كشف الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود الصباح عن وجود طاقة فائضة يُمكن توفيرها للكويت وبعض دول الخليج في حالة انقطاع الإمدادات، وذلك بفضل الإدارة المسؤولة لـ«أوبك+».

وقال السعود في مقابلة مع مجلة «أراجوس» إن إستراتيجية «مؤسسة البترول» حتى 2040 وما بعده تعتمد على زيادة الطلب على النفط الكويتي الخام، مضيفاً أنه «سيتعين علينا الاستثمار للوصول إلى هذه القدرة».

وأفاد بأنه «سيكون هدفنا الموقت الوصول إلى 3.2 مليون برميل يومياً العام المقبل، حيث تبلغ طاقتنا الحالية نحو 2.9 مليون برميل يومياً بما في ذلك حصة الكويت في المنطقة المحايدة»، موضحاً أنه «رغم أن حصة الكويت في (أوبك+) أقل من ذلك، يبقى لدينا بعض القدرة الفائضة لتوفيرها إذا طلبت الأسواق ذلك».

وأشار السعود إلى أنه «في العام ونصف العام الماضيين، تمكنّا من تحقيق قدر كبير من الزيادة في السعة، حيث كان إنتاجنا نحو 2.6 مليون برميل يومياً وسرعان ما وصلنا إلى 2.9 مليون برميل يومياً من خلال إطلاق القدرات التي كانت لدينا، والتي كانت معطلة في سلسلة التوريد ونتيجة لتداعيات (كورونا)، إضافة إلى التغلّب على بعض العقبات البيروقراطية التي نمر بها هنا في الكويت».

وتابع: «حدّدنا مجالات جديدة عدة في الكويت لم نتطرق إليها من قبل، وهي الإمكانات غير المستغلة الإضافية، فنحن نعمل على زيادة إنتاجنا من النفط الثقيل من حقل الرتقة، ونتجه إلى الخارج الآن، حيث مضى على إنتاجنا 85 عاماً في الكويت، ولم نذهب أبداً للإنتاج في الخارج».

استكشافات جديدة

وذكر السعود «لدينا الآن أول بئر استكشافية جديدة بعيداً عن الشاطئ، وقمنا للتو بإنجاز عملية استكشاف ثانية» منوهاً إلى أن «ميزة جيولوجيا الكويت أن خزاناتنا مكدسة، لذلك استهدفنا فقط عدداً معيّناً من الطبقات، وسيأتي الإنتاج الجديد من طبقات إضافية من الموقع الجغرافي نفسه تقريباً، لذا فهذا خيار ثالث، والرابع، لدينا بالفعل اكتشافات جديدة لم نرغب في لمسها الآن، وتركناها للمستقبل، وستكون جزءاً مما سيوصلنا إلى 4 ملايين برميل يومياً، لذلك لدينا قاعدة موارد غنية جداً».

ولفت السعود إلى أن «العبء الذي يقع على عاتقنا الآن هو المضي قدماً في تقديم قاعدة الموارد من خلال المرافق التي سيتعيّن علينا بناؤها، ولهذا السبب نقول إن لدينا حملة قوية لرفع طاقتنا الإنتاجية، على الرغم من أنها مكلفة، حيث إنها ستتكلّف نحو 300 مليار دولار حتى 2035، وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، نتوقع نحو 8 إلى 10 مليارات دولار سنوياً من الاستثمارات في المنبع للوصول إلى طاقتنا الاستيعابية المستهدفة»، مشيراً إلى أن «الكويت لديها قاعدة موارد غنية جداً، مثل حصان السباق الجاهز للانطلاق، لكن عليك إطلاق العنان له من خلال البنية التحتية التي سنقوم ببنائها الآن، ونحن ننظر إلى نماذج مختلفة حول كيفية بناء تلك البنية التحتية بشكل أسرع وأقل تكلفة».

التكرير داخلياً وخارجياً

وحول إستراتيجية التكرير، أكد السعود أن «هدفنا الوصول إلى 1.6 مليون برميل يومياً مقارنة بالسعة الحالية 1.4 مليون برميل في اليوم، حيث يمكن لأي مصفاة في العالم عادة أن تنتج ما يزيد قليلاً على طاقتها الاسمية»، موضحاً أن «طاقتنا التكريرية في مصافينا تزيد بنحو 15 إلى 20 في المئة على طاقتها الاسمية، وسنقوم أيضاً باختبار قدرتنا على إنتاج طاقة أكبر من الطاقة الاسمية في بعض المصافي، ما من شأنه أن يوصلنا إلى حدود 1.6 مليون برميل يومياً. لذلك لن تكون هناك وحدة جديدة أو استثمار جديد كبير، وسيتم ذلك فقط من خلال تحسين الاستثمارات التي قمنا بها بالفعل والتي ستحرّر بين 150 ألفاً إلى 200 ألف برميل يومياً».

وحول الوصول إلى 425 ألف برميل يومياً من طاقة التكرير في الخارج، أفاد السعود: «لقد وصلناها فعلياً، حيث تكرر مصفاة فيتنام بالفعل 100 في المئة من الخام الكويتي، أي 200 ألف برميل يومياً، ولدينا مصفاة الدقم في عُمان التي دخلت الخدمة وهي على وشك الافتتاح، وهذا يعني أن 230 ألف برميل في اليوم من الطاقة يُمكن أن تستوعب 100 في المئة من النفط الخام الكويتي، لكن اتفاقنا الآن ينص على أن يكون 65 في المئة من قائمة النفط الخام كويتية». وأضاف: «لدينا مشروع مشترك بنسبة 50:50 مع شركة إيني في إيطاليا، وهو مصفاة ميلاتسو، مصمم لاستيعاب 100 في المئة من الخام الكويتي».

اكتتاب وحصص

وحول إمكانية إطلاق طرح عام أولي أو اكتتاب أو بيع حصص في الشركات التابعة أو البنية التحتية، قال السعود: «لأي سبب نريد الاكتتاب العام؟ دستورياً، هناك حظر على ملكية الموارد إلا عن طريق الدولة، ولكن حتى أبعد من ذلك، فعندما تنظر إلى الأمر، ستجد أن أماكن أخرى لديها طروحات عامة أولية لتمويل صناديق الثروة السيادية».

وتابع: «أن صندوقنا السيادي هو الأقدم في العالم ويُحقق عوائد جيدة للغاية، وبكل الوسائل يبدو أنه مموّل جيد لتلبية احتياجات المستقبل، والأسباب الأخرى للتسييل هي تمويل نمو النفقات الرأسمالية»، مشيراً إلى أن الإنفاق على مدى العقد المقبل أو نحو ذلك سيتطلب أساليب مختلفة للتمويل. يمكننا التمويل من خلال ميزانيتنا العمومية ومن خلال مديونيتنا، فقد نحقق بعض الدخل، لكننا لن نقوم بالاكتتاب العام الأولي.

وقال السعود: «قمنا بتسييل بعض الأصول على المستوى الدولي، لكن ذلك كان في الغالب لإعادة التوزيع في استثمارات أخرى»، مضيفاً: «لقد ألقينا نظرة على ما فعله الآخرون في المنطقة في ما يتعلق بتحقيق الدخل من البنية التحتية، وسنقوم بدراسة ذلك، لكن في هذه المرحلة لم تكن لدينا الحاجة الملحة للمضي قدماً في هذا الأمر».

وحول إمكانية تغيير حصص العملاء، توقع السعود عدم حدوث أي تغييرات في هذه المرحلة، مشيراً إلى أن «الجميع يدركون أننا ملتزمون بأن نكون شريكاً جيداً جداً لعملائنا، كما يدركون أيضاً أنه بسبب ذلك، هناك صف طويل من الزبائن، ومن العملاء المحتملين، يقفون عند الباب». وأوضح أن «عملاءنا يدركون أنهم إذا أرادوا أن ينتهزوا فرصة في صفقة معينة ويتنازلوا عن التزامهم معنا لينتقلوا إلى مورّد آخر، فقد ينتهي بهم الأمر في الجزء الخلفي من الصف، وسيقوم شخص آخر بشغل مكانهم، كما أنهم يدركون أن هناك قيمة لوجود علاقة مستقرة وطويلة الأمد، خاصة وأن المصافي مصممة بشكل أساسي لأنواع خام معينة، حيث صمّم العديد من عملائنا مصافيهم لخام التصدير الكويتي (KEC)، ولم تتغير هذه الجودة منذ 8 عقود، ولن تتغير، ولقد قمنا بتزويد السوق بخامات جديدة، سواء كان خاماً ثقيلاً، وهو ليس ثقيلاً في الواقع مقارنة بالخامات الأخرى، أو خاماً خفيفاً للغاية، وتقوم تلك الخامات بتأسيس أسواقها الخاصة الآن مع العملاء، ولكن من المؤكد أن خام التصدير الكويتي يظل المادة الأساسية».

احتجاز وتخزين الكربون

قال السعود: «نقود خططاً لتخفيف الكربون والحفاظ على الطبيعة المنخفضة للكربون للبرميل الكويتي، ونقله بشكل أساسي إلى الصافي الصفري بحلول العام 2050»، منوهاً إلى أن«أحد العناصر الأساسية لإستراتيجيتنا هو احتجاز وتخزين الكربون، ولدينا مشروع تجريبي هنا في الكويت يثبت نجاح هذه التكنولوجيا».

ولفت إلى أن«مشاكلنا حتى الآن تتعلق بالتكلفة فقط، وترتبط بكل من احتجاز الكربون ونقله، كما أن هناك تأثيرات ثاني أكسيد الكربون على تعدين المنشآت، وهذا سيكلّف الكثير لتحديث تلك المرافق للتعامل مع هذا القدر الكبير من الكربون»، مبيناً أن«الرؤية تتمثل بشكل أساسي في احتجاز الكربون من أكوام التكرير لدينا، وحقنه في الحقول الحالية كاستخلاص معزّز للنفط، واستبدال الغاز الذي كنا سنحقنه في الحقول».

وقال السعود: «نقوم بتحرير الغاز لتوليد الطاقة المحتملة، لاستخدام البتروكيماويات، وأخذ الكربون الذي كان سيتبدّد في الغلاف الجوي لحقنه في النظام، ونريد تعميم ذلك قدر الإمكان في أكبر عدد ممكن من المجالات، بسبب التكلفة، وبمجرد أن نتأكد من ذلك، ستكون لدينا أرقام أفضل».