تألمت من جُملة ذكرها الطبيب الكويتي د. محمد جمال، عندما ذكر: «كان تحت يده فتاة تُنازع في روحها الأخيرة إثر حادث سيارة وتقوله له: (لا تقول لأمي!!)، وعندما خرج وأبلغ شقيقها عن وفاة اخته، ضغط الشاب على يد الطبيب بقوة قائلاً: (الله يخليك دكتور حاول مرة ثانية!!). قول الطبيب الموجع جداً قرأته في الانستغرام».
وفي سفرتي الأخيرة لغلاسكو كنت أتابع بالتلفزيون مُحاكمة لشاب اسكتلندي من أصل آسيوي، هذا الشاب راح يقود سيارته بسرعة 180 كيلو بالساعة في طريق سريع، وكان يمسك بيده اليمنى دفة القيادة وباليسرى هاتفه النقال يصور سرعته حتى ينشرها في وسائل التواصل كتحد، انحرفت سيارته وضربت سيارة أخرى بها سيدة حامل التي توفت في الحال مع الجنين، وحكم على الشاب بـ12 سنة سجناً، ولكن أسرة السيدة المتوفية تُطالب بأكثر من ذلك، هذا الخبر بُث في نشرة الأخبار الرسمية.
ومحلياً سمعت عن مواطن كان يجلس مع ابنه يشاهدان التلفزيون، إلا ويتلقى الابن مُكالمة من صديق يطلب منه القدوم للمساعدة لتعطل سيارته، ذهب الابن وماهي إلا نصف ساعة إلا ويتلقى الأب مُكالمة أن ابنه توفي إثر اصطدام سيارة مسرعة به هو وصديقه.
وسمعت عن حكاية فتاة كويتية كانت في قمة النشاط والمرح في عملها، لكن في يوم ما تحولت إلى فتاة بائسة مُحطمة نفسياً، بعد أن توفت والدتها وأختها في حادث سيارة وهما عائدتان من عرس، قضى عليهما شاب طائش بعد تجاوزه إشارة المرور، ويُقال قد ارتكب هذا الحدث من قبل وخرج بكفالة.
وأذكر فني ديكور باكستاني، كنت قد تعاملت معه قد استقدم ابنه للعمل وأخذ مكانه بعد أن كبر بالسن، وقدم الابن وما هي إلا سنة وراح الاثنان في حادث مرور وانتهى حلم أسرة.
البعض هذه الأيام يُطالب برفع غرامات مُخالفات المرور للتقليل من الحوادث، وهذا حل غير مقبول، الحل هو أن تُطبق الجهات المعنية قانون المرور بحذافيره، فالقانون لم يُسن إلا لحماية الناس، لهذا استغرب عندما أقود سيارتي إلى جنوب الكويت بالطريق السريع، وأنا مُلتزم بالسرعة، وتمر عليّ سيارات تسير بسرعة طائرات، ولا أحد يوقفها، ويقال سنوياً يُقتل ما يُقدر 400 شخص بسبب حوادث السيارات في الكويت، مُضاف لهم طوابير من المعاقين والجرحى يتحمل علاجهم المال العام، وتتحطم أسر بأكملها بسبب سائقي سيارات متهورين.
اقترح على تلفزيون الكويت قبل بث برنامج «ليالي الكويت»، وهو برنامج ترفيهي غنائي جميل، أن يُقدم يومياً حلقة تلفزيونية بعنوان «ليالي الطرقات في الكويت»، حيث نقرن برامج الترفيه مع برامج التوجيه، وأن توعية الناس عن حوادث الطرق أمر مهم، وأن يكون البرنامج بأسلوب حديث بالانيميشن أو غيره، حيث يُعرض كيف وقع الحادث والسبب ومن دون ذكر الشخوص ليكون عبرة، حلقة لو ربع ساعة مثلاً عن حوادث الطرق أو قضايا أخرى كعمليات النصب أو المُخدرات، فان هذه البرامج لها فائدة أكثر من برامج ترفيهية، فالحكومة ليس لها مُبرر للصرف من المال العالم للترفيه عن الشعب، بقدر توعية الشعب في هكذا مواضيع تهدد حياته يومياً.