إن كان الموت كتاباً مقضياً على بني البشر، فسيرة الصالحين ستبقى محفورة في القلوب ومنقوشة في سجلات التاريخ، رحمك الله يا شيخ نواف الأحمد الصباح، فإن توفاك الله وانتقلت لدار القرار فإنك يا أَبِي الكبير ستبقى في قلوب الكويتيين وسجلِّها بصورتك الجميلة وسَنْحَتُكَ الطبيعية، وكما قال الشاعر:

فهناك الجمالُ وهو بسيطٌ

تجتليه والحسن وهو طبيعي

رحمك الله يا شيخ العفو والتسامح، فكم من مكلوم ضَمَمْتَهُ لصدرك، وكم من مظلوم نصرتَه بقرارك، وكم من قاصدٍ قد سهَّلْتَ سبيله، وكم من مبتلٍ قد سترتَه... يا شيخنا ننعاك وقلوبنا يعتصرها الحزن: فقد رحلت بهدوء كما كنت في كل زاوية تجلس فيها هادئاً.

يا شيخنا لقد تمسكت بذهب الحكمة قبل سلطة الحكم: فحباك الله بحب أهل الكويت جميعاً.

يا شيخنا، رحلت إلى ثراك وقد مَلَأْتَ سماء الكويت بثريات الحب.

لن تستطيع كُلِيْماتُ الحزن والأسى أن تلبي حتى لِمام فاجعتنا، فلقد كنت يا أبا فيصل، اسماً لحاكمٍ متواضعٍ لله فرفعَهُ، بذلت جهدك منذ شبابك لفعل كلٍّ ما هو خير؛ ولم تبدلك السلطة وزخرفها ولم تشغلك ساعات الحكم الطويلة عن التعبد والتهجد ومعانقة هموم الشعب حتى آخر أيامك، فكيف لنا أن ننسى حاكماً مثلك، أو أن يُغَطِّي النسيان ذاكرة الحبِّ الذي زرعته في كل بيت في ربوع هذا الوطن؟!

كيف لنا يا شيخ أن ننساك وأنت الذي لم تنسَ أحداً وَفَدَ لك بحاجةٍ أو دونها؟! كيف لنا يا شيخ العفو والتسامح أن نسمح للذاكرة أن تذهب بعيداً عن ذكر سجاياك التي لم ترد أن تظهرها ولكنها أبت إلا أن تظهر؟!

رحمك الله وخلّدك في جناته مع الصالحين والمؤمنين، ونسأل الله عز وجل أن يوفق ويسدد خطى سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، ليستكمل مسيرة العزة والعطاء في ظل قيادته الحكيمة إنه سميع مجيب.