فتح برنامج «خارج الأدراج» الذي يقدمه الزميل عبدالله بوفتين على تلفزيون «الراي»، ملف «مكافحة الفساد» في الجزء الأول الذي أذيعت حلقته مساء الثلاثاء، مستضيفاً النائب الدكتورة جنان بوشهري، والوزير السابق الدكتور محمد بوزبر، والأمين العام المساعد لقطاع الوقاية في هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» أبرار الحماد.

وتناولت الحلقة الحديث عن جريمة الفساد، ومؤشره في الكويت الذي قالت بوشهري إنه ضخم مقارنة بحجم الدولة، مؤكدة قولها بما سجلته نيابة الأموال العامة من قضايا حيث سجلت في 2022 ما يُقارب 300 قضية ونحو 600 أخرى في 2023. وأكدت أن من مظاهر الجريمة الفساد الإداري الذي لا يقل خطورة عن الفساد المالي، وأن للبيروقراطية وترهل الجهاز الحكومي علاقة مباشرة في تنامي الظاهرة، مشددة على أنه آن الأوان لتعديل قانون الهيئة لمزيد من الفعالية والإنجاز.

من جهته، تحدث الوزير بوزبر عن التقدم الذي حققته الكويت في مؤشر مدركات الفساد، بالانتقال إلى مركز 63 عالمياً، مؤكداً أنه تقدم ملحوظ، باعتبار أن هناك جهوداً مبذولة، على مستوى القياس أو على مستوى الجهود.

بدورها، دعت الحماد إلى إقرار قانون رشوة الموظف العام الأجنبي «لأنه من المتطلبات الدولية، فالعالم عندما ينظر إلى مكافحة الفساد لا ينظر فقط إلى القطاع العام فقط، بل ينظر للقطاعين العام والخاص، لأن الرشوة ليست مختصة بالقطاع العام فقط. وبالتالي فإن رشوة القطاع الخاص بحاجة إلى تجريم حتى تكون مظلة القوانين الكويتية متوافقة مع المظلة الدولية».

«نيابة الأموال العامة سجّلت 300 قضية في 2022 ونحو 600 في 2023»

بوشهري: مؤشر الفساد لدينا ضخم... مقارنة بحجم الدولة

- الفساد الإداري لا يقل خطورة عن «المالي»

- الصراع السياسي أحد أسباب الكشف عن قضايا الفساد

- للبيروقراطية وترهل الجهاز الحكومي علاقة مباشرة في تنامي الظاهرة

- أيّ قرار إصلاحي يقاومه المستفيدون من الفوضى

- نقطة الضعف في «نزاهة» المجاملة السياسية

- آن الأوان لتعديل قانون الهيئة لمزيد من الفعالية والإنجاز

- نقطة الضعف في «نزاهة» المجاملة السياسية

كشفت النائبة الدكتورة جنان بوشهري، أن مؤشر حجم الفساد في الكويت يُعتبر ضخماً إذا ما قُورن بحجم الدولة، مشيرة إلى أنه يتم التركيز على الفساد المالي، فيما الفساد الإداري لا يقل خطورة عنه.

وفي مداخلات متفرقة لها خلال البرنامج، قالت بوشهري إن «إحصائيات النيابة العامة تكشف حجم الفساد في الكويت، ففي عام 2022 سجلت نيابة الأموال العامة ما يُقارب من 300 قضية، وفي عام 2023 سجلت نحو 600 قضية، وهذا مؤشر بأن الفساد في الكويت ضخم إذا ما قورن مع حجم الدولة وعدد السكان فهذه ارقام لا يُستهان بها»، مبينة أن «تقارير ديوان المحاسبة فيها الكثير من القضايا التي تندرج تحت مظلة الفساد والتعدي على المال العام، كما أن هناك فساداً لا يقل خطورة عن الفساد المالي، وهو الفساد الإداري وهو ليس مرصوداً بشكل دقيق، ولكنه موجود. فبالتالي الفساد موجود وحقيقي وليس فيه مبالغة».

وأضافت أن «الصراع السياسي بالنسبة لي أحد الأسباب التي تكشف لنا قضايا الفساد، وهو ليس السبب الوحيد، ويؤسفني أن أقول إن عدداً من قضايا الفساد فتحت وكشفت بسبب الصراع السياسي، وليس بسبب الرغبة في مواجهة الفساد»، موضحة أن «البيروقراطية وترهل الجهاز الحكومي لهما علاقة مباشرة في تنامي الفساد، فالمعادلة تبيّن أن تضخم الجهاز الإداري وزيادة العنصر البشري يؤديان لظهور البيروقراطية، وبالتالي ظهور جرائم الرشوة والتزوير والتعدي على المال العام والوساطات».

الحكومة الذكية

وأكدت بوشهري أن «الحل للبيروقراطية هو الحكومة الذكية الالكترونية. فلابد ان تقدم الخدمة للمواطنين دون أن يكون هناك تواصل بين المواطن ومقدم الخدمة، فمتى ما وصلنا إلى هذه المرحلة يعني إغلاق منابع الفساد»، مبينة أن «عدم صدور قرارات تنفيذية إدارية واجب صدورها لتسهيل العمل، يُعد نوعاً من أنواع الفساد، فمثلاً على رئيس قطاع أن يصدر قراراً تنظيمياً، بتكليف المستحق لقيادة قسم معين، ولكن قرارات مثل هذه عندما تتأخر في الصدور تؤدي لعملية الحصول على رشاوى وتمرير معاملات، لعدم وجود إدارة وسطى قادرة على أن تحكم الأمر وهذا أيضا أحد أسباب الفساد».

وتابعت «من الطبيعي أن أي قرار إصلاحي يجد مقاومة من المستفيدين، وأي خطوة للإصلاح ستقابلها مقاومة ممن هو مستفيد من هذه الفوضى. ولكن من الضروري الاستمرار في عملية الإصلاح وعدم التراجع، فكل ما خطونا خطوة في الإصلاح ثم تراجعنا عنها، نوصل رسالة سلبية لمن هو مؤمن بهذه الخطوات الإصلاحية ونقول له نحن غير جادين في الإصلاح»، مشددة على «أهمية الإصرار على خطوات الإصلاح على أن تكون خطوات متتالية وسريعة، فالزمن لم يعد يرحمنا، ولم يعد لدى الناس قدرة على الصبر على أكثر من ذلك».

ولفتت إلى أنه «يوجد الكثير من القوانين تحتاج الى تفعيل حقيقي قبل أن نقول إنها كافية أو غير كافية، والمطلوب من الأجهزة الحكومية أن تفعّل القوانين بصورة سليمة، فلدينا قوانين تأخر إصدار لوائحها التنفيذية فلم تدخل حيز التنفيذ. فقبل أن نتكلم عن حاجتنا لتشريعات جديدة، لنتكلم عن التطبيق الفعلي لهذه التشريعات ومن ثم نقيمها».

رقابة

وبيّنت بوشهري في ما يتعلق بقضية الرشوة في القطاع الخاص، أن «هذا الأمر نوقش في اللجنة التشريعية البرلمانية، وتم التصويت عليه، وهذا من الأمور التي تم إنجازها وكانت من المتطلبات التي حرصت (نزاهة) عليها من أجل مؤشر مدركات الفساد، كما أن هناك تنسيقاً واسعاً بيننا. فأثناء العمل في بعض القوانين والتشريعات تبدأ تظهر بعض الثغرات والحاجات لتعديل مواد فيها، لكي تتم الاستفادة منه بشكل أكبر. لذلك هذا التنسيق مطلوب. فقد آن الأوان اليوم لتعديل قانون هيئة مكافحة الفساد، بعد هذه السنوات من تفعيله، ليتم التعديل عليه لمزيد من الإنجاز والقدرة على العمل الفاعل في مكافحة الفساد».

وتقدمت بالشكر للكوادر الوطنية الموجودة في الأجهزة الرقابية، وقالت إنهم «يبذلون مجهوداً كبيراً للحد من الفساد الموجود في أجهزة الدولة. فاليوم عندنا في ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد ووحدة التحريات المالية وديوان الخدمة المدنية، كوادر كويتية تعمل وفق الإمكانيات المتاحة لها، للحد من تفشي هذه الظاهرة. وإذا سنتحدث عن نقاط الضعف نتحدث عن الجهات الرقابية ونستثني منها (نزاهة) فأنا أرى نقطة الضعف أنهم مقيدون في استكمال إجراءاتهم، بمعنى ديوان المحاسبة اليوم عندما تقع تحت يده مخالفة مالية بالأدلة والمستندات، وفيها تعدّ على المال العام، من باب أولى ان قانونه يسمح له أن يبادر بتحرك دعوى جزائية ويقدم بلاغاً إلى النيابة تجاه هذا التعدي على المال العام، لكن وجهة نظر قياديي الديوان أنهم لا يريدون أن يدخلوا طرفاً في دعاوى قضائية، ويريدون التزام الحياد لكي يمارسوا دورهم الرقابي تجاه أجهزة الدولة، وأنا بالنسبة لي لم يقنعني هذا الرأي ولكن هذا رأيهم الذي يحترم».

مجاملة

ورأت بوشهري أن «نقطة الضعف في نزاهة» بالنسبة لي هي المجاملة السياسية، ومعنى ذلك الآن عندما يخرج نائب ويصرّح عن قضية فساد وتعدٍّ على المال العام، ما الذي يمنع نزاهة من أن تتحرك تجاه هذه القضية، ليس بالضرورة أن تستدعي النائب، ولكن ما دام قد طرح قضية فيها تعدٍ على المال العام، وهي تملك كل صلاحيات التحقيق، فمن باب أولى أن تفتح هذه القضية وتستدعي الأطراف المعنيين، وتبدأ في متابعتها. ما الذي يمنعها أن تقوم بهذا الدور. فالنائب يمارس دوره في الرقابة السياسية، ولكن هي أيضا تملك الرقابة التنفيذية، وهذان خطان متوازيان لابد أن يسرا في اتجاه واحد لمكافحة الفساد.

وزادت «نزاهة تخاطب اليوم المواطنين إذا طرحوا قضايا في مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق في فساد، فتخاطبهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتطلب مراجعتها وتزويدها بالبيانات، فما المانع لديها من أن تتحرك على قضايا فيها تعدّ على المال العام، يطرحها النائب في قاعة عبدالله السالم أو في مجلس الأمة؟ فأعتقد أن هذا دور ضروري أن تبدأ نزاهة في التحرك فيه، وهو دور مكمّل لتعاون السلطات مع الفصل في اختصاصاتها».

«الكويت حقّقت تقدماً ملحوظاً بالانتقال إلى المركز الـ63 عالمياً»

بوزبر: مؤشر مدركات الفساد غير دقيق... ولكنه قياس للقدرة على مواجهة المشكلات

قال الوزير السابق وأستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة الكويت الدكتور محمد بوزبر، إن «الفساد آفة وقضية لا نستطيع أن نتجاهلها، فهي موجودة في كل المجتمعات»، مبيناً أن «مؤشر مدركات الفساد يقيس تلك المدركات عند مجموعة من الخبراء والمدراء التنفيذيين، وهؤلاء يستطلعون آراءهم في إمكانية هذه الدولة وقدرتها على الدفاع ومكافحة الفساد».

وقال بوزبر، في مداخلات متفرقة خلال البرنامج، إن «مؤشر مدركات الفساد غير دقيق بالطريقة التي نستطيع أن نعول عليها بشكل كبير، ولكنه يظل قياساً لمدى قدرة الدولة ومواجهتها لمثل هذه المشاكل»، موضحاً أن «التقدم الذي حققته الكويت، بالانتقال إلى مركز 63 عالمياً، هو تقدم ملحوظ، باعتبار أن هناك جهوداً مبذولة، على مستوى القياس أو على مستوى الجهود. فالكويت في السابق كانت تقاس على ستة مصادر والآن أصبحت تقاس على ثمانية مصادر، بإضافة مؤشر خاص بالتنافسية العالمية ومؤشر سيادة القانون، وهذان بتواجدهما رفع مستوى الرقم وحققنا مراكز متقدمة للسنة الأولى، وأيضا هناك طموحات مستمرة».

جرائم مركبة

وأشار بوزبر إلى أن «جرائم الفساد من الجرائم المركبة المخفية التي لا تظهر إلا (بالصافرة)، ولكن مع الأحكام التي نراها التي بدأت تطول مناصب عالية، أصبح هناك شعور بالارتياح، وأتمنى أن يصل هذا الارتياح إلى مرحلة أكبر بأن هناك مكافحة فعلية، ولكننا نحتاج الوقت. فهناك جانب من التشريعات يعتبر استكمالاً لمنظومة تشريعية ألزمت بها نحو الانضمام لاتفاقية مكافحة الفساد في 2006، وهي تضمنت مجموعة من التوصيات والطلبات والتشريعات. ودولة الكويت كانت سباقة في إقرار الكثير من هذه التشريعات».

وأضاف أن «من الالتزام الذي قمنا به إنشاء الهيئة في 2016، وإقرار قانون حق الاطلاع في 2020، وهذا نوع من الشفافية وتعزيز النزاهة، والقانون الأهم قانون تعارض المصالح، وهذا القانون الجديد يحتاج زيادة في الفاعلية، باعتبار أنه هو الفيصل في عملية محاربة الفساد. وهناك في ادراج اللجنة التشريعية قانونان مهمان، الأول قانون رشوة الموظف الأجنبي، وهو قانون مهم جداً، وقانون الرشوة في القطاع الخاص، ومعهما تكتمل المنظومة التشريعية، ثم نحتاج الى فاعلية في التنفيذ وثقافة وتوعية بمثل هذه القوانين».

ولفت إلى أن «القائمين على المنظومة التشريعية والمنفذين يجب أن يخلصوا في أدائهم»، وذكر أن «لدينا تشريعاً في غاية الأهمية، وهو تطوير أداء هيئة مكافحة الفساد، فبعد مرور 8 سنوات مرت الهيئة بتجارب من خلال التعامل مع كل الأمور التي مرت عليها، وبدأت تصبح لدينا دروس مستفادة وتساؤلات وطموحات، وهذا القانون موجود في أروقة مجلس الأمة، هو يوسع نطاق الخاضعين بحيث لا يكتفي بـ 12 بنداً من المادة 2 من القانون الحالي من رئيس وزراء إلى درجة مدير، ومن الممكن أن ينزل إلى فئات يرى المواطن أن لها قابلية للخضوع لجرائم الفساد».

«قانون رشوة الموظف العام الأجنبي من المتطلبات العالمية»

الحماد: لا يوجد لدينا مؤشرات داخلية لتشخيص مدركات الفساد

أوضحت الأمين العام المساعد لقطاع الوقاية في الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» المهندسة أبرار الحماد، أن المؤشرات الدولية بشكل عام هي مصدر مهم لكي يعطيك أين وصلت في أدائك وفي نفس الوقت هي مصدر لتشخيص المشكلة، ومصدر للمعلومات التي اذا عرفتها تعرف أين مواطن الضعف والقوة، ففي نزاهة بدأنا نهتم في مؤشر مدركات الفساد لأنه من صعب قياس الفساد ولا يوجد مؤشرات كثيرة تقيس الفساد فكان التركيز كله على هذا المؤشر.

ولفتت الحماد إلى «اننا وصلنا الى مجموعة كبيرة من الدلائل. والقياس يكون من خلال منظمات دولية معتمدة سواء أكانت مراكز بحثية أم منظمات دولية لها مصداقيتها، ولا يوجد لدينا مؤشرات داخلية، ولكن نحن نقوم بعملية التحليل، فعندما وجدنا في مؤشر مدركات الفساد قصوراً للوصول للحقيقة أو للتشخيص أضفنا المصادر، ونحن في الهيئة سعينا لإضافة مؤشرين زيادة لأن هذه المصادر نستطيع من خلالها أن نتواصل مع المنظمات نفسها ونسمع منهم ونتناقش حول النتائج».

وفي ما يخص قانون رشوة الموظف العام الأجنبي، قالت الحماد إن «هذه من المتطلبات الدولية، فالعالم عندما ينظر الى مكافحة الفساد لا ينظر فقط الى القطاع العام فقط، بل ينظر للقطاعين العام والخاص، لأن الرشوة ليست مختصة بالقطاع العام فقط. وبالتالي فإن رشوة القطاع الخاص بحاجة إلى تجريم حتى تكون مظلة القوانين الكويتية متوافقة مع المظلة الدولية، فرشوة الموظف العام الأجنبي تعني أن الموظفين في أي دولة يخرجون من دولهم لعمل مشاريع في دول أخرى، فمثلا شركة أميركية جاءت للكويت وعملت مشروعاً، إذا أعطت هذه الشركة الموظف العام بالكويت رشوة، يعتبر أجنبياً بالنسبة لأميركا. فالقانون الأميركي يعاقب الراشي، ولا يعاقب المرتشي، لأن قانون الجزاء في الكويت ينظر إلى الموظف العام الذي يأخذ الرشوة ولكن لا ينظر الى الراشي. فوفق هذا القانون إذا خرج أحد في الكويت إلى أي دولة أخرى وعنده مصالح، وقدم رشوة الى موظف عام هناك أصبح هذا الموظف العام أجنبياً بالنسبة للكويت، وتعاقب الشركة الكويتية، وبهذا نغطي الراشي والمرتشي بالعقوبة، وعلى مستوى العالم لا يوجد شركات تقدم رشوة للموظف العام في الدولة التي تعمل فيها».

وقالت «لدينا اليوم مشروع اسمه (تفعيل مدونات السلوك الوظيفي) استخدمنا فكرة التنافس بين الجهات، وعملنا درجات (برونزي، فضي، ذهبي، ماسي) وكل درجة من هذه الدرجات لها متطلبات معينة»، مبينة أنه «في موضوع التدريب النوعي للجهات، قمنا بعمل 700 ورشة عمل في تلك الجهات، ممن لم يفهموا كيفية تطبيق قانون حق الاطلاع وقانون تعارض المصالح نحن نقوم بهذا الدور».