انطلقت أمس في مدينة جوهانسبورغ، قمة مجموعة «بريكس»، تحت شعار «بريكس وأفريقيا»، وعلى رأس أعمالها، توسيع قاعدة الدول المنضمة إلى التحالف، وبحث آليات التعاون الاقتصادي، والتركيز على تقليل الاعتماد على الدولار، بينما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ان «التخلي عن الدولار كعملة عالمية عملية لا رجعة فيها».
يأتي ذلك، في وقت نفى منظمو القمة، أي خطط لمناقشة إصدار «عملة خاصة»، وهو ما كان طرحه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا هذا العام، لوقف الاعتماد على الدولار، مشيرين في الوقت نفسه إلى اتجاه للإعلاء من شأن العملات الوطنية للدول الأعضاء.
وتأتي قمة رابطة كبرى الاقتصادات الناشئة، تزامناً مع أكبر توسع للمجموعة منذ أكثر من عقد، مع محاولة الصين دفع «بريكس» لتصبح منافساً قوياً لمجموعة السبع، تحت شعار «تشكيل نظام عالمي منصف»، وهو ما يتماشى مع خلفية وأسباب تشكيل هذه المجموعة عام 2001، لتعزيز حضورها كقوة تواجه الهيمنة الغربية على الشؤون الدولية.
ويستضيف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا، نظيره الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ولولا دا سيلفا إلى جانب نحو 50 زعيماً آخر.
ولم يحضر بوتين، شخصياً، لكنه قال عبر «الفيديو كونفرانس»، أن «بريكس تتجاوز مجموعة السبع من حيث القدرة الشرائية، والاستثمار في دولها زارد بمعدل 6 أضعاف».
وأضاف أن «روسيا مستعدة لتوزيع الأسمدة الروسية المحتجزة في الموانئ الغربية مجاناً»، مؤكداً ان بلاده «لا تزال مورد غذاء لأفريقيا يمكن التعويل عليه وستظل كذلك»، لكننا «لن نعود إلى اتفاق الحبوب من دون تلبية مطالبنا».
وأضاف «نحن نتعاون على أساس مبادئ المساواة ودعم الشراكة واحترام مصالح بعضنا البعض، وهذا هو جوهر المسار الاستراتيجي لمجموعتنا و(هو مسار) موجه نحو المستقبل، وهو المسار الذي يلبي تطلعات القسم الأكبر من المجتمع العالمي... ما يسمى الغالبية العالمية».
وتتشارك «بريكس»، الرغبة في التوصل إلى نظام عالمي ترى أنه يعكس مصالحها بشكل أفضل ويعزز هيمنتها.
كما سلّطت القمة الـ 15 الضوء على الانقسامات حيال حرب أوكرانيا والدعم الذي تتمتع به روسيا من شركاء آخرين في «بريكس».
وتجنّبت جنوب أفريقيا والصين والهند، إدانة الغزو، بينما رفضت البرازيل فرض عقوبات على موسكو.
وقبيل بدء أعمال القمة، شدد رامابوزا على أن بلاده «لن تنجر إلى منافسة بين القوى العالمية». وفي كلمته، أمام القمة، أكد أن «المجموعة غيّرت شكل الاقتصاد العالمي».
وأشار إلى أن «هناك دعوات لإصلاح المنظمات الدولية حتى تواكب التطورات».
من ناحيته، قال مودي، إن الهند «من أكثر الدول التي تشهد نمواً اقتصادياً».
إقراض بعملتي جنوب أفريقيا والبرازيل
يُخطط مصرف التنمية الجديد الذي أنشأته دول «بريكس» لبدء الإقراض بعملتي جنوب أفريقيا والبرازيل، كجزء من خطة لتقليل الاعتماد على الدولار، وتعزيز نظام مالي دولي متعدد الأقطاب.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن ديلما روسيف، الزعيمة البرازيلية السابقة، التي ترأس مصرف التنمية الجديد، أن المصرف الذي يتخذ من شنغهاي مقراً له، يدرس طلبات العضوية من نحو 15 دولة، ومن المرجح أن يوافق على قبول 4 أو 5 دول.
وصرّحت للصحيفة «نتوقع إقراض ما بين 8 و10 مليارات دولار هذا العام. هدفنا هو الوصول إلى نحو 30 في المئة من كل ما نقرضه... بالعملة المحلية».
وشرحت أن مصرف التنمية الجديد سيصدر ديوناً بالراند (عملة جنوب أفريقيا) للإقراض في جنوب أفريقيا، «وسنفعل الشيء نفسه في البرازيل مع الريال. سنحاول إما القيام بمبادلة العملات أو إصدار الديون. وأيضاً بالروبية».
ويقرض المصرف حالياً بعملة الرنمينبي الصينية.
وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن التوسع في الإقراض بالعملة المحلية، يدعم هدفاً أوسع اتفقت عليه «بريكس»، وهو تشجيع استخدام بدائل للدولار في المعاملات التجارية والمالية.
وأوضحت روسيف ان «العملات المحلية ليست بدائل للدولار... إنها بدائل لنظام. حتى الآن كان النظام أحادي القطب... سيتم استبدال نظام متعدد الأقطاب به».
تمثّل ربع الاقتصاد العالمي... و40 في المئة من سكان العالم
«بريكس»... تسعى إلى «بريكس بلاس»
تمثّل دول «بريكس» - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - ربع الاقتصاد العالمي، بينما أبدت المزيد من الدول اهتماماً بالانضمام إلى التكتل قبيل قمّته التي تستضيفها جوهانسبورغ وتستمر ثلاثة أيام.
ورغم أنها تمثّل أيضاً 42 في المئة من سكان العالم، لكن المجموعة غير متجانسة: فالدول الخمس، الموزّعة في أربع قارات، لديها اقتصادات ذات نمو غير متكافئ.
وقبيل القمة، أعربت 40 دولة على الأقل عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، بما فيها إيران والسعودية وبنغلاديش والأرجنتين، لتصبح «بريكس بلس».
ويقول مراقبون إن دخول دول جديدة إلى المجموعة قد يغير التوازنات الجيوسياسية للكتلة. وتشترك دول «بريكس» في المطالبة بتوازن اقتصادي وسياسي عالمي متعدد الأقطاب.
ومن بين الدول التي تتنافس على العضوية، بلدان غير منحازة تقليديا، مثل إندونيسيا وإثيوبيا. لكن هناك أيضا دول معادية علنا للولايات المتحدة وحلفائها، مثل إيران وفنزويلا.
وكان مصرف التنمية الجديد الذي أنشأته مجموعة «بريكس» في العام 2015 بهدف تقديم خيار آخر غير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قَبِل أعضاء جدد: بنغلاديش والإمارات ومصر. ويفترض أن تصبح أوروغواي قريباً جزءاً منه.
لكن إذا أرادت «بريكس» أن تبقى مجموعة الاقتصادات الناشئة الكبرى، فسيكون من المنطقي ضم دول من الجنوب في مجموعة العشرين إلى الكتلة. وتنتمي دولتان من الدول التي أعلنت ترشيحها لعضوية «بريكس» إلى مجموعة العشرين، هما السعودية وإندونيسيا.
ويزداد الاهتمام بالمجموعة التي بدأت بأربع دول عام 2009 وتوسعت العام التالي مع انضمام جنوب أفريقيا.
وستطرح جنوب أفريقيا على القادة مقترحاً لتوسيع العضوية فيما يتوقع صدور قرار بهذا الشأن في ختام القمة.
لكن محللين أبدوا حذرهم حيال الأمر.
وتثير مسألة توسيع «بريكس» انقسامات، خصوصاً بالنسبة للدولتين الأقوى فيها: الصين والهند.
وبينما تؤيد بريتوريا بوضوح فكرة توسيع المجموعة، مثل موسكو، تبدو البرازيل أكثر تردداً.