تقف المحامل على اليال استعداداً لدخول الغاصة البحر لاقتناص اللآلئ والحصول على الخير العميم.

هذه الدشة تشبه دشة الطلاب والطالبات إلى مدارسهم لاقتناص العلم والحصول على المعلومات والمعارف المختلفة، رغم ما بينه التقرير السنوي لإدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية في وزارة التربية كشف عن أزمة في المجتمع المدرسي، فبين أن 24 ألف طالب متعثرون دراسياً، و676 يعانون نفسياً، و15208 حالات اعتداء، و1357 طالباً مدخنون، و8 تعاطوا المخدرات والمسكرات، و7 آلاف يتغيبون عن مدارسهم، و20 ألفا لديهم مشكلات سلوكية، و1340 حالة اعتداء على معلمين، و14 ألف عدوان لفظي وبدني على الطلاب، و19 حالة لمشكلات جنسية، و668 إتلافاً للممتلكات العامة و111 حالة سرقة.

إن المتأمل لهذه الإحصائية يشعر بالأسى وخيبة الأمل في ديرة جُبلت على الخير والعمل الدؤوب من أجل صنع الخير بأنواعه وأشكاله وأطيافه.

فما أسباب ذلك؟ وما المأمول من أولياء الأمور والدوائر التربوية والمعلمين بأن يفعلوا إزاء هذه الحالات؟

لابد وأن ينهض الجميع من أجل التفكير في طرق تعمل على وضع الأيدي في مسارات تنقذ فلذات الأكباد من هذه الأعمال المشينة.

لابد للدوائر التربوية بمختلف تخصصاتها وما أوتيت من فكر أن تردع هذه الصفات الخبيثة.

لابد للمعلمين بما أوتوا من طرق ووسائل ومستلزمات تعمل على تربية وتنشئة وإعداد وتأهيل النشء، بأن يساهموا مساهمات مختلفة ومتنوعة من أجل إنقاذ الأجيال من المغريات التي تعتري مسيرتهم حتى يسيروا في طريق قويم وتتبدد الظلمة، لتشرق شمس كلها أمل وازدهار خالية من أي سقم مهما كان نوعه.

وبذلك، نقف جميعاً للمعلم وقفة إجلال وتقدير واحترام لما يقدمه من جهود في سبيل إنقاذ المجتمع.

ولا يفوتنا إلا أن نستعرض ما قاله إبراهيم طوقان، معارضاً لأمير الشعراء أحمد شوقي حيث يقول:

قم للمعلم وفه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

قال طوقان:

شوقي يقول وما درى بمصيبتي

قم للمعلم وفه التبجيلا

اقعد فديتك هل يكون مبجلاً

من كان للنشء الصغار خليلاً

ويكاد يقلقني الأمير بقوله

كاد المعلم أن يكون رسولا

لو جرب التعليم شوقي ساعة

لقضى الحياة شقاوة وخمولا

مئة على مئة إذا هي صلحت

وجد العمى نحو العيون سبيلا

لكن أصلح غلطة نحوية

مثلا واتخذ الكتاب دليلا

مستشهداً بالغر من آياته

أو بالحديث مفصلاً تفصيلا

وأغوص في الشعر القديم فأنتقي

ما ليس ملتبساً ولا مبذولا

فأجد (ذكياً) بعد ذلك كله

رفع المضاف إليه والمفعولا

لا تعجبوا إن صحت يوماً صيحة

ووقعت ما بين البنوك قتيلا

يا من يريد الانتحار وجدته

إن المعلم لا يعيش طويلا

أطال الله أعمار جميع المعلمين وجعلهم نبراس هداية لجميع تلاميذهم يقتبسون منهم السمات الجميلة والصفات الطيبة... إن ربي هو ولي ذلك والقادر عليه.