث عنها، وخاصة الشباب وفي المؤسسات العلمية وفي الدواوين الشعبية».
علاقة عكسية
ورأى أن هناك نظريات عديدة، فهناك علاقة عكسية بين درجة القلق عند المواطن والأمد الزمني الذي يتحقق فيه، فإذا زاد القلق عنده بشكل عالٍ يصبح الأمد الذي يخطط له قصيراً، وإذا أصابه قلق شديد يقول «خلصني اليوم أنا ما أدري غداً ماذا يحدث»، مبيناً أن أول تحدٍ بالنسبة للحكومة كان هو إعادة الثقة في مؤسسات الدولة، وقدرة هذه الدولة على إصلاح الانحرافات التي حصلت سابقا، وأن هذه الدولة قادرة بأبنائها وبشعبها، بأن تصلح كل ما انحرف في المسير.
التحدي الأول
وزاد أن التحدي الأول كان إعادة الطمأنينة عند أهل الكويت، بقدرتنا على الاصلاح، ولذلك صارت إعادة الطمأنينة، بأن هناك تطبيقاً حقيقياً للقانون على الجميع، وملف الفساد على سبيل المثال أول إجراءات قامت فيها الحكومة في تقديم أكبر قضية فساد يتداول الآن فيها هي قضية صندوق الجيش، ولذلك الحكومة قدمت بلاغاً جديداً على كيفية استخدام المكاتب العسكرية حول العالم بالاعتداء على الأموال العامة «ولن نقف عند هذا الأمر، وقد قدم البلاغ وأخذ إجراءاته الى محكمة الوزراء».
وأضاف «تم تطبيق القانون في مكافحة الفساد على صندوق الجيش»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد أحد أكبر من القانون وخاصة الذين تم إدانتهم».
استرداد الأموال
وبين سمو الشيخ محمد الصباح أنه تم تكليف مجموعة من الشباب «عيالكم» للعمل على استرداد كل الأموال التي تم الاستيلاء عليها، ومن مهام هذا الفريق الذي تم تكليفه هو أن يرفع قضايا في مجموعة من الدول لاسترداد ما تم الاستيلاء عليه. والرسالة من هذا «اننا جادون في موضوع مكافحة الفساد وانه لا كبير مهما كان منصبه بوجه العدالة والانصاف الذي بنيت عليه قيم المجتمع الكويتي عبر الزمن وتم تأطيره في دستور نفتخر جميعاً فيه».
مؤشر الفساد والشهادات
واعتبر أن ارتفاع درجة الكويت في معدل مكافحة الفساد سبع عشرة نقطة، يسجل لهيئة مكافحة الفساد، كما انه تطور نفتخر جميعنا به، بحيث كنا في وضع وانتقلنا لوضع آخر.
وعن التزوير في الشهادات الجامعية، قال ان وزارة التربية تعكف على مراجعة الشهادات من عام 2000 الى الان والتأكد من هذه الشهادات التي تم تقديمها إلى السلطات الرسمية والموافقة عليها بأنها حقيقية وليست مزورة، مشددا على أنه إجراء عملي وفعلي وقانوني في مكافحة الفساد الاداري الأخطر من القساد المالي.
أكثر الأسئلة
وأردف أن «أكثر الاسئلة في الوقت الحالي هو: أين نحن ذاهبون؟ وهو ما يتردد في كل مكان، بحيث يسعدني أن اقول لكم وانا بكل ثقة إننا ذاهبون إلى أفق أجمل وأرحب، وذلك من خلال رؤية سيدي صاحب السمو أمير البلاد، وذلك بنقل الكويت من حال إلى حال أفضل».
اقتصاد موازٍ
وذكر أن «رؤية 2035» تعتمد على بناء اقتصاد موازٍ للاقتصاد النفطي، وذلك بسبب اعتمادنا على مورد نابض، من خلال رؤيتنا لتجارب الدول الأخرى التي كانت تعتمد عليه، بحيث وصلت من أعلى مصادر الدخل إلى أقل في الوقت الحالي والوصول إلى مرحلة الفقر.
وأشاد بوعي الشعب الكويتي في بناء اقتصاد جديد لا يعتمد على النفط، بل يعتمد على الطاقات البشرية والقدرة على الإبداع، وهذا الأمر تاريخي بالنسبة لأهل الكويت وليس جديداً.
حلقة وصل
وقال إن الكويت تمتلك موقعاً جغرافياً متميزاً يقترب من مراكز أغلبية بشرية واقتصادية مثل إيران والعراق، كما أننا نعتبر جزءاً من المنظومة الخليجية وهي القاعدة التي توافر الطمأنينة لقربها من دول مجلس التعاون، كوننا نعتبر حلقة الوصل للمجموعة الخليجية والرحب الأوسع في شمال مجلس التعاون.
الربط السككي و«الحرير»
وتحدّث رئيس الوزراء عن الربط السككي بين دول مجلس التعاون، بحيث ينطلق من الكويت إلى دول شرق آسيا مرورا بدول كازاخستان وأوزبكستان وتربط جميع الطرق الى الهند، كما ان طريق الحرير على سكك حديد، مشيراً الى من المحتمل أيضاً أن ينطلق شمالاً من العراق مروراً بتركيا ومن ثم إلى دول اوروبا.
«كويت جديدة» شمال الجون
وقال إن الهدف من هذا الربط تعظيم الفائدة من الموقع الجغرافي للكويت، كما أن جميع هذا الربط سيكون في المناطق الشمالية والجنوبية في الكويت، ما يسفر عنها «كويت جديدة»، بوجود مركز لوجستي متميز يقدم خدمات لوجستية ضرورية لدول الجوار، وخدمات مالية ومصرفية واسواق رأس المال، وخدمات متميزة في مجال التعليم في إعطاء الفرص لجامعات عالمية تقوم بفتح أفرع لها في الكويت، وتقديم خدمات مميزة في الرعاية الصحية من خلال الاتيان بمستشفيات عالمية عبر فتح افرع لها فتصبح الكويت منطقة جاذبة خصوصاً منطقة الشمال.
وأشار إلى أن هذا الأمر يدل على الأهمية الجغرافية للكويت، حيث أن المنطقة الشمالية شمال الجون، هي الكويت الجديدة.
رؤية صاحب السمو
ولفت إلى أن هذه رؤية صاحب السمو، حيث كلف سموه هذه الحكومة بأن تترجم هذه الرؤية، ولذلك أتينا ببرنامج عمل وهو الانطلاقة عبر سفينة الكويت المنطلقة الى هذا الواقع، من خلال قائدها هو صاحب السمو، وهو من بدأ هذه الانطلاقة خلال زياراته لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث بدأ الزيارة الاولى للمملكة العربية السعودية، وبعدها الى سلطنة عمان وبعدها الى مملكة البحرين، وبعدها الى دولة قطر ودولة الامارات، مؤكدا انه في كل من هذه المحطات كان الموضوع الاقتصادي هو موضوع أساسي في حوار صاحب السمو مع قادة الدول.
تعزيز شبكة الروابط
ولفت إلى أنه تم كذلك مع الإخوة في البحرين وفي قطر وفي الامارات تعزيز شبكة الروابط، ليس فقط على المستوى السياسي، بل الأمني والاقتصادي في كل المجالات، وهذه رؤية صاحب السمو.
زيارة 3 كليات
رافق سمو رئيس الوزراء خلال الزيارة وزير التربية وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل العدواني، ومدير جامعة الكويت بالإنابة الدكتور مشاري لافي الحربي. وشملت كليات العلوم الإدارية والعلوم الحياتية والعلوم والهندسة والبترول.
واطلع سموه على عدد من مرافق المدينة الجامعية بما فيها القاعات الدراسية وورش العمل والخدمات والبرامج التي تقدمها الإدارة الجامعية للطلبة.
موقعي الأصلي
قال سمو رئيس الوزراء «أنا سعيد بأن أكون معكم، فكلية العلوم الادارية هي الموقع الأصلي، لأني ارتبطت فيها أكاديمياً، بعد أن عدت من الدراسة في الخارج، لذلك أنا سعيد جداً بأن أرى زملاء لي اشتغلنا مع بعض، ومرينا في فترات بعضها كان صعباً وبعضها كان سهلاً، وخصوصاً أن الفترات الصعبة كانت بعد التحرير مباشرة».
ريادة بالتعليم
قال الشيخ محمد الصباح «أذكر كيف أن الكلية هذه، والجامعة بشكل عام، نهضت وأعادت الحياة الى هذه المؤسسة الرائدة، ليس على مستوى مؤسسات الكويت فقط بل على المستوى العربي والشرق الأوسط، نفتخر بأن جامعة الكويت رائدة في مجال التعليم في الخليج، وكذلك سبب ريادة جامعة الكويت هم أعضاء هيئة التدريس، مميزون ولهم مساهمات قيمة جدا ليس في مجال التدريس فقط، ولكن كذلك في مجال البحث والتطوير».
«سوبر ماركت» الخليج
بيّن رئيس الوزراء أن المثلث الذي كان بين الكويت والهند وشرق أفريقيا الخاص بالطرق التجارية، حمى الكويت من المجاعات، كما ان هناك العديد من الهجرات التي وصلت الى الكويت نتيجة المجاعات في نصف الجزيرة العربية ونجد، بحيث لم تمر الكويت بمجاعة بنفس ما مرت به الدول الاخرى، نتيجة ذلك لأنها تعتبر «السوبر ماركت» لدول الخليج، بفضل التجارة التي كان يبدع فيها أهل الكويت.
قطارات سريعة
أشار سموه إلى أن دراسة تطبيق قطارات سريعة تتعدى سرعتها 300 كيلومتر في الساعة مع الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، لحمل الركاب من الرياض إلى الكويت، وأخرى للبضائع لربط الاقتصاد، بشكل عالٍ من الكفاءة وبتكلفة معقولة وبسرعة لنقل البضائع، وبهذه الطرق تكون أقل كلفة وأفضل للبيئة وتصل بالسرعة الممكنة.
مصفاة التكرير في عُمان
اعتبر الشيخ محمد الصباح، أن مصفاة تكرير النفط على بحر العرب وخليج عمان أهم مشروع كويتي- عماني وهو من المشاريع الرائدة على مستوى العالم، ويشكل ارتباطاً أمامياً لاستخدام النفط الكويتي، وتصدير مواد بتروكيماوية متطورة.
«غوغل كلاود» في الكويت
شدد سمو رئيس الوزراء على أثر التطور التكنولوجي على طريقة إدارة الأعمال، وقال إن الكثير لا يعلم بأن موقع شركة «غوغل كلاود» مركزها الرئيسي في الكويت، التي ستساهم في توفير تكنولوجيا الاتصالات والتواصل، وهذا الأمر سوف يساهم بإلغاء الاستخدامات الورقية، فضلاً عن ان التكنولوجيا أصبحت عاملاً محفزاً ومطوراً للمجتمعات، وخاصة في ظل نقص العمالة الذي تساهم في سده.