/>أصحاب الرأي السياسي اليوم أشبه بإنسان مُحاط بمجموعة من الأقوياء المتصارعين، إذا أراد التدخل بأي رأي فسوف يناله الأذى ولن يجد أمامه إلّا الصمت.
/>معظم أصحاب الفكر المحايدين اليوم صامتون، ماذا يحدث في غزة، هناك قواعد للصراع يتم دائماً تجاهلها، هناك احتلال ظالم يعتمد على القوة المُفرطة، وأيضاً هناك بيئة دولية لها قواعد لا يمكن تجاهلها.
/>عندما غزا العراق الكويت عام 1990، استخدم صدام حسين، كل ما في جُعبته لتمرير احتلاله، ادّعى مرة مظلومية العراق ومحاولة الكويت سرقة حقوقه، ثم أشاع أنها ثورة وطنية كويتية طلبت مساعدته وبعدها ادّعى أنّ الكويت تاريخياً جزء من العراق؛ وأنه أعاد الفرع إلى الأصل؛ وأخيراً اعتبر الكويت جزءاً من تحرير فلسطين، تنظيرات القيادة العراقية كانت تجد لها صدى داخل العراق وعند الشعوب الجاهلة أو ذات المصلحة، فتخرُج المُظاهرات وتُرَصّ الكلمات دون أن يكون لها تأثير يُذكر، أما تلك المحاولات العراقية فإنها لم تمر على العالم الحرّ والشعوب الواعية، هناك قواعد دولية من المستحيل الخروج عليها، سواء رضيت بهذه القواعد أم لم ترضَ فإن جميع دول العالم لا سيما الدول الضعيفة مُلزمة بالعمل ضمن تلك القوانين والقواعد.
/>هذا هو عالمنا اليوم، يمكنك أخذ الكثير من حقوقك إذا نجحت بإدارة الصراع وفق القواعد العالمية، وهذا ما فعلته الكويت أثناء الاحتلال العراقي، وما فعلته مصر بعد حرب أكتوبر ببدء المفاوضات وتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
/>اليوم، شعب غزة العربي يجد نفسه مرةً أخرى بين القتل والتهجير، مأساة عظيمة يتغافل عنها العالم في أغلبه، ويتم التركيز على ضحايا الدولة الغاصبة، وسوف ينتهي الوضع باحتلالٍ مُباشرٍ أو غير مباشر لغزة وفقدان الآلاف من الأرواح وكثير من الممتلكات، وسوف ينسى العالم هذه المعركة كما نسي سابقاتها من معارك دامية، ولن تبقى حرقة إلّا في قلوب الأمهات والأيتام.

/>المُعاناة الفلسطينية مستمرة؛ وإسرائيل تجد الدعم من العالم الغربي؛ والأمة العربية تبذل جهدها لمساعدة الشعب العربي في غزة ولكنّ الألم أكبر من الدواء، إدارة الصراع في غزة تحتاج إلى ضمائر تراعي الواقع وتحسن اختيار حلفائها رحمة بهذا الشعب الذي عانى الكثير.
/>نحتاج اليوم فعلاً دعوة لكسرِ صمت المثقفين العرب المحايدين، نحتاج إلى عقد ندوات برعاية جامعة الدول العربية لزيادة وعي جماهيرنا العربية، تلك الجماهير التي يتم حشدها في الغالب من أجل تمرير أجندات مُضرّة بقضايانا وتحت شعارات حماسية لا نجني منها سوى الدمار.
/>حان الوقت لاحترام النفس الفلسطينية وتقديس حقها بالحياة الكريمة، حان الوقت لمعرفة المعنى الحقيقي للكرامة، كرامة في حفظ الحياة دون حاجة ودون خوف، هذه هي أهم مقاصد الشريعة التي أتى بها الإسلام، حين لا تستطيع الانتصار بالحرب فلا مجال للتهلُكة، وحين يُمكنك الانسحاب أو التفاوض لحفظ دماء شعبك يُصبح هذا هو الحق، هذا ما نال عليه خالد بن الوليد، لقب سيف الله، وليس إلقاء الناس بالتهلكة.
/>الألم يعصر القلوب والدموع تهطل من المآقي لأطفالنا والنساء في غزة، والدُعاء مستمر بأن يرحم الله الشهداء ويشفي المُصابين، وعلينا أيضاً أن ندعو الله أن يرزقهم بقادة حكماء يعبُرون بهم إلى اتفاقيات تُحقّق لهم السلام والحياة الآمنة، السلام الذي تخاف منه إسرائيل لأنه البداية الحقيقية للنصر وفق القواعد الدولية.