لقد خصّ رسولنا الكريم، حفيديه الحسن والحسين، عليهما السلام، بأوصاف تُنبئ عن عِظم منزلتهما لديه، فهما ريحانتاه من الدنيا، وريحانتاه من هذه الأمة، وهما خير أهل الأرض، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وقد استفاض الحديث عن مجموعة من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم قد سمعوا مقالته في ما يخص الحسَنين عليهما السلام:
(اللهمّ إنك تعلم أني أحبهما؛ فأحبهما وأحب مَن يحبهما)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)، فإن للحسن والحسين مكانةً كبيرةً في قلب حبيبنا رسول الله الكريم، ومن تأمل مشاعر الرسول الكريم حولهما شعر بحبهما، وحَزَن يوم عاشوراء، يوم مقتل وشهادة حفيده الحسين بن علي بن أبي طالب، ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله سيدة النساء، الذي قال فيه رسولنا الكريم: (حُسين سبط من الأسباط من أحبني فليحبّ حسيناً).
لقد كان يوم مقتله أليماً عظيماً أحزن الأمة الإسلامية، يقول العلّامة ابن تيمية في «الفتاوى»: (قتلوه مظلوماً له، ولطائفة من أهل بيته، رضـي الله عنهم، وكان قتله، رضـي الله عنه، من المصائب العظيمة، فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله كانا أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة وقتلهما من شرار الخلق عند الله)، وقال أيضاً: (فلما قتل الحسين بن علي، رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية، وأكرم الله الحسين بالشهادة، كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته، أكرم بها حمزة وجعفراً وأباه علياً وغيرهم، وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته، فإنه هو وأخوه الحسن سيّدا شباب أهل الجنة، والمنازل العالية لا تنال إلّا بالبلاء) انتهى قوله.
وقال العلّامة ابن كثير، رحمه الله،: (فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين، رضـي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته). انتهى
ومن حَزَن قلبه بكت عيناه وحرّك لسانه بالدعاء، ولا يصل الحزن إلى النوح وشق الجيوب، يقول الحسين عليه السلام لأخته زينب:
(يا أُختي، أحلفك بالله عليك أن تحافظي على هذا الحلف، إذا قُتلت فلا تشقّي علَيَّ الجيبَ، ولا تخمشي وجهَك بأظفارك، ولا تنادي بالويل والثبور على شهادتي)... فهو يوم حزن لما أصابه، وكذلك يوم شكر لأنه بلغ الشهادة.
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @