وافقت الولايات المتحدة، على نقل ستة مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية إلى حساب خاص في قطر، في إطار اتفاق مبرم مع طهران في أغسطس الماضي للافراج عن سجناء.

وأبلغ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الكونغرس، ليل الاثنين، أنه مضى قدماً بجزء رئيسي من الاتّفاق، بحيث وقّع على تنازل سيحمي المصارف المشاركة في عملية التحويل من العقوبات الأميركية.

وقال ناطق باسم الخارجية إن عملية التحويل "هي خطوة أساسية في ضمان الإفراج عن هؤلاء المواطنين الأميركيين الخمسة".

وأكّدت إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن أن إيران ستتمكّن من استخدام الأموال فقط لشراء الأغذية والأدوية والسلع الإنسانية، وهو ما تعارضه طهران.

وأضاف الناطق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "لم نرفع أيّاً من عقوباتنا على إيران، وإيران لن تحصل على أي تخفيف للعقوبات".

وتابع "نواصل التصدّي لانتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان وأعماله المزعزعة للاستقرار في الخارج ودعمه للإرهاب ودعمه لحرب روسيا ضدّ أوكرانيا".

وفي طهران، أكّد الناطق باسم الخارجية ناصر كنعاني، الاثنين، أن إيران ستتمكّن من شراء "أي سلعة غير خاضعة لعقوبات" أميركية ليس فقط لشراء "أدوية ومواد غذائية".

وأضاف خلال مؤتمر صحافي "نأمل في أن ينجز النقل في الأيام المقبلة وأن تتمكن ايران من الوصول الكامل إلى أصولها".

وتابع "نحن متفائلون بأن تبادل السجناء سيحصل قريباً".

وفي إطار الاتفاق، نقلت إيران، خمسة أميركيين من السجن إلى الإقامة الجبرية في فندق خاضع للحراسة قبل نقلهم إلى قطر للافراج عنهم عند تحويل الأموال الإيرانية المجمّدة.

وتحدثت "وكالة إرنا للأنباء" الرسمية، من جانبها، عن أن الولايات المتحدة ستُفرج في إطار الاتفاق عن خمسة إيرانيين.

وظل الأميركيون الخمسة محتجزين في إيران لمدة تصل إلى ثمانية أعوام تقريباً، وجميعهم من أصل إيراني، غير أن طهران لا تعترف بحاملي الجنسية المزدوجة.

وقالت مصادر في وقت سابق، إنها تتوقع الإفراج عن الأميركيين الخمسة في منتصف سبتمبر الجاري.

"أموال إيرانية" أو "فدية"؟

وجمعت إيران مبلغ الستة مليارات دولار المعني بالاتفاق من خلال بيع نفطها إلى كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة، والتي جمّدت هذه الأموال بعدما فرضت إدارة دونالد ترامب عقوبات مع انسحابها الأحادي الجانب من الاتفاق النووي.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية "كما قلنا، لن تذهب أي أموال إلى إيران بشكل مباشر ولا تُستخدم في هذه العملية أيّ من أموال دافعي الضرائب. إن الأموال المجمّدة في كوريا الجنوبية هي أموال إيران".

وتولّى بايدن رئاسة البيت الأبيض على أمل إحياء الاتفاق النووي العائد لعام 2015 والذي وعدت إيران بموجبه بتقييد نشاطها النووي المثير للجدل مقابل تخفيف العقوبات عنها.

لكن المحادثات التي استمرّت لأشهر لم تثمر كما كان متوقعاً، ويعود ذلك جزئياً إلى المطالب الإيرانية بالرفع الكامل للعقوبات التي لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالبرنامج النووي.

وبايدن نفسه شوهد في تسجيلات مصورة خلال حملة انتخابية أواخر العام الماضي يقول إن الاتفاق في شأن البرنامج النووي "في حكم الميت"، في وقت كانت إيران تسعى لإخماد احتجاجات عارمة تتقدمها نساء على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة.

وقد تصادف عمليتا نقل الأموال المجمّدة والإفراج عن السجناء في الذكرى السنوية الأولى لوفاتها، في الوقت الذي يحضر بايدن ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، لكن من غير المتوقع أن يلتقيا.

من جانبهم، واصل الجمهوريون المعارضون لبايدن هجومهم على هذا الأخير، معتبرين أنه وافق على دفع "فدية" لدولة تصنّفها واشنطن على أنها راعية للإرهاب.

وقال الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك ماكول إن عملية نقل الأموال "تخلق حافزاً مباشراً لخصوم الولايات المتحدة لاحتجاز رهائن في المستقبل".

وأضاف "الإدارة الأميركية تُظهر ضعفاً يزيد من تعريض الأميركيين والأشخاص المحبين للحرية حول العالم، للخطر".

واعترفت إدارة بايدن بأنها تتخذ قرارات صعبة، لكنها أكّدت أن أولويتها تكمن في تحرير السجناء الأميركيين وأن الأموال المنقولة هي إيرانية بالفعل.

وتضمّ مجموعة الأميركيين الذين يتوقّع الإفراج عنهم، رجل الأعمال سياماك نمازي الذي أوقف في العام 2015 واتُهم بالتجسس بناء على ما تسميه عائلته أدلة مثيرة للسخرية مثل ارتباطاته السابقة بمراكز أبحاث أميركية، والناشط البيئي مراد طهباز والمستثمر عماد شرقي، بالإضافة إلى اثنين آخرين فضّلاً عدم الكشف عن هويتيهما.