أفادت توصية لمستشار حكومي بريطاني كبير تعود الى أكثر من 20 عاماً وكشف عنها في محفوظات نشرت أمس، أن على لندن أن تنسج «علاقة أقرب» مع كييف للحؤول دون «تدخل روسي في أوكرانيا».
في المذكرة السرية التي تعود الى يوليو العام 2001، تحدث مستشار السياسة الأجنبية روجر ليدل عن السيناريو «الأسوأ» الذي يشكله «التدخل الروسي في أوكرانيا» وكذلك عن المقاومة المتوقعة من الأوكرانيين لصيانة «استقلال بلادهم الذي تم نيله بصعوبة».
المذكرة التي وجهت الى رئيس الوزراء آنذاك توني بلير تشكل قسماً من مئات الصفحات من أرشيف الحكومة البريطانية في شأن أوكرانيا نُشرت أمس. وتتناول الفترة ما بين 2001 - 2002.
وهي تظهر الصعوبات التي واجهتها بريطانيا في الاستجابة لتطلعات اوكرانيا بالانضمام الى حلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي بعد عقد على انهيار الاتحاد السوفياتي.
بعد أكثر من عشرين سنة، لم تنضم أوكرانيا الى أي من المنظمتين وتواجه اوكرانيا منذ فبراير 2022 غزواً روسياً واسع النطاق.
في المحفوظات، بدت لندن وكأنها تدعم الطموحات الغربية لكييف لكن عبر فرض شروط قاسية. تستبعد مذكرة داخلية على سبيل المثال احتمال تبادل زيارات الدولة بين القادة البريطانيين والأوكرانيين في 2002 و2003.
تفصل مذكرة أخرى معارضة لندن آنذاك لتمكين أوكرانيا من تجاوز خطوة إضافية نحو الانضمام الى حلف شمال الأطلسي.
تقول المذكرة إن كييف «بعيدة عن الوفاء بالمعايير المطلوبة» وهذا «سيعّقد بشكل كبير إدارة علاقاتنا بين الأطلسي وروسيا».
في هذه الفترة- بعد وقت قصير من اعتداءات 11 سبتمبر 2001- أراد حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه الغربيون تعزيز علاقاتهم مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين الذي عبّر عن دعمه «للحرب ضد الارهاب» التي أطلقتها الولايات المتحدة.
في رسالة في نوفمبر 2001 الى الأمين العام لحلف الاطلسي جورج روبرتسون، أشاد توني بلير بـ «تجديد» العلاقات بين موسكو وحلف الأطلسي، وقال إنه «مقتنع» بأن الرئيس الروسي يريد «تطوير شراكة جديدة مع حلف الاطلسي».
- رؤية «متفائلة» عن بوتين
في مذكراته، شرح روجر ليدل الذي بات الآن عضواً في مجلس اللوردات البريطاني، الأهمية الاستراتيجية لأوكرانيا.
بعد استقباله وفداً أوكرانياً في بريطانيا في ديسمبر 2001، أبلغ بلير بان الأوكرانيين شعروا بأن لندن لديها «وجهة نظر متفائلة جداً عن بوتين» الذي اعتبروه سياسياً قديراً ولائقاً لكن ليس بطلاً ديموقراطياً.
قبل ستة أشهر، كان أوضح في رسالة رغبة كييف في إقامة «علاقة خاصة» مع لندن «لو اننا أظهرنا اهتماماً أكبر من جانبنا».
وقال إن «تعزيز الديموقراطية والاقتصاد الأوكرانيين المتعثرين يزيد من استقرار الحدود الشرقية المستقبلية للاتحاد الأوروبي ويشكل عائقاً كبيراً أمام أي عودة للإمبريالية الروسية في الغرب».
وأضاف أن «انهيار أوكرانيا من الداخل سيؤدي في أحسن الأحوال إلى ضغوط هجرة كثيفة من بلد يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة عبر حدود الاتحاد الأوروبي التي يسهل اختراقها».
وتابع «في أسوأ الأحوال، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تدخل روسي في أوكرانيا وحرب أهلية يطلقها اوكرانيون من الغرب الذين يقاومون بشدة تآكل استقلال بلادهم الذي تم نيله بصعوبة».