/>مازلتُ أعيش متعة القراءة والمطالعة وأنا أسافر مبحراً شرقاً وغرباً، ألامس أعتاب الثريا فخراً واعتزازاً، معتبراً نفسي أحد قُرّاء أديبنا العربي الكبير الدكتور محمد سلماوي، عبر صفحات ذكرياته الجميلة بكتابه (ذكريات يوم أو بعض يوم)، والإبحار بل الغوص في بحر سلاسة قوله وتغلغل بين السطور والحروف والكلمات الرشيقة المتناسقة مع الحدث والموضوع معروضة بحرفية أدبية فائقة للقيم الأدبية والرموز الفكرية في الوطن العربي، ففي الصفحة 180 و181 عشت مع الكاتب جزءاً طريفاً من مواقف الأديب الأستاذ توفيق الحكيم، وحقيقة كرمه أو بخله وليسمح لي الدكتور السلماوي أن أقول الحرص على المال بدلاً لكلمة البخل والحفاظ على نعمة المال الذي وهبه الله لنا من الإسراف أو التبذير، وما تلك إلا وجهات نظر بين العباد. فبعض الكرم المبالغ فيه يوصفه الآخرون بالإسراف، وكما أن الحرص يوصمه الآخرون بالبخل والجميل أن الدكتور السلماوي أطلق الصفتين البخل والكرم على الحكيم، الذي أغدق على ابنه الفنان الموسيقار بالمال، فاشترى له وفرقته الآلات الموسيقية التي أسس بها جوقته وبدءاً بحسب اتفاقهما بالعمل وإحياء الحفلات لتسديد تلك الآلاف من الجنيهات على دفعات شهرية بواقع مئتي جنيه، وقد التزم الفنان إسماعيل توفيق الحكيم، رحمهما الله بدفع القسط الأول المتفق عليه، والحكيم بدوره أعطى للسيدة زوجته أم إسماعيل الحكيم، رحمهم الله جميعاً كمصروف شهري للبيت لتقوم ربة البيت أم إسماعيل بإعادتها إلى إسماعيل بشيء من الحب والعطف، فيحفظها إسماعيل للشهر المقبل، ويسدّد القسط الثاني والثالث والرابع بالمئتين جنيه ذاتهما، وبهذا يكون إسماعيل سدّد كامل المبلغ فقط بمئتي جنيه.
/>يالها من حبكة ورشاقة أدبية جميلة وإبداع من إبداعات الدكتور محمد سلماوي، نعم مازلت أعيش أجمل الأيام أسامر نفسي ضمن هذا العسجد الأدبي الرائع الذي أثرى به السلماوي الثقافة العربية، وجعلنا نعيش الترحال في سفينة أدبية تضم الكثير من عظماء الساحة السياسية والفنية والأدبية.
/>فبين صفحة وصفحة يجد القُرّاء عالماً يختلف عما قبله من مواقف أشخاص والأحداث المختلفة في جو من التوثيق وإحياء أو تجديد ذكريات الأمس الذي عاشه جيل الزمن الجميل، فشكراً أستاذنا الذي أتشرف بصداقته داعياً المولى عز وجل أن يُطيل في عمره ويمتعه بالصحة والسعادة ليتحفنا بكل زمان لما لديه من مخزون أدبي جميل ينتفع به الناس على مر العصور.