الغدر والمكر والخيانة تُلقي شرورها على صاحبها، وتعود إليه مهما طال الزمن، ومن فضل الله وعدله أنه يجازي الإنسان بحسب ما عمل؛ فمن عمل خيراً يُجزى بمثله، ومن عمل شراً يجزى به، قال تعالى:
«منْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا ربُّك بِظلّام للعبيد»
سورة فُصّلت/46.
وقد فسّر الشيخ الشعراوي الآية بقوله: «أنتم أحرار، يُؤمن مَنْ يؤمن، ويكفر مَنْ يكفر، فكلٌّ مُجازَى بعمله (منْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ) أي هو المستفيد، وليس لي من عمله شيء (وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا) أي: على نفسه تحسب إساءته، هذه قضية يقرّرها ربُّك عزّ وجل، ولك أن تختار لنفسك، وأنْ تُوردها المورد الذي يُسعدها لا الذي يُشقيها».
فالإنسان يعود نفع عمله على نفسه، ومن أساء يرجع وبال ذلك عليه، فأولئك الذين يدبّرون المكائد لا بد وأن يأتي يوم ويقعون في الفخ نفسه الذي نصبوه لغيرهم، وكما في المثل المعروف: (مَن حفر حفرةً لأخيه وقع فيها) وهي حِكمة بليغة، ولها قصة لأخوين، أحدهما تاجر كبير، والآخر أعمى فقير، وقد اعتاد الأخ الغني على الجلوس بالقرب من دكانه يتسامر مع مجموعة من التجار، ولما يمر الأخ الفقير الأعمى من أمامهم بثيابه الرثة وحالته المزرية، ويضرب الأرض بعصاه، يلتفت التجار ويخجل أخوه الثري منه، فقرّر أن يتخلّص منه، وأمرَ خدمه أن يحفروا حفرة كبيرة، ليقع الأعمى في طريقه عند صلاة الفجر، ولما حان وقت الصلاة خرج الأخ الغني من منزله، ومرّ من أمام الدكان ناسياً أمر الحفرة، فوقع فيها، ولم يميزه الخدم في الظلام، وظنوا أنه الأخ الأعمى فسارعوا وطمروا الحفرة بالتراب، وفي الصباح لم يأتِ الأخ الغني لفتح الدكان، ووقف العمال والخدم عند بابه ينتظرونه، وإذا بالأخ الأعمى يأتي من بعيد يضرب الأرض بعصاه، دُهش الخدم ونظروا في وجوه بعضهم البعض؛ فالذي حفر الحفرة لأخيه هو مَن وقع فيها!
فالظالم قد ظلمَ نفسه، والذي حفر وخطّط وغدر وقع في شر أعماله... وكما قال أحد الصالحين: (الحسنة لا تضيع على ابن آدم والذنب لا يُنسى ولو بعد حين).
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @