بعد فترة تجميد امتدت من أغسطس 2022، قرر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية بالوكالة الشيخ فهد اليوسف، فتح باب «الالتحاق بعائل» للوافدين، وفق شروط وضوابط جديدة، ليعيد للإذهان مجدداً مقترح استثمار الدولة لأصحاب الخبرات المميزة إدارياً ومالياً كما درجت العادة الفترة الأخيرة بأكثر من دولة خليجية.

ومنذ أمس بدأت مختلف إدارات شؤون الإقامة في البلاد، استقبال طلبات الالتحاق بعائل، وفق الضوابط التي حددها القرار الوزاري، والتي تتضمن رفع شرط الراتب إلى 800 دينار، وأن يكون مقدم الطلب من حملة المؤهلات الجامعية ومهنته في البلاد مطابقة لتخصصه.

خطوة إيجابية

اقتصادياً، يصف مجتمع الأعمال قرار الوزير اليوسف بفتح باب الالتحاق بعائل بـ «عين العقل»، وأنه يمثل خطوة مستحقة لتصحيح المسار نحو الطريق الصحيح الذي يضمن ترسيخ بقاء العمالة الماهرة التي تفيد المجتمع خدمياً بسبب تخصصها العلمي والفني.

علاوة على الفوائد الاستثمارية للقرار، لجهة مساهمته في زيادة إنفاق الوافدين في الكويت من نافذة ارتفاع متطلبات العائلة غذائياً وتعليمياً وصحياً وغيرها من قطاعات الصرف الخاصة المختلفة، كما أن للقرار مكاسب أمنية، إذ سيكون المقيم أكثر التزاماً بقوانين الدولة المختلفة ترسيخاً لاستقرار أسرته.

جدوى الاستثمار

وفي هذا الخصوص، أشاد رئيس اتحاد العقاريين، إبراهيم العوضي، بقرار «الداخلية» بفتح الالتحاق بعائل للعمالة الوافدة بشروط وصفها بأنها متشددة بعض الشيء، مبيناً أن المستفيد الأكبر من هذا القرار سيكون قطاع العقار الاستثماري بزيادة نسب إشغاله.

وذكر العوضي أن نسبة الإشغال الحالية في القطاع الاستثماري تصل إلى 85 في المئة، متوقعاً ارتفاعها إلى 90 في المئة مع هذا القرار الجديد، بعدما عانى المستثمرون في الفترة الماضية من عدم جدوى الاستثمار في هذا القطاع عقب صدور قرار وقف تأشيرات الدخول «الفيز» على اختلاف أنواعها والالتحاق بعائل منذ أكثر من عامين، ما دفع هؤلاء إلى التخارج من «الاستثماري» والدخول في القطاع السكني.

ولفت إلى أن القرار سيدفع المستثمرين للعودة إلى هذا القطاع الحيوي المرتبط بشكل وثيق بالوافدين، لاسيما أن «الاستثماري» تحول في الفترة الأخيرة إلى قطاع يؤوي العزاب ومنفّر للعوائل التي كانت تهاجر إلى القطاع السكني.

وبيّن العوضي أن القرار سيسهم أيضاً وبشكل إيجابي، في تنشيط القطاع التجاري بمختلف أنشطته، سواء المطاعم أو الكافيهات أو تجارة التجزئة، لافتاً إلى أن الكويت متخلفة في هذا الأمر عن بقية دول الخليج، ومشدداً على ضرورة فتح قنوات استثمارية أمام الوافدين لتوطين أموالهم في الكويت.

وأكد ضرورة ضخ الدولة استثمارات في قطاعات مختلفة منها الصحة والتعليم تزامناً مع هذا القرار، بغرض توفير إيرادات جديدة للدولة من الوافدين الذين ستقدّم لهم تلك الخدمات بمقابل.

سبل الراحة

من ناحيته، أكد رئيس اتحاد المطاعم فهد الأربش، أن إعادة العمل بتأشيرة التحاق بعائل خطوة ستكون لها انعكاسات تجارية واقتصادية متنوعة.

وأضاف الأربش أن «قرار وزير الداخلية عين العقل ويجب وضع ميزات لأصحاب الخبرات لتكون الكويت دولة جاذبة، فالالتحاق بعائل حق إنساني، وعلينا توفير جميع سبل الراحة لهم خصوصاً أصحاب الخبرة والمفكرين المبدعين والمطوّرين».

وأشار إلى أن الدول الخليجية فتحت المجال أمام الإقامات الذهبية وفقاً لمرئيات اقتصادية داعمة لتوجهاتها، مبيناً أن الكويت تمثل وجهة مهمة ويجب التعامل معها من هذا المنطلق.

وقال إن «عودة الالتحاق بعائل من شأنها ترك انعكاسات تجارية متعددة لاسيما على المطاعم المحلية، إذ سيؤثر ذلك بطبيعة الحال على مثل هذه القطاعات من خلال الحركة اليومية، إلى جانب قطاعات مهمة أخرى مثل سياحة المولات والاستهلاك والعقار»، موضحاً أن استقرار أسر العمالة الماهرة ومن يتولون مهام عمل إستراتيجية في شركات محلية، سينعكس على إنجازهم وجودة أعمالهم، فضلاً عن إسهام القرار في زيادة معدلات الصرف بالسوق المحلي.

زيادة الطلب

من جهته، قال الرئيس التنفيذي في شركة عقار للاستثمارات العقارية خالد ميرزا، إن فتح الالتحاق بعائل سيحفّز مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد لاسيما العقار، حيث سيسهم في زيادة الطلب على القطاع الاستثماري والتجاري، كما سينعكس على أسعار الإيجارات التي تشكل إيرادات استثمارية لكثير من المواطنين.

وأكد ميرزا أن نشاط القطاع الاستثماري يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوافدين، فكلما كانت القرارات أقلّ تشدداً على جلب عائلاتهم من أوطانهم انتعش القطاع والعكس صحيح، مشيراً إلى ما ألحقه قرار وقف سمات الدخول وعدم فتح الالتحاق بعائل من سلبيات على القطاع الاستثماري والتجاري في الفترة السابقة، ما أدى إلى ارتفاع الشواغر.

ولفت إلى أن تسهيل وجود عائلات الوافدين في الكويت، سيسهم في صرف جزء كبير من أموالهم ومدخراتهم داخل الدولة ومن ثم زيادة الصرف الاستهلاكي الذي يحسّن الإنتاج ويدعمه، فيما يقلل معدلات التحويلات الخارجية في الوقت نفسه، وهو أمر سينعكس إيجابياً على الحركة الاقتصادية ككل، لجهة زيادة نشاطها وحجم دورة أموالها.

وبيّن ميرزا أن القرار سيعزز التوجّه لجذب العمالة الماهرة والكفاءات ويعزز استقرارها في الكويت، لافتاً إلى أن الوافدين يمثلون كتلة بشرية عالية الاستهلاك، ما يزيد الطلب على المنتجات والخدمات، بما يسهم في زيادة الإنتاج والاستيراد، وهذا عامل إيجابي ومؤثر في رفع قوة الميزان التجاري للدولة، كما أن الرسوم المحصّلة من الوافدين تمثل أحد أوجه إيرادات الموازنة العامة للدولة، ما يعزز أحد موارد الميزانية غير النفطية.

عامل تحفيزي

بدوره، قال رئيس اتحاد صناعات الدواجن نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي للأغذية، عزارة الحسيني، إن الكويت متأخرة جداً عن ركب دول الخليج لناحية الانفتاح على الوافدين، وهذا بدوره أدى إلى معاناة كبيرة للعديد من القطاعات الاقتصادية على رأسها قطاع الأغذية والمطاعم والكافيهات، مضيفاً أن البلاد تحوّلت إلى مأوى للعزاب فقط، حيث نفّرت الكفاءات لعدم الإحساس بالاستقرار الاجتماعي وبُعدهم عن عوائلهم وعدم تمكنهم من استقدامهم.

وأوضح الحسيني أن قرار فتح الالتحاق بعائل سيشكل محفّزاً لمختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن انعكاساته الأمنية والاجتماعية والصحية الجيدة، وجذب الكفاءات والمواهب من مختلف دول العالم بما يسهم في التنمية الشاملة في البلاد.

وضرب الحسيني مثلاً في صدور التأشيرة السياحية بالمملكة العربية السعودية في غضون 20 دقيقة فقط، وإمكانية دخول المملكة عبرها لمدة سنة، ولمرات عدة، في خطوة ضمن عدة إجراءات اتخذتها لتنشيط قطاع السياحة واستقطاب المستثمرين، فضلاً عن الإجراءات الانفتاحية في كل من الإمارات وعمان وقطر والبحرين.

وذكر أن التخوف من إحداث خلل في التركيبة السكانية غير مبرر، لاسيما بعد ما رأيناه في الفترة الماضية من تحوّل البلاد إلى دولة عزاب مع كثرة المخالفين والجرائم.