/>الشاعر عنترة بن شداد من أحب الشعراء الجاهليين وأقربهم إلى قلبي، وهو الفارس الشاعر، غني بالمفردات والصور والمشاهد والعبارات المطرزة بالمعاني.
/>يعتبر حكيم زمانه وفيلسوفها دون منافس، كما لا نختلف من أن قصائده متميّزة عالمياً إلى يومنا، ولم ينافسه أحد، وأجزم أن معظم شعراء التاريخ استعاروا من شعر عنترة بعض الصور والأقوال والحِكم يوماً ما ولا منافس له شاعراً أو فارساً.
/>وقد قضيت أياماً وشهوراً وسنوات وأنا أقرأُ وأبحثُ في شعر الفارس عنترة بن شداد بن قراد العبسي، متفحصاً قصة عشقه العذري العفيف بعبلة بنت مالك بن قراد العبسي، بنوع من التركيز والاهتمام، وكثيراً ما كنت أسأل نفسي ماذا لو لم يعارضه عمه مالك، وزوّجه عبله وقدر لعنترة ان لم يحرم منها وعاش معها عيشة الأزواج، فهل كنا سنفقد إرثه النظير من الشعر والأثر، وهل كنا سنقرأ له ونتمتع بجمال المعلّقة، أو هل كان من الأصل يعلق قصيدته تلك على جدار الكعبة؟ وهل أعجب الناس ما قال أو وجدنا فيه ما يبهر القراء؟
/>تلك المعلّقة التي بدأها بقوله الذي يجب أن نسأله نحن هل في أيامنا هذه (ترك انا عنترة من متردم)
/>هل غادر الشعراء من متردم

/>أم هل عرفت الدار بعد توهم
/>يا دار عبلة بالجواء تكلمي
/>وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي
/>أعتقد أن هذا الشعر والقصيدة كلها لا تأتي من فراغ، بل تحتاج إلى نفس عانت وتألّمت فخلقت من المعاناة والشوق والهيام ما قالت، وصورت وإذا انعدمت تلك المآسي وهو الأساس والسبب المهم للإبداع والنبوغ لدى الفنان والشاعر والكاتب.
/>أعتقد الجواب غالباً يكون نعم المعاناة أساس مهم، كما كان لدى أبي فراس الحمداني ومجنون ليلى وجميل بثينة، وكذلك جبران خليل جبران، أحد شعراء هذا العصر القريب وقصة حبه مع مي زيادة، وقصيدته العصماء (أعطني الناي وغني).
/>لو عدنا لعنترة بن شداد الذي أحبّ عبلة، وهي في السادسة عشرة من عمرها، والسؤال ماذا لو تزوّج عنترة عبلة؟
/>أعتقد جازماً مجتهداً على تلك المعطيات أنه لما قال:
/>ولقد ذكرتُك والرماح نواهل
/>مني وبيض الهند تقطر من دمي
/>فوددتُ تقبيل السيوف لأنّها
/>لمعت كبارق ثغرك المتبسم
/>وكذلك لما وجدنا من الأبيات الجميلة والصور الشعرية الرائعة التي نسجها بصدق لعبلة وما وصل إلينا شعره وتاريخه من ذاك الزمن الغابر السحيق.
/>عنترة بن شداد، شاعر فحل لا ينساه التاريخ، أتحفَ العالم بشعره ووثق الأحداث والأشخاص والربوع وجعلنا نعيش معهم قبل ما يقارب الألفي عام، وصدق من قال إن الشعر ديوان العرب.
/>كلمة أخيرة، أحب أن أوثقها للتاريخ حول قصة عنترة وشعره الذي سيبقى خالداً على مر العصور والزمان ما دامت اللغة العربية تنطق.