لا يزال العشرات من الروس المرتبطين بالرئيس فلاديمير بوتين، أو الجيش الروسي، موضع ترحيب في دول الاتحاد الأوروبي، رغم العقوبات الغربية الشديدة التي تهدف لعزل موسكو بسبب غزوها أوكرانيا، حسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأضافت الصحيفة، أن وجود بعض المقربين من بوتين في أوروبا، أثار انتقادات من السياسيين والنشطاء المناهضين للحرب، بما في ذلك مؤسسة مكافحة الفساد التابعة للمعارض الروسي ألكيسي نافالني.

ويضغط قادة المؤسسة من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات، من خلال لفت الانتباه إلى القضايا التي يبدو أنها تتحدى الأهداف التي صممت من أجلها العقوبات الغربية.

وقال رجل الأعمال الروسي الناقد لبوتين والمنفي في لندن، ميخائيل خودوركوفسكي، إنه «بعد عام ونصف العام من بدء الغزو، لاتزال سياسة العقوبات غير منهجية ودون المستوى».

وتابع «ممثلو المعارضة المناهضون للحرب الذين يتعرضون للاضطهاد في روسيا، يجدون صعوبة في الحصول على فرصة للانتقال إلى الغرب، بينما تعيش نخبة بوتين وحتى أقارب مجرمي الحرب الذين حصلوا على تصاريح إقامة أوروبية، بشكل جيد في الغرب، وينفقون الأموال المسروقة في روسيا هناك».

لماذا لم تؤثر العقوبات على رجال الأعمال الروس؟

من جانبها، سلطت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الضوء على مدى فاعلية وتأثير العقوبات الغربية على نخبة رجال الأعمال وأصحاب المليارات الروس، موضحة أنها لا لم تؤتِ بنتائج فعالة خصوصاً في ظل مقاومتهم للقرارات، بالإضافة إلى استمرار الحرب في أوكرانيا حتى الآن.

وفرضت دول غربية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سلسلة من العقوبات على كبار الساسة الروس والمسؤولين العسكريين ورجال الأعمال الأثرياء الذين تربطهم صلات ببوتين. وفي بعض الحالات، وُضع أقاربهم أيضا تحت وطأة العقوبات.

من هم الذين لم تشملهم العقوبات؟

وسلطت الصحيفة الضوء على أبرز الشخصيات المقربة من بوتين أو الجيش الذين يعيشون في الدول الأوروبية، من دون أن يتعرضوا للعقوبات:

إيسينباييفا

البطلة الروسية يلينا إيسينباييفا، الحائزة على ميدالية ذهبية أولمبية في القفز بالزانة، وترتبط بعلاقات وثيقة مع بوتين.

وتحمل أيضاً الرتبة الفخرية لرائد في الجيش. وتعيش إيسينباييفا بهدوء في منزل فاخر تبلغ قيمته الملايين من الدولارات، في جزر الكناري الإسبانية.

ووفقاً لتحقيق جديد أجرته مؤسسة مكافحة الفساد، فإن إيسينباييفا اشترت فيلتين ومنزلا هناك بقيمة 3.2 مليون دولار تقريباً، مما سمح لها بالحصول على تصريح إقامة إسباني بعد أسبوعين فقط من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، في 24 فبراير 2022.

وفي 2020، شاركت النجمة الروسية في مجموعة عمل في شأن التعديلات الدستورية التي مكّنت بوتين من البقاء في السلطة حتى عام 2036، لكنها لم تتعرض لأي عقوبات.

أقرباء أوبنوسوف

كما أن ابنة وصهر بوريس أوبنوسوف، وهو رئيس شركة الصواريخ التكتيكية المملوكة لروسيا، والتي تنتج الصواريخ والقنابل الجوية المستخدمة في أوكرانيا، لا تزال تعيش في براغ، حيث تمتلك الأسرة العديد من العقارات والمركبات الفخمة.

وتعيش أولغا أوبنوسوف وزوجها روستيسلاف زوريكوف، منذ 2020 في العاصمة التشيكية، حيث يقال إنهما وأفراد الأسرة الآخرين يمتلكون عقارات تزيد قيمتها على 8 ملايين دولار.

كيتاييفا

في غضون ذلك، قامت المستشارة السابقة لوزير الدفاع الروسي ماريا كيتاييفا، والتي تحمل رتبة لواء فخري في الجيش ولها علاقات مع نائب وزير الدفاع، تيمور إيفانوف، بزيارات متكررة إلى المجر وإيطاليا من أجل التسوق خلال العام الماضي.

ويستخدم بوتين، بعض الدول الحليفة لموسكو وجمهوريات سوفياتية سابقة كـ«بوابة خلفية» للالتفاف على العقوبات الغربية وحظر تصدير بعض المنتجات لروسيا، وفقاً لتقرير لصحيفة «التايمز» البريطانية.

ووُضعت كيتاييفا تحت عقوبات من قبل كندا وأوكرانيا بسبب دعمها للحرب، وحياتها المهنية كمروجة للدعاية الروسية الرسمية، ولكن ليس من قبل الاتحاد الأوروبي.

إيفانوف

ويخضع تيمور إيفانوف لعقوبات الغرب، وهو المسؤول الأول عن البناء في الجيش الروسي ويشرف على إعادة إعمار مدينة ماريوبول الأوكرانية المحتلة.

كما وجدت مؤسسة مكافحة الفساد أن زوجة إيفانوف السابقة، سفيتلانا مانيوفيتش، واصلت السفر إلى أوروبا العام الماضي، بما في ذلك رحلات إلى باريس من أجل الإنفاق على الرفاهية.

أوكرويان

إضافة إلى ذلك، لم تُفرض عقوبات على شقيق وابنة وأقارب آخرين لمكرتيش أوكرويان، كبير المصممين في مجموعة «سويوز»، وهي شركة تصنع محركات للعديد من الصواريخ التي يتم إطلاقها على أوكرانيا، بما في ذلك صاروخ أصاب مركزاً تجارياً في كريمنشوك العام الماضي، ما أسفر عن مقتل 20 شخصا على الأقل.

ويمتلك أقارب أوكرويان عقارات فاخرة ضخمة في بريطانيا. ودعت مؤسسة مكافحة الفساد إلى إدراج أوكرويان وأقاربه في نظام العقوبات.

ولم يرد ممثلو أوكرويان وكيتاييفا ووزارة الدفاع الروسية على طلبات «واشنطن بوست» للتعليق.

وحذرت الولايات المتحدة أربع دول أوروبية من الأساليب التي تستخدمها روسيا للتهرب من العقوبات، وزودتها بقائمة مفصلة بالسلع ذات الاستخدام المزدوج عالية القيمة التي تحاول موسكو الحصول عليها.

وقال المحقق في مؤسسة مكافحة الفساد جورجي ألبوروف، إن «الغزو أجبر الكثير من أفراد النخبة الروسية على بناء حياة كاملة في الغرب، بعيداً عن الحياة تحت حكم بوتين».

وأرسل العديد من هؤلاء الأثرياء الروس، بما في ذلك بعض المسؤولين، أطفالهم للعيش في الخارج، ولهم حسابات مصرفية خارجية ومنازل لقضاء العطلات.

وأضاف ألبوروف أنه «ينبغي إعادة هيكلة العقوبات الغربية، لتأخذ في الاعتبار الحقائق الروسية».