/>في برنامج حواري مرئي، سُئل أحد الشيوخ، عن رأيه في الشيعة. فجاءت إجابته مسيئة، تضمّنت طعناً صريحاً في عقائد الشيعة، بصورة مخالفة المادة (111) من قانون الجزاء، وذلك حسب رأي محامين. كما تضمّنت إجابته تكفيراً لعلمائهم، ولكن من خلال مجموعة آراء متباينة في الوصف والتصنيف والتحليل والتكفير بتركيبة منحته المرونة والضبابية الكافية لتحصينه من الإدانة أمام النيابة والقضاء، وهذا الرأي أيضاً مقتبس من محامين.
/>التفاعل مع هذا اللقاء المسيء كان واسعاً، حيث تجاوز عدد مشاهدات «اللقاء الكامل» على منصة «يوتيوب» وحدها نصف المليون، وذلك خلال أربعة أيّام من نشره. ولكن، وبالرغم من خطورة تبعات اللقاء على البعد الخارجي لارتباطه بالمصالح العليا للبلاد وخطط التنمية الإستراتيجية التي تسعى قيادة الدولة إلى تحقيقها بالاستعانة بالصين وبالتنسيق مع العراق، سأكتفي في هذا المقال بالإشارة إلى التفاعل المحلي مع اللقاء، وتحديداً المحور المتعلّق بالوحدة الوطنية وتماسك النسيج الوطني.
/>أشرت في مقالات سابقة إلى أننا في الكويت نعاني من مفاهيم وقيم ديموقراطية حضارية مزيّفة، نفثتها ورسّختها قوى نافذة حريصة على استشراء واستدامة نسخ مزيّفة من هذه المفاهيم والقيم في ثقافة المجتمع، ولذلك تسارع بشتى الوسائل والحيل في قمع المحاولات العلاجية الساعية لاحتوائها واجتثاثها من العقل الجمعي الكويتي. من بين أبرز هذه المفاهيم المزيفة مفهوم الوحدة الوطنية.
/>الشواهد على زيف مفهومنا للوحدة الوطنية كثيرة، والأحدث بينها هو التناقض الصارخ في موقف مجموعة من المواطنين – من جميع أطياف المجتمع – من الإساءة للشيعة الكويتيين وغيرهم مقارنة بموقفهم من إساءة أخف وجّهتها إعلامية إلى نائب كويتي شيعي.
/>هناك مجموعة من المواطنين، أعرف بعضهم شخصياً، ومن بينهم نوّاب، استنكروا بصراحة ووضوح، ضمن حملة إدانة واسعة، تضمنت إنشاء وسم بعنوان «محشوم_اسم_النائب» على منصة «تويتر»، وذلك تضامناً مع النائب الذي استهزأت إعلامية من لُكنة فارسية في لسانه. ولكن موقفهم اليوم من الطعن في عقيدة الشيعة وتكفير علمائهم مختلف ومتناقض مع ما كان في حادثة الإساءة إلى النائب المنتسب سياسياً إلى تكتّل الأغلبية. فمنهم من مازال يتجاهل الطعن والتكفير، ومنهم من يدعو غيره إلى تجاهلهما، ومنهم من اتهم المطالبين بتطبيق القانون بالسعي للتكسّب على جراحات الوطن، ومنهم من تطوّع للدفاع عن المسيء في الفضاء الإلكتروني، ومنهم من دعا المحامين إلى التطوّع للدفاع عنه أمام النيابة والقضاء. المراد أن مفهومنا للوطنية مختلف كلّياً عن المفهوم السائد في المجتمعات الفسيفسائية المزدهرة التي تنقض بجميع أطيافها ومؤسساتها على مثيري الفتن.
/>مهما اختلفنا في تشخيص دوافع توجيه السؤال في الحوار، وما جاء في إجابته في شأن موقفه، سواء كان السؤال عفوياً والإجابة عنه تلقائية أو كانت الغاية من أحدهما أو كليهما هي إشغال الشعب لتمرير مشاريع فساد محلية أو إلهاؤه عن مستجدات مشاريع خارجية أو غيرهما من الدوافع. واجبنا الدستوري الوطني الثابت هو استنكار ما ينخر نسيجنا الوطني، والعمل على احتوائه ومنع تكراره، مهما كانت الانتماءات السياسية وغير السياسية لأطراف النخر.
/>بغض النظر عن نتائج المسار القانوني، هناك ضرر أصاب المجتمع يجب معالجته والتحصين ضدّه. لذلك، أدعو وزارتي التربية والإعلام إلى فتح المجال لعرض عقائد وتراث الشيعة من خلال مناهجها وبرامجها بالقدر المناسب لتحصين المجتمع أمام مسلسل خطابات الازدراء والتكفير، عرضاً خالصاً لتعزيز الوحدة الوطنية من خلال رد الشبهات العقدية لا أكثر، عرضاً بعيداً وخالياً من دعوات ومساعٍ لتغيير مذهب المتلقي.
/>وقد تكون خطبة إمام أحد مساجد الشيعة في يوم الجمعة الماضي من بين النماذج المناسبة للعرض عبر مدارس وقنوات وزارتي التربية والإعلام، حيث إنه اكتفي بإثبات الخطأ في المنهجية التي تبنّاها الشيخ في لقائه الأخير، وأوضح بالأمثلة أن المنهجية ذاتها لو طبقت على تراث مذاهب إسلامية أخرى لكانت النتيجة مشابهة لنتيجة تطبيقها على التراث الشيعي.
/>اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.
/>abdnakhi@yahoo.com