كان في مدينة حلب أمير فطن اسمه علي بن منقذ، تابعاً للملك محمود بن مرداس، وعندما حدث خلاف بين الأمير والملك وفطن الأمير إلى أن الملك سيقتله هرب إلى مدينة دمشق.

فطلب الملك من كاتبه أن يرسل للأمير ويطمئنه للرجوع إلى حلب... وشعر الكاتب أن الملك ينوي الغدر بالأمير فكتب له رسالة عادية انتهت بقول «إن شاء الله تعالى» بتشديد النون وذكر قوله تعالى «إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك» وفهم الأمير الرسلة ورد «إنا الخادم المقر بالإنعام» بتشديد النون تأسياً بقوله تعالى «إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها»... يعني «ما راح أرجع»!

ومنذ ذلك الوقت بات قول «الموضوع فيه إن» إذا كان الموضوع/الأمر فيه شك وغموض!

أسوق قول «إن الموضوع فيه إن» بعد قراءة خبر فائض الميزانية الذي تجاوز 6 مليارات دينار كويتي مع أن العجز في آخر تحديث كان موجوداً حتى قبل أقل من شهر... فما الذي طرأ ليتحول العجز إلى فائض؟

إذا رأيت الغموض والشك قد أحاط بمعظم الملفات حتى في سلوكياتنا ومواقف نوابنا تحت قبة قاعة عبدالله السالم، وأحبتنا في الدواوين والملتقيات فردد معي «إن الموضوع فيه إن»!

نصرف المليارات والمحصلة:

ـ سوء التعليم ومخرجاته

ـ سوء تنفيذ المشروعات

ـ تدني مستوى الرعاية الصحية ونقص الأدوية

ـ سوء مستوى المعيشة وبالأخص بالنسبة للمتقاعدين الذين أفنوا عمرهم خدمةً للوطن

ـ سوء إدارة مؤسساتنا

ـ سوء مواقف بعض النواب وتغير المبادئ لدى البعض منهم بمن فيهم رموز «النخبة» إن صحت تسميتهم

ـ سوء الطرق والبنية التحتية وتوزيع الطلبات الإسكانية على الورق

ـ سوء فهم «تنويع مصادر الدخل» و«التنمية المستدامة»

ـ عدم تمكين الكفاءات من تولي المناصب القيادية والاستشارية

ـ انتشار الحسد

هنا الشك والغموض لم يعد خافياً على أحد حيث أصبحنا وأمسينا على القضايا ذاتها محل النقاش منذ عقود من الزمن ويحق لنا قول إن «الموضوع فيه إن» !

بعض القضايا أشبعت نقاشاً وشكلت لجان وقدمت دراسات وفقط تحتاج إلى قرار جريء إلا أن تأخر الحلول «الجاهزة» يجعلنا في حيرة من أمرنا.

إدارياً... بعض القضايا من صميم عمل السلطة التنفيذية: فلماذا تتأخر الحلول؟

الزبدة:

إن الكويت تستطيع وإن كان الغموض يكتنف خبر الفائض والخوف والشك يذكرنا بعوائد استثمارات مؤسسة التأمينات الاجتماعية قبل سنوات قليلة والذي طلع «ماكو شيء»!

اسندوا الأمر لأهله... وادعموا الكفاءات المستبعدة للتقدم ومنحهم سلطة اتخاذ القرارات المدروسة لننهض بالكويت من جديد.

وعلينا أخذ العبر من دول نهضت وازدهرت مثل سنغافورة وماليزيا واتباع خطواتها الإصلاحية بصفة عاجلة، ولنبتعد عن منح المناصب لمن نحب أو قريب منا أو خلافه من المعايير التي أدت إلى انهيار فنزويلا.

وختاماً، نوجه القول «اعقلوها وتوكلوا على الله» والبقاء للأصلح... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com

Twitter: @DrTALazmi