/>في الوقت الذي ننشغل فيه بقضايانا الداخلية الساخنة، تشتعل المنطقة بزيارات ساخنة!
/>ما نرصده في مكوك تلك الزيارات المعلنة «وغيرها»، هي زيارة الرئيس الروسي بوتين لكل من دولة الإمارات العربية وبعدها إلى المملكة العربية السعودية.
/>قبل هاتين الزيارتين الخاطفتين حلّ وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، في موسكو ضمن اجتماع وزراء خارجية الدول المطلة على بحر قزوين، ولكنه اختلى بنظيره الروسي في حوار خاص حول «القضايا الإقليمية». وبعد زيارة بوتين للإمارات والسعودية مباشرة وصل الرئيس الإيراني لموسكو للاجتماع بنظيره الروسي!
/>في دوائر تلك الديبلوماسية الساخنة والسريعة تلتف أحداث ساخنة ممتدة من غزة وجنوب لبنان وصولاً للعراق وانتهاء باليمن ضمن ما يسمى بمحور المقاومة. وبين ثنايا معارك الفر والكر ما بين غزة وصنعاء تدور رَحى محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران حول وتيرة التصعيد حيث يأخذ كل منهما موقفاً متناقضاً تحبسه الأنفاس الطويلة.
/>من يتابع تلك الأحداث في مسرحيها العسكري والسياسي ويراقب الديبلوماسية المكوكية يدرك تماماً بأن هناك لغة تصعيدية بين أطراف المعركة الساخنة وحلفائهم من دول وجماعات مسلحة، وإن مفردات التهديد والوعيد بين سطور الرسائل المتبادلة، التي تحملها أطراف وسيطة مثل موسكو وغيرها، هي التي طغت على أطراف المحادثات في الغرف المغلقة.
/>ومن شواهد تلك اللغة التصعيدية وما يصاحبها من رسائل ساخنة، مقدمة على طبق المسيرات والصواريخ، يرى بالعين المجردة دخان البنادق ويسمع ترانيم طبول الحرب، وإن كانت تلك الديبلوماسية المكوكية المعلنة وغير المعلنة قد تقود إلى مخرج متوازن يقبل به الجميع وسط حالة المعادلة الصفرية!
/>في خضم تلك الأحداث المتسارعة والتي قد تبدو متفككة المساقات، نعيش في الكويت وسط صخب أحداثنا الداخلية وكأننا نعوم في جزيرة بعيداً عما يمكن أن يصطحبه سونامي السيناريوهات المتباينة. فلقد انشغلنا بالدوران حول أنفسنا عما يدور حولنا.
/>الحقيقة التاريخية التي لا يمكن أن يغفل عنها أي سياسي في الكويت تتمثل في أن أمنها الحقيقي مرتبط بوشائجه بالأمن الإقليمي والدولي، وإن بيضة قبان التوازن السياسي للأمن القومي الكويتي مرتبطة بمدى فعالية الديبلوماسية الكويتية في محيطها الجيوسياسي.
/>لا نريد أن نستصغر أهمية قضايانا الداخلية فلها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ولكن يجب ألا نفرط باللهو بها على حساب فعالية الديبلوماسية الكويتية التي كانت وسوف تكون صمام الأمان للوجود منذ أن نشأت الكويت ككيان سياسي إلى أن أصبحت دولة ذات ثقل وتراث ديبلوماسي قربها من الصفة السويسرية.
/>إنّ كل ما ندعو له هو ضرورية وجود الكويت في معتركات تلك الديبلوماسية المكوكية، وقلب أحداثها لكي تستعيد ساعاتها المجيدة كدولة مرموقة تتمتع بمشروعية دور الوسيط المحايد والإيجابي لدى جميع أطراف المعادلات المتناقصة.
/>هكذا نريد الكويت سويسرية في حياديتها، فاتيكانية في مكانتها، إسلامية في قدسيتها، وعربية في أصالتها... مقبولة مصونة رائعة في ديبلوماسيتها.