فيما أعلنت النيابة العامة بدء أعمال غرفة العمليات الافتراضية المختصة بتلقي بلاغات جرائم الاحتيال المالي، كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن البحث المصرفي في هذا الخصوص كشف أن 98 في المئة من حركة الأموال الناتجة عن الاحتيال المالي يتم توجيهها من بنك إلى آخر محلي، فيما تقتصر عمليات التحويل من بنك محلي إلى خارجي مباشرة على عمليات «الأونلاين» والتي يصعب معها استرداد الأموال المقرصنة.
وقالت المصادر إن «الغرفة» المركزية ستُخصص للتعامل مع حالات الاحتيال المالي الإلكتروني، على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وإنها ستكون عبارة عن «قروب واتساب» يضم في عضويته ممثلين عن النيابة العامة وإدارة مكافحة جرائم المال بالإدارة العامة للمباحث الجنائية والبنوك، فيما يشمل التعاون اتحاد المصارف الكويتية والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات «سترا».
وحسب بيانات متداولة، خسر ضحايا جرائم السطو الإلكتروني في الكويت نحو 50 مليون دينار خلال 15 شهراً، وتحديداً خلال الفترة الممتدة منذ يناير 2022 حتى مارس الماضي.
وأوضحت المصادر أن تشكيل «الغرفة» بعضوية إلكترونية من الجهات ذات العلاقة يعطي البنوك قدرة أوسع على تتبع الأموال المقرصنة والتعامل معها بسرعة وكفاءة، بما يمنع وصولها إلى حساب المصب النهائي لـ«الهاكر»، ومن ثم التضييق بشكل مؤثرعلى هذه العمليات، علماً أن كل بنك سيخصص موظفين محددين لهذا الغرض. وبينت أن الخطوة الأولى تبدأ من العميل الذي يتعين عليه إبلاغ بنكه عن انكشاف حسابه لسحوبات لا تخصه، ومن ثم يقوم ممثل هذا البنك بإبلاغ «قروب الغرفة» مباشرة بالواقعة مع تحديد البنك المحلي الثاني الذي انتقلت إليه الأموال، ومن ثم تقوم النيابة العامة فوراً بمنح الإذن للبنك الثاني بوقف تحرّك المبلغ المحدد من حساباته إلى جهة ثالثة، ومن ثم تكون «الغرفة» نجحت في قطع الطريق على القراصنة في تسريب هذه الأموال إلى الخارج.
وأفادت المصادر بأن سبب تركز عمليات «الهاكرز» في تدوير الأموال المقرصنة من حساب مصرفي محلي لآخر محلي وعدم تصديرها إلى حسابات خارجية مباشرة، يرجع لأكثر من سبب، الأول يتعلق بأنه غالباً لا يثق الأشخاص في الروابط المالية الخارجية التي تثير شكوكهم وتدفعهم لتفادي الوقوع في فخ الاحتيال، فيما يكونون مطمئنين إلى استلام روابط الدفع المحلية على أساس أنها أكثر موثوقية لهم، ما يحفّز القراصنة لاستدراج ضحاياهم بالروابط المحلية. وذكرت أنه إذا نجح «الهاكر» في سحب الأموال من الضحية، فإنه يلجأ إلى تكتيك تحريك الأموال الناتجة بين أكثر من بنك لتمويه الجهات الرقابية، مستغلاً طول الفترة التي كان يستغرقها صدور إذن من النيابة العامة يتجميد مبالغ الاحتيال، والتي كانت تقارب 72 ساعة قبل إنشاء «الغرفة».
وأوضحت المصادر أنه في بعض الأحيان يقوم «الهاكر» بنقل الأموال المقرصنة من حساب محلي لآخر، فيما يقوم أحياناً بسحب هذه المبالغ «كاش» مستغلاً بطاقات مصرفية يتم سرقتها من عملاء، ويقوم باستخدامها في سحوبات نقدية لعملياته عن طريق مناديب يساعدون في ذلك، سواء بمعرفتهم أو من خلال استغلالهم كموظفين.
ولفتت البنوك إلى أن فاعلية «الغرفة» في التجميد الفوري لأموال الاحتيال ستكون موجهة أكثر على حركة الأموال الداخلية التي تتم بين بنك لآخر داخل الكويت، أما إذا نجح «الهاكر» في إقناع الضحية وسحب أمواله في تحويلات للخارج أو في مشتريات «أونلاين»، فلن تستطيع «الغرفة» تنفيذ خطة الإجراءات العاجلة التي ستفعّلها محلياً بتجميد مبالغ هذه العمليات فورياً وسيكتفي بنك العميل بالطلب من البنك المراسل بعدم السماح بإيصال الأموال إلى قناتها الأخيرة، وهي محاولة مصرفية تختلف نسبة نجاحها من حالة لأخرى وترتبط بسرعة إبلاغ العميل.
وإلى ذلك، أهابت النيابة العامة بكل من يتعرض لمثل هذه العمليات إلى ضرورة الإسراع بإبلاغ البنك المختص، ليتسنى لجهات الاختصاص اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل فوري لحماية أموال المجني عليهم.