فيما تتسع حلقة النار في المنطقة وتتمدّد من البر إلى البحر ربطاً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، تواصل مصر جهودها الحثيثة على 4 مستويات أساسية: أولها استمرار الوساطة لوقف إطلاق النار، وثانيها تسهيل وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وثالثها حماية أمنها القومي والحفاظ على الاستقرار خصوصاً في المناطق الحدودية، وآخرها بذل أقصى الجهود الممكنة مع الدول الكبرى والعربية والإسلامية للدفع باتجاه إنهاء الحرب.
وحذّرت مصادر ديبلوماسية مصرية من أن «فشل المجتمع الدولي في إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار وبالتالي استمرار الحرب، سيرتد سلباً على حركة الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس ما يؤثر بدوره على حركة التجارة العالمية»، مشيرة إلى أن «استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية لأوروبا، ويهدد الأمن والاقتصاد الأوروبي، كما سيرفع التضخم في أوروبا، فضلاً عن تأثيره على الدول الفقيرة».
وقالت المصادر لـ«الراي» إن «اعتماد الخيار العسكري ضد الحوثيين في اليمن لن يحل القضية، وربما يكون بداية انزلاق لصراع إقليمي»، مشددة على أن «مصر تعارض أي حل عسكري في المنطقة».
وإذ شددت على الموقف الرسمي المصري الرافض بشكل قاطع لأي تهجير قسري لأبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، تحت أي عنوان أو ذريعة، أكدت المصادر أن «القاهرة حريصة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى اتفاقية السلام مع إسرائيل، لكن ما يحدث يهدد السلام في المنطقة بأسرها وليس اتفاقية السلام فقط».
وجزمت بأن مصر «لن تفرط في شبر واحد من أراضيها، وترى أن الحل الأمثل بنهاية المطاف هو حل الدولتين، وأن تتولى الأمم المتحدة دور الوساطة والرعاية للوصول إلى السلام العادل والشامل».
وفي ما يتعلق بالمزاعم التي يتم إطلاقها حول الدور المصري في إدخال المساعدات لقطاع غزة، أكدت المصادر أن «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والصليب الأحمر الدولي، هما من يتولى تسلّم وتوزيع المساعدات على أهالي غزة، وتحديد صلاحية وأنواع الأطعمة التي تدخل إلى القطاع»، لافتة إلى أن «هناك من يتعمد الإساءة لمصر، وترويج إشاعات بشأن الاستيلاء على المساعدات، وهو أمر عار عن الصحة».
وكشفت أنه «رغم المصاعب الاقتصادية التي تمر بها مصر، فإن إجمالي حجم المساعدات التي قدمتها للفلسطينيين بلغ 5.5 مليار جنيه (نحو 162 مليون دولار)، وهو ما يضعها على رأس قائمة الدول التي تقدمت بمساعدات منذ بداية الأزمة»، موضحة أنه «لم يتم غلق معبر رفح منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، رغم قيام إسرائيل بقصف المعبر 7 مرات من الجانب الفلسطيني، وهو ما استدعى تدخل مصر لإعادة إصلاح المنفذ والطرق لضمان تدفق المساعدات إلى غزة».
وشرحت المصادر آلية العمل في المعبر، مشيرة إلى أن «المساعدات تنقل عبر شاحنات من معبر رفح المصري إلى معبر نتسانيا على مسافة 200 كيلو متر للتفتيش من الجانب الإسرائيلي، ويبلغ زمن الرحلة من 18 إلى 24 ساعة، وبعد ذلك تعود مرة أخرى بعد تحميلها إلى معبر رفح لتدخل إلى قطاع غزة من جديد».
وأوضحت أن عدم لجوء القاهرة لمحكمة العدل الدولية أسوة بما فعلته جنوب أفريقيا، مرده إلى رغبة مصر في الحفاظ على دورها كوسيط ولاعب فاعل في القضية الفلسطينية، لتحقيق السلام العادل والشامل.
وخلصت المصادر إلى أن «الرؤية المصرية تجاه تطورات الأوضاع الراهنة بقطاع غزة تتمثل في ضرورة تكثيف الضغوط الدولية والإقليمية للتوصل إلى هدنة إنسانية جديدة ووقف إطلاق النار»، مشددة على «رفض كل المحاولات التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني لدول الجوار، وأهمية استصدار قرارات دولية تجرّم أعمال التهجير القسري أو الطوعي لسكان قطاع غزة تحت مختلف الظروف».