في خطوة متقدمة برلمانياً، قدم النائب حمد العليان مذكرة مكتوبة مطوّلة، تضمنت ملاحظاته على برنامج عمل الحكومة، وهي أشبه بدراسة نقدية تفصيلية لما تضمنه البرنامج، في سابقة لم يعهدها العمل البرلماني بهذه الدقة والتفصيل، وبمذكرة طويلة.
وقال العليان، في تصريح بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة أمس، إنه تقدم بهذه المذكرة تحملاً للمسؤولية ومن باب التعاون وإعمالاً لنص المادة 98 من الدستور وحتى يقرن الأقوال بالأفعال.
وأكد أنه لم يتقدم بهذه المذكرة إلا من باب التعاون واستجابة لما طرحته الحكومة بنهاية الجلسة الماضية، بأن طلبت من النواب تقديم ملاحظاتهم في شأن البرنامج مكتوبة، حتى تكون محل نظر واهتمام الحكومة.
وضمن العليان المذكرة ملاحظاته بشكل عامٍ ودقيق على برنامج عمل الحكومة، «الذي أرى بأنه جاء بشكل لا يعكس طموح وتطلعات الشعب الكويتي الذي قرر في تاريخ 6 - 6 - 2023 تصحيح المسار السياسي، والنهوض بالنظام الديموقراطي والبرلماني، واستجابة لمضامين وتوصيات خطاب سمو الأمير الذي ألقاه نيابة عنه سمو ولي العهد»، مشيراً إلى أن «وصف برنامج عمل الحكومة بالإنشائي، ليس وليد اللحظة، وإنما جاء بناء على ممارسات الحكومات السابقة، بتقديمها لبرامج عمل تكون محط انتقادات واسعة، كونها لا تحدد أهدافاً واضحة بأي شكل من الأشكال».
واعتبر أن «برنامج عمل الحكومة لم يكن برنامج عمل وفقاً للأطر الحديثة والمتطلبات الواقعية التي تشغل الشارع والمجتمع الكويتي، والذي يجب أن يتضمن أهم المشروعات والأولويات السياسية والتنموية والفنية، وأن تبين فيه الحكومة أهدافاً رقمية دقيقة في كل الأصعدة والمدة الزمنية الواضحة للوصول لهذه الأهداف. وإنه من الغرابة بمكان أن تضع الحكومة برنامج عملها، وفي نفس الوقت هي تعلم أنها لن تكون قادرة على تنفيذه، بسبب إفراغ الدولة من القياديين والإشرافيين الذين سيقومون بوضع الآليات والضوابط والخطط لتنفيذ رؤية الحكومة عبر برنامج عملها، ما يستوجب الإسراع نحو سد تلك الشواغر».
ورأى أن «الإصلاحات السياسية بوابة إصلاح كل الملفات والمشاكل والمجالات، وما يثير الاستغراب وخيبة الأمل عدم تضمين برنامج عمل الحكومة الحالي لمثل هذه الإصلاحات، وأبرزها ملف الحريات، حيث كانت الكويت منبراً للحرية في الوطن العربي والحامي الأول لها، وأصبحت على النقيض من ذلك، ففي الحقبة السابقة السيئة لمجلس الأمة انبرى المجلس والحكومة، إلى تقييد حريات الأفراد والجماعات بتشريع قوانين لتكميم الأفواه وتقييد حرية الفرد في التعبير عن رأيه ووضع عقوبات أبدية وتطبيق تعسفي للقوانين، وحرمان المواطنين من حق الانتخاب والترشيح وملاحقة المغردين وأصحاب الرأي، واستعمال القوانين بتقييد أحكام الدستور بشكل تعسفي، فلا بد أن يكون لمعالجة هذا الموضوع حيز كبير في برنامج عمل الحكومة الحالي، وليكون هذا المحور، كغيره من الإصلاحات السياسية، بوابة لتبيان جدية الحكومة وسعيها لتصحيح المسار السياسي.
وأوضح العليان أنه في ملاحظاته يعالج العوار في برنامج عمل الحكومة على قسمين: تناول أهم الأولويات والمشروعات الضرورية التي أغفلتها الحكومة وتمثل أهمية قصوى لمجلس الأمة، والثاني تضمن الملاحظات الفنية والشكلية، على ما جاء في محاور برنامج عمل الحكومة.
إضافة محور... «الإصلاحات الشاملة»
رأى النائب حمد العليان أن برنامج عمل الحكومة خلا من ملفات عدة ضرورية، وأولويات يرى بأنه من الواجب إضافتها في البرنامج المقدم للمجلس، وأن تتبناها الحكومة، وهي ثلاثة ملفات على النحو الآتي:
1 - الإصلاحات السياسية:
- تعديل النظام الانتخابي «قانون القوائم النسبية».
- قانون الجماعات السياسية.
- قانون المفوضية العليا للانتخابات.
- الحريات.
- تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
2 - الإصلاحات القضائية:
- قانون المحكمة الدستورية.
- قانون تنظيم القضاء، ويتفرع منه: قانون مخاصمة القضاء وقانون إنشاء مجلس الدولة.
- قانون ضم التحقيقات للنيابة.
3 - الإصلاحات الإدارية:
- تطوير فلسفة العمل الإداري الحكومي الحالي.
- تعديل قانون الخدمة المدنية.
- تجديد منظومة العمل في قطاعات الدولة المختلفة.
- نقل منظومة الدورة المستندية السلبية في الدولة إلى منظومة منتجة وسريعة وفاعلة.
- تحديد أهداف ومدد زمنية تضعها الحكومة لإنجاز وتنفيذ النهضة في العمل الإداري.
الملاحظات الخاصة بمحاور برنامج عمل الحكومة
أكد العليان أن البرنامج تضمن محاور وأبواباً عدة، اشتملت على مشاريع ورؤى، رأى أن عليها العديد من الملاحظات التي يريد تنبيه الحكومة لها وأن يراعي نظرها تجاهها.
• المحور الأول: استقرار المالية العامة
- يجب أن يبين البرنامج الهدف المراد الوصول إليه في كلٍ من بند الإيرادات والمصروفات.
- غالبية البرامج والمشاريع المهمة مرجأة لسنوات قادمة، مثل برنامج إطلاق إطار عام لهيكلة التحول إلى ميزانية الأداء والبرامج، الذي يجب إنجازه خلال السنة الأولى لأهميته.
- وجوب تقديم إصدار إطار عام لإعادة تسعير أملاك الدولة، للسنة الأولى بدلاً من الثانية.
- إلغاء البند رقم (8) «تدشين آلية تسعير للخدمات العامة والرسوم».
- بند «إصدار إطار عام للضريبة على الشركات» جاء مفتقراً لبيان تفاصيله وآثاره، بما يضمن عدم تحميل المستهلكين تبعية إقرار هذه الضريبة.
- حذف البند رقم (10) «إقرار قانون الدّين العام».
• المحور الثاني: الأجندة الاقتصادية
هذا المحور جاء متسقاً مع السياسة الاقتصادية المنشودة، ومفصلاً بشكل واضح ودقيق في أغلبه، ووضع أرقاماً وأهدافاً خلال مدة معينة، بالإضافة إلى نوعية المشاريع مثل «صندوق سيادة» الذي جاء بفكرة اقتصادية محمودة، من شأنها إصلاح الوضع الاقتصادي في البلد والعمل على تطوير هذا الجانب، بما يواكب الحلول الاقتصادية العالمية وبما يرسخ اقتصاداً قوياً ومتيناً تنعم به الدولة ويحقق لها رخاءها واستدامتها.
• المحور الثالث: خلق فرص العمل وبناء القدرات
في البند الأول تحدث البرنامج عن البديل الاستراتيجي:
- ما الآلية الموضوعة لهذا البرنامج؟
- ما التعديلات المقترحة للوصول لهذا الهدف؟
- في ما يخص قانون الخدمة المدنية ما السبيل للتعامل معه أم أنه سيتم استبدال القانون بقانون جديد آخر؟
• المحور الرابع: رفاه مستدام ورأسمال بشري قوي
أولاً، ملف التعليم
من غير المنطقي أن تدار العملية التعليمية بشكلها الحالي من خلال:
1 - وزارة التعليم: برئاسة وزير التعليم.
2 - المجلس الأعلى للتعليم: برئاسة وزير التعليم.
3 - المركز الوطني لتطوير التعليم: برئاسة وزير التعليم.
من غير المقبول ولا المنطقي أن يترأس وزير التعليم كل هذه المناصب، وهو من يشرف ويخطط ويقيم ويحاسب «هو الخصم وهو الحَكم»، هذا التشابك والتناقض في هذه الجهات الثلاث هو أساس تعطيل تنمية التعليم والارتقاء بالمنظومة التعليمية في الكويت.
ولا مناص من فك هذا التشابك والتناقض بأن:
- تكون تبعية المجلس الأعلى للتعليم لمجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء.
- وزارة التعليم برئاسة وزير التعليم.
- المركز الوطني لتطوير التعليم المعني بالمراقبة الحثيثة، برئاسة جهة تابعة لمجلس الوزراء.
ملاحظات أخرى:
- مدارس الأفق الواردة في البرنامج، فشلت في عدد من الدول منها قطر وكندا والسويد وأميركا وبريطانيا.
- تفسير آليات ومنطق تضمين البرنامج فتح دراسات عليا في جامعة عبد الله السالم التي عجزت الحكومة حتى الآن عن تشغيلها.
- برنامج عمل الحكومة يتناقض مع إعلان وزارة التربية في شأن موضوع «الاختبارات الوطنية» من حيث المدة.
- في ما يخص رخصة المعلم، ما الآلية التي سوف يتم فيها تطبيق الرخصة؟ وما النتائج المتوقعة بعد تطبيقها؟ وبوجود كليات خاصة لتخريج المعلمين ما الحكمة من ألا تكون اختبارات رخصة المعلم جزءاً أساسياً في تخريج المعلمين في هذه الكليات؟
ثانياً، ملف الصحة
في برنامج الرعاية الصحية المتقدمة، لاحظ العليان ملاحظات عدة بينها الآتي:
- عزم الحكومة استقطاب 50 من الخبرات التخصصية العالمية والأطباء الزائرين في المجالات الجراحية والتخصصات النادرة سنوياً، لن يساهم في حل مشكلة العلاج بالخارج.
- يجب أن تضع الحكومة خطتها لرفع المستوى الطبي بجلب مستشفيات على مستوى عال ووضع خطة لتشغيل المستشفيات الحديثة وحل المشاكل الإدارية في المستشفيات.
- من واجب وزارة الصحة وضع خطة لإلغاء الابتعاث للعلاج بالخارج وليس محاولة إيقاف الهدر المالي بإقرار لوائح جديدة.
• المحور الخامس: حكومة منتجة
جاء هذا المحور ليبيّن كيفية تحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية بشكل تدريجي، وسجل العليان ملاحظات عدة عليه، وفقاً للآتي:
- الإبقاء على قانون الخدمة المدنية بشكله الحالي لن يخدم رؤية وتصور الحكومة في تنفيذ برامج عملها المختلفة وسيعدم أي خطوة إيجابية نحو تحقيق أهدافها.
- عصب برنامج عمل الحكومة تنفيذه بالطرق الصحيحة وبما يخدم الرؤية ذاتها وهو ما لن تستطيعه الحكومة في ظل هذا القانون الذي سيعرقلها.
- في ظل التحول الرقمي في العالم وحوكمة القطاعات الحكومية أصبح من الواجب العمل على تجديد منظومة العمل في قطاعات الدولة المختلفة.
- تحديد أهداف ومدد زمنية تضعها الحكومة لإنجاز وتنفيذ النهضة في العمل الإداري.