«المجازر صهيونية والضحايا فلسطينية والدموع كويتية»، هذه كانت أجواء مقابلة «الراي» مع طبيب الحروب العالمي الفلسطيني - البريطاني غسان أبو ستة، الذي عاش طفولته في منطقة السالمية.
أبو ستة، الذي كان أول من وضع منهجاً عربياً في طب الجروح، يتحدث باعتزاز وفخر شديدين عن علاقة أسرته بالكويت، قائلاً: «والدي كان رئيس قسم الأطفال في مستشفى الصباح».
الكويت بالنسبة لغسان أبوستة ليست فقط مرتعاً للطفولة، بل هي «الملاذ»، على حد وصف أيقونة «طوفان الأقصى» الطبية، الذي غادرها بعد إتمام تعليمه الثانوي في إحدى المدارس الأجنبية، مؤكداً أنه يعتبرها «واحة السلام، ونعول على دورها في كل ما يخدم القضية الفلسطينية، بما في ذلك الملاحقة القضائية للكيان الصهيوني وربط اسم إسرائيل بالإبادة الجماعية».
أينما تجد ضحايا الحروب، ستجد أبوستة الذي عمل في العراق واليمن وسورية وجنوب لبنان وأخيراً غزة.
لكنه، في هذه الملحمة الإنسانية، لا ينسى للكويتيات «وقوفهن في طابور أمام مكتب منظمة التحرير الفلسطينية للتبرع بحليهن بعد الاجتياح الإسرائيلي في الثمانينات للأراضي العربية».
أبو ستة، أحد رواة سردية الجرح الفلسطيني الكبار، ليس بغريبٍ على غزة، فهو غزاوي الجذور وحي الرمال يشهد على امتداده العائلي. وشاءت الأقدار أن يعود لأرض أجداده لا ليشم عبقها بل ليشتم رائحة جثث الأطفال المتحللة (على حد وصفه)، وليصبح أحد شهود العيان على أطفال جرحى استُشهد كل ذويهم من الجهتين (الأب والأم).
كان يسير أبوستة مع فريقه فوق رمال متحركة مع تناقص القدرات الطبية وتهاوي أسقف غرفة العمليات فوق المرضى ومعالجيهم، لكن الأقسى والأصعب، في حياته المهنية، على حد قوله أن «تُجبر على إجراء عمليات تنظيف جراحية لأطفال من دون تخدير».
رغم الألم يتمسك أبوستة بتلابيب الأمل، مؤكداً «طالما شعبنا يقاوم على الأرض، فعلينا الاستمرار في الدعم»، موضحاً أن ما تفعله إسرائيل ليس سعياً للنصر وإنما «تطهير عرقي شامل وإبادة جماعية».
وكما أن لكل محارب استراحة، فقد خرج أبوستة من ميدان غزة خروج الفرسان عبر معبر رفح لمصر ثم الأردن، لتقله بعد ذلك طائرة حطت به في بريطانيا حيث زوجته وأولاده، ليكمل فصلاً جديداً في رواية بطل فلسطيني كُشف عن تفاصيلها الكثير ومازال هناك الأكثر.