توقفت التظاهرات المناهضة والمؤيدة للتعديلات القضائية في إسرائيل بسبب مناسبة دينية يهودية، أمس، في وقت يدعو قادة التيار القومي إلى المصالحة، بينما تعهد نشطاء بالعودة إلى الشوارع وتكثيف الضغط على الحكومة.

وتصاعدت حدة الأزمة الدستورية، التي دخلت شهرها السابع، الاثنين بعد أن أقرت الكنيست أول التعديلات القضائية التي يتبناها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي تحد من سلطات المحكمة العليا.

ويهدف بند «حجة المعقولية» إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا لإلغاء قرارات حكومية. قبل ذلك كانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.

وناشدت جماعات مراقبة المحكمة إلغاء القانون الجديد. وستبدأ المواجهة القانونية، الخميس المقبل، عندما تنظر المحكمة العليا في استئناف ضد مشروع قانون للائتلاف الحاكم تم التصديق عليه في مارس ويحد من شروط عزل رئيس الوزراء من منصبه.

وفي ظل عطلة تشهدها الدولة لمناسبة ما يطلق عليه «ذكرى خراب الهيكل»، وهو يوم صيام وحداد على تدمير معبدين يهوديين قديمين عزاه البعض آنذاك إلى اقتتال داخلي، أوصى قادة إسرائيليون بأن يدرس الجميع تصرفاته.

وقال الرئيس إسحاق هيرتسوغ، الذي يحاول منذ مارس الماضي، التوسط للوصول إلى تسوية، على «فيسبوك»، «أناشد الجميع: حتى مع وصول الألم إلى ذروته، لابد أن نحافظ على الحدود في الخلاف ونمتنع عن العنف والإجراءات التي لا رجعة فيها».

وأضاف: «يجب أن نتخيل حياتنا معاً هنا بعد 40 و50 و100 عام أخرى، وكيف سيؤثر كل إجراء على أطفالنا وأحفادنا وعلى الجسور بيننا».

وأكد متظاهرون أنهم سيخرجون بقوة مرة أخرى بمجرد انتهاء فترة الصيام عند غروب الشمس. ويتهمون نتنياهو بالعمل على الحد من استقلالية المحكمة في الوقت الذي يدفع فيه ببراءته في محاكمة فساد.

ونشرت شيكما بريسلر، وهي من قادة الاحتجاجات، ملصقاً في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول «الحكومة غير شرعية».

وأضافت «الاحتجاجات ستستمر كما هو مقرر لها في الوقت نفسه الذي يتم فيه تكثيف الإجراءات واستخدام أدوات لم تستخدم من قبل».

من جهته، يدافع نتنياهو عن التعديلات بالقول إنها ضرورية لتحقيق التوازن بين دوائر الحكم.

ووصف الاحتجاجات، التي شملت إعلان الآلاف من جنود الاحتياط في الجيش أنهم لن يمتثلوا للاستدعاء، بأنها محاولة لإفشال التفويض الذي حصل عليه بشكل ديموقراطي.

دفاع ديبلوماسي

من جانبها، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، بأن الحكومة أصدرت تعليمات للديبلوماسيين، طالبتهم فيها بالدفاع عن خطة الإصلاح القضائي.

وفي إطار هذه المهمة، نقلت الحكومة إلى ديبلوماسييها قائمة احتوت العديد من النقاط كي يستخدموها خلال محادثات مع مسؤولي الدول المعنية.

وأشار موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني إلى أن هذه النقاط مطابقة لخطابات وتصريحات أطلقها أخيراً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

ويتبين من التعليمات أن الحكومة تطالب الديبلوماسيين باستعراض صورة الوضع المتعلقة بالاحتجاجات ضد الخطة القضائية، بشكل مخالف تماماً عن تعامل الحكومة معها، والادعاء بأن الاحتجاجات دليل على «قوة الديموقراطية الإسرائيلية» وأن هذه «ديموقراطية نابضة».

إلا أن الحكومة تتهم المحتجين بالتسبب بأضرار اقتصادية وسياسية وأمنية لإسرائيل.

في سياق متصل، أكّد مسؤولون في وزارة المالية، أنه ما من أدوات لتحسين ثقة وكالات التصنيف الائتماني بإسرائيل، مشدّدين على أن المشكلة تكمن في الحكومة، لا في الاقتصاد.

يأتي ذلك فيما كانت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، ذكرت الثلاثاء الماضي، إن إقرار الكنيست التشريع القانوني لإلغاء حجة «عدم المعقولية» بما يحدّ من بعض سلطات المحكمة العليا، يشير إلى أن التوترات السياسية ستستمرّ، وسيكون لها على الأرجح عواقب سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني في إسرائيل.

الإصغاء للمحتجين

وفي جنيف، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمس، إسرائيل إلى الإصغاء للمحتجين الذين يتظاهرون «دفاعاً عن الديموقراطية والحريات الأساسية».

وقال تورك إنه يتابع التطورات عن كثب، مشيراً إلى أن الأفراد من كل أطياف المجتمع الإسرائيلي «يتظاهرون سلمياً، ويقيمون تحالفات للدفاع عن الديموقراطية والحريات الأساسية».

وأضاف في بيان أنّ «هذه الحركة الاجتماعية ذات القاعدة العريضة نمت على مدى أشهر للدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على الفضاء الديموقراطي والتوازن الدستوري الذي بُني بتأن في إسرائيل على مدى عقود عدة».

وتابع «انها تعكس حجم القلق العام من حجم التغييرات التشريعية الأساسية».

وفي إشارة إلى الالتماسات المعروضة على المحكمة العليا، قال تورك إنّ من الضروري منح المحكمة مساحة للبت في الأسئلة المعروضة عليها، وفقاً للإجراءات القانونية السليمة، بعيداً عن الضغط أو التدخل السياسي.

وأضاف «أناشد المشرفين على السلطة أخذ دعوات الأشخاص المنخرطين في هذه التعبئة بالاعتبار وهم أشخاص وضعوا ثقتهم في فكرة قضاء مستقل (..) لحماية حقوق الجميع».

وتُلغي التغييرات التشريعية شرط «المعقولية» الذي تستخدمه المحكمة العليا لإلغاء قرارات الحكومة التي تعتبرها غير دستورية.

وتسبب المشروع المثير للجدل بانقسامات كبيرة، كما تعرّض لانتقادات من حلفاء في الخارج.