باتت إسرائيل مقتنعة بأن الهدف المعلن للحرب المتواصلة منذ 81 يوماً على غزة «بعيدة»، وبأن أمنيات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وعضو حكومة الطوارئ بيني غانتس، وكذلك رئيس المعارضة يائير لبيد، بالقضاء على حركة «حماس»، لن تتحقق من خلال المناورة البرية الوحشية التي دمرت القطاع، وأن عليها إجراء «تغيير في إستراتيجيتها القتالية»، بحسب تقارير نشرتها هيئة البث العامة «مكان» وصحيفة «معاريف» والقناة 12، أمس.

ووفقاً للمحلل العسكري في القناة 12، نير دفوري، الذي يعتبر أحد أبرز أبواق جيش الاحتلال، فإن «الفرضية من وراء تغيير الإستراتيجية - هي أن هزم حماس - لن يتحقق في المرحلة البرية (المستمرة منذ 27 أكتوبر الماضي) وإنما بحرب استنزاف طويلة، من شأنها أن تستغرق أشهراً وربما سنوات أيضاً. لكن من أجل الوصول إلى واقع جديد في غزة، ثمة حاجة إلى معركة سياسية واقتصادية إلى جانب المعركة العسكرية».

وأضاف دفوري، أن «المرحلة المقبلة يتوقع أن تكون جراحية (أي دقيقة) أكثر ويجري الاستعداد لها منذ مدة»، وتشمل إقامة حاجز بعمق كيلومتر داخل القطاع وبطول عشرات الكيلومترات، وتنتشر عنده قوات إسرائيلية بهدف منع اقتراب مقاتلين ومتظاهرين ومواطنين فلسطينيين من الحدود. ويشن الجيش من الحاجز اقتحامات واسعة «تشمل فرقاً وألوية عسكرية وبحسب الحاجة» إلى داخل القطاع وغارات جوية وبحرية «بشكل موضعي».

وخلال هذه المرحلة سيتم سحب قوات كبيرة من القطاع، وستستند بالأساس إلى قوات نظامية، بينما قد يتم استدعاء جنود احتياط مجدداً بعد تسريحهم.

ووفقا لدفوري، فإنه «في الجيش يدركون عملياً أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى جميع أنفاق حماس، لكنهم يعملون من أجل تدمير أنفاقها الإستراتيجية، التي تتواجد فيها القيادة العسكرية والتي تستخدم في القتال وتخزين الأسلحة».

واعتبر أن عمليات الجيش في جنوب القطاع مختلفة عن شماله، بادعاء تواجد قيادة «حماس» في الجنوب، وكذلك معظم الأسرى الإسرائيليين وغالبية سكان القطاع الذين هُجروا من شماله ووسطه.

وأضاف دفوري أنه «بعد 81 يوماً من القتال، فإن حماس تدرسنا وتلائم نفسها لحرب عصابات. وهي تلحق أضراراً لأنها تحت الأرض، والجيش مطالب بملاءمة نفسه لهذا التهديد الجديد - القديم. ويفضل في حالات معينة أن يقلص الجيش القوات على سطح الأرض كي لا تكون أهدافاً «للقنص».

ويبدو أن القناعة في إسرائيل ببقاء الحركة باتت راسخة... فقد خططت لكل خطواتها بدقة والجميع يعلم ان في 7 اكتوبر كانت بداية لمخطط اكبر «سيتعين على إسرائيل الاهتمام بأنه حتى لو بقيت حماس فوق الأرض بقوات مقلصة ومن دون قيادة واضحة، فإنها لن تتمكن من تعزيز قوتها مجدداً وترميم جيشها»، بحسب دفوري.

وأشار إلى أن إسرائيل تخطط لإعادة بناء محور فيلادلفيا، بين القطاع ومصر، من خلال بناء جدار تحت الأرض، في موازاة توسيع معبر رفح.

وحسب الخطة، سيكون معبر رفح أكبر بكثير، وبحيث يكون بإمكان شاحنات كثيرة الدخول عبره. لكن سيكون فيه إشراف متعدد الجنسية، وأميركي وإسرائيلي لتفتيش ما سيدخل إلى القطاع. والهدف هو تحويل المعبر إلى رقمي، وتكون فيه أجهزة تفتيش من أجل لجم تعاظم قوة حماس في المستقبل.

مروحيات «أباتشي»

من ناحية ثانية، أفادت محافل عسكرية بان الولايات المتحدة، ترفض حالياً، طلب إسرائيل تزويدها بـ 20 مروحية قتالية من طراز«أباتشي»، وفق ما ذكرت«يديعوت أحرونوت»، أمس.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش يهاجم بواسطة «أباتشي» أهدافاً في قطاع غزة، وأهدافاً لـ«حزب الله» في لبنان، وكذلك تستخدم هذه المروحيات في هجمات في الضفة الغربية.

ونقلت عن مصادر أمنية إن القرار النهائي بخصوص التزود«أباتشي»لم يتخذ حتى الآن، وأن ضغوطاً إسرائيلية مستمرة في هذا السياق، كما أن غالانت طرح هذا الموضوع خلال لقائه نظيره الأميركي لويد أوستن، أثناء زيارته لإسرائيل، الأسبوع الماضي.

ولفتت الصحيفة إلى أن السلاح والعتاد العسكري الأميركي يُنقل إلى إسرائيل حتى الآن بواسطة 230 طائرة شحن وأكثر من 20 سفينة، كما أنه يصل من مخازن الجيش الأميركي،«ومن دونه، كان الجيش سيواجه مصاعب في التقدم في القتال وترسيخ الردع كأحد أهداف الحرب».

ولدى سلاح الجو سربا مروحيات«أباتشي»، هما السرب 190 والسرب 113، وتحلقان في أجواء غزة على مدار الساعة منذ بداية الحرب.

ومقر أحد السربين في قاعدة«رامون»الجوية في النقب، ومقر السرب الآخر في قاعدة«رمات دافيد» في مرج بن عامر، التي انطلقت منها«أباتشي» أولاً لشن هجمات في القطاع، بعد هجوم«حماس» في 7 أكتوبر، وأفرغت خلال وقت قصير مخزون قذائفها المدفعية والصاروخية، وفقاً للصحيفة.

استدعاء طيارين

وبسبب الغارات المكثفة التي يشنها سربا«أباتشي»، قرر قائد سلاح الجو تومير بار، استدعاء طيارين في سن 54 - 55 عاماً، رغم خروجهم من منظومة قوات الاحتياط وتجاوزهم لسن التحليق العسكري، وهو 51 عاماً.

كذلك تم استدعاء طيارين في سن 55 - 60 عاماً لتنفيذ مهمات عملياتية برية في كلا سربي«أباتشي».

وفي بداية الحرب على غزة، تم استدعاء طيارين سابقين يقيمون في الخارج ولديهم مصالح تجارية، خصوصاً في الولايات المتحدة والشرق الأقصى. وهؤلاء الطيارون أزيلوا من قائمة طياري الاحتياط، في السنوات الأخيرة، بسبب عدم تواجدهم في إسرائيل.