أوصى تقرير أصدرته شركة مارمور مينا إنتليجنس، الذراع البحثية لشركة المركز المالي الكويتي «المركز»، بتعزيز الإمدادات الغذائية المحلية وتنويع مصادر الاستيراد وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود، من أجل ضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل في الكويت.

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «نقص الإمدادات الغذائية في الفترة من 2020 إلى 2022: دول الخليج تواجه مشكلة إتاحة وليست مشكلة إمكانات» أنه يمكن لممارسات مثل الزراعة المائية والري بالتنقيط وأعمال الزراعة أن تعزّز كفاءة استخدام المياه، كما أن الاستثمار في الدول المتقدمة التي تتمتع بالأمن الغذائي يعد خياراً أفضل من الاعتماد على المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

وأكد أنه يمكن لإجراءات مراقبة الحدود الفعالة واستخدام الشهادات الإلكترونية أن يساهما في تيسير الشحن الزراعي، مبيناً أنه من خلال تنفيذ هذه التدابير، يمكن للكويت تعزيز أمنها الغذائي على المدى الطويل، والحد من التعرض لاضطرابات سلاسل التوريد وتعزيز الاستقرار في توافر المواد الغذائية الأساسية.

ولفت التقرير إلى أن التحدي الذي يواجه الأمن الغذائي في الكويت لا يكمن في القدرة على تحمل التكاليف، بل في إمكانية الحصول على المواد الغذائية؛ وذلك بسبب اعتمادها على الواردات، التي تعتبر مرهونة بعوامل مختلفة.

وذكر أن معالجة هذه المسألة تتطلب اتخاذ تدابير لتعزيز الإمدادات الغذائية المحلية، وتنويع مصادر الاستيراد، وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود، إذ من خلال التركيز على هذه المجالات، يمكن للكويت تقليل اعتمادها على المصادر الخارجية وتعزيز أمنها الغذائي على المدى الطويل.

ونوه التقرير إلى أن الأحداث العالمية، ومنها «كوفيد- 19» وتغير المناخ والحرب الروسية على أوكرانيا، سلطت الضوء على مدى هشاشة سلاسل التوريد العالمية، مستعرضاً العوامل المختلفة وراء تضخم أسعار المواد الغذائية وتأثيرها على دول مجلس التعاون الخليجي عامةً، وعلى الكويت خاصةً، كما ناقش الإجراءات التي اتخذتها حكومات دول مجلس التعاون لمواجهة هذه الاضطرابات.

دول الخليج

ولفت التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي، التي تمتلك احتياطيات مالية كافية، تمكنت من ضمان توافر الإمدادات من الواردات الغذائية، واستيعاب أي تقلبات مفاجئة ومتقطعة في الأسعار؛ وذلك لعدم وجود مخاوف في شأن القدرة على تحمل التكاليف، إلا أن الاعتماد على الواردات من المنتجات الزراعية والغذائية يثير بعض المخاوف في شأن تأثير اضطرابات سلاسل التوريد على أسعار المواد الغذائية ونقصها.

وبين أن الكويت تعتمد على الواردات في 95 في المئة من احتياجاتها الغذائية، مشيراً إلى أنه في يناير 2022، أفادت التقارير بأن تكلفة شحن الإمدادات الغذائية إلى الكويت زادت 10 أضعاف؛ من 1400 دولار إلى 14 ألف دولار للطن، فيما بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 7.46 في المئة على أساس سنوي في مارس 2023، بعد أن تسارع من 7 في المئة على أساس سنوي في الشهر السابق.

وبين أنه في ما يتعلق بالإمدادات الغذائية، يبدو أن التأثير كان مختلطاً، فقد كان القمح أحد السلع التي تم تسليط الضوء عليها والتي تأثرت بالحرب الروسية - الأوكرانية؛ حيث كانت هذه الدول مصدراً رئيسياً له، إلا أن الكويت لم تتأثر بشكل مباشر لأنها تستورد القمح من أستراليا، وذلك وفقاً لشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، المستورد الوحيد للقمح في الكويت، في حين ذكرت الشركة في مارس 2022 أن لديها مخزوناً إستراتيجياً يكفي لتغطية ستة أشهر.

إجراءات للمواجهة

وتابع التقرير: «على الرغم من اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الواردات، إلا أنها حافظت على قدرتها في الحصول على المواد الغذائية الأساسية بسبب تدابير الأمن الغذائي الطويلة الأجل التي تبنتها بعد أزمة الغذاء 2007-2008.

وتبنت دول مثل الإمارات وقطر والكويت إستراتيجيات مختلفة لتعزيز أنظمة الأمن الغذائي لديها؛ بما في ذلك صياغة إستراتيجيات غذائية وطنية لتعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الاستيراد، والحد من الهدر الغذائي، وتعزيز الاحتياطيات.

بالإضافة إلى ذلك، تتبنى هذه الدول التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة الرأسية والأدوات الرقمية، لتعزيز سلاسل التوريد وزيادة إنتاج الغذاء. واستجابةً للظروف المناخية غير المواتية للزراعة، استثمرت السعودية والإمارات أيضاً في الأراضي الزراعية في الخارج».

نموذج الرفاه

ذكر تقرير «مارمور» أن نموذج الرفاه الذي تتبناه الدولة في الكويت يشمل دعم المواد الغذائية الأساسية من خلال البطاقات التموينية، إلا أن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية المدعومة أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي.

ونوه إلى أنه خلال تفشي فيروس كوفيد- 19، فرضت الكويت أيضاً ضوابط على أسعار المنتجات الغذائية الأساسية للتخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين، إلا أنه رغم ذلك، ومع استمرار ارتفاع الأسعار العالمية، أعاد المورّدون توجيه منتجاتهم إلى أماكن أخرى، ما جعل من الصعب على المستوردين الحصول على السلع بالأسعار العالمية، الأمر الذي أثّر في توافر المنتجات والخيارات للمستهلك.