أدى هجوم مسيّر على جسر كيرتش، الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، إلى تدمير جزء منه، وسط تنديد الكرملين بالحادث، واعتراف كييف بالتنفيذ.
استهداف جسر كيرتش، حسب خبراء تحدثوا لموقع «سكاي نيوز عربية»، سيزيد من وتيرة التصعيد بين الجانبين، كما سيؤثر بشكل كبير حال خروجه عن الخدمة، أو استمرار تعطيل الحركة في تأخير الإمدادات العسكرية للجبهة الجنوبية الروسية، التي تركّز فيها كييف هجومها المضاد.
فكيف سيؤثر هذا الهجوم على مجريات الحرب ميدانياً؟
لماذا كيرتش؟
الجسر يربط مقاطعة كراسنودار الروسية (شبه جزيرة تامان) بجزيرة القرم عن طريق جسرين، أحدهما لمرور المركبات، وآخر للسكك الحديد، ويمر ثلث الجسر تقريباً فوق جزيرة توزلا التابعة لشبه جزيرة القرم، وتم تنفيذه بأوامر مباشرة من الرئيس فلاديمير بوتين.
يقول ماتيوشين فيكتور، المتخصص بحل النزاعات الدولية في جامعة تافريسكي الأوكرانية، إن جسر كيرتش من أهم وأثمن الأهداف العسكرية في الحرب، ويؤثر بشكل مباشر في سير الهجوم المضاد على الجبهة الجنوبية.
ويوضح لـ «سكاي نيوز عربية»، مكاسب كييف من خروج الجسر عن الخدمة حتى لو بشكل موقت، حيث تشكل شبه جزيرة القرم، قاعدة خلفية لوجستية للقوات الروسية المنتشرة في الجنوب، خصوصاً لإرسال تعزيزات وصيانة معدات.
وتوقع فيكتور استمرار الضغط الأوكراني عن طريق المسيرات، سواء طائرات أو قوارب، من أجل قطع أبرز خطوط الإمدادات الروسية.
وقال إن ذلك يساهم في اختراق الدفاعات التي تتحصن بها تلك القوات بالأخص جنوباً، مؤكداً أن تلك العمليات تثبت مدى الضعف لقوات الدفاع الجوي الروسية المعنية بحماية الجزيرة.
أسباب أخرى لأوكرانيا
يرى مدير مركز «جي سي إم» للدراسات ومقره موسكو، آصف ملحم، أن أوكرانيا ستستمر في استهداف القرم، حيث تعتبر شبه الجزيرة هي قاعدة الإمداد ومركز التوزيع الرئيسي لقوات الجنوب؛ والجسر هو من أهم الممرات التي تنقل روسيا عبره معداتها العسكرية وذخائرها إلى شبه الجزيرة ومن ثم خيرسون وزابوريجيا.
ويُضيف ملحم، لـ «سكاي نيوز عربية»، أن القوات الأوكرانية دأبت على قطع تواصل القرم مع الأرض الروسية من جهة، وقطع تواصله مع الجبهة من جهة أخرى، وهذا يذكرنا بقصف أوكرانيا لجسر تشونغار، الذي يصل القرم بخيرسون.
أما طرق الإمداد الأخرى عبر لوغانسك ودونيتسك، فيصعب على أوكرانيا التعامل معها كما هو الحال مع الجسور التي تصل القرم بروسيا.
ويرى ملحم، أسباباً أخرى للهجوم الأوكراني على جسر القرم، ومنها:
- التغطية على فشل الهجوم المضاد، فأوكرانيا لم تحقق أي نجاحات ملحوظة، وبالتالي هذا التفجير يخلق حالة من رفع معنويات الجيش والشعب الأوكرانيين وإرسال رسالة بأننا ما زلنا ممسكين بزمام المبادرة.
- خلق حالة من الذعر والفوضى بين سكان القرم أنفسهم وفي الشارع الروسي أيضاً، خصوصاً خلال الموسم السياحي، فالكثير من الروس يصطافون في القرم.
- استفزار روسيا للقيام بعمل أحمق ما، لتتمكن كييف من استثماره بهدف استجرار المزيد من المساعدات الغربية.
وحول تأمين الجسر، يقول ملحم في الواقع، إن الإجراءات الأمنية هناك كبيرة، وفق ما أكدته العديد من المصادر، لكن تم التفجير بواسطة «درونات بحرية»، تغوص تحت الماء على أعماق غير كبيرة.
هناك مراقبة روسية لحوض البحر الأسود بالكاميرات الحرارية والرادارات والسونارات (الكواشف العاملة بالأمواج الصوتية)؛ لذلك فوصول هذه الدرونات إلى الجسر يعني: إما تقصير من الجانب الروسي بالمراقبة، وإما المراقبة لم تتم على الإطلاق، وإما ثمة فجوات في تغطية كل مناطق البحر الأسود.
في تلك الزاوية، يرى ملحم أنه سيكون على مستويين:
1 - المستوى السياسي: ستستثمر روسيا الحادث لمواجهة الدول الغربية التي تدعم كييف، خصوصاً انعقاد جلسة لمجلس الأمن حول أوكرانيا، وهذا ما سيساعدها على تقوية موقفها أمام هذه الدول من جهة، وأمام بقية دول العالم.
2 - المستوى العسكري: ستقوم بتكثيف ضرباتها على البنى التحتية العسكرية في أوكرانيا، وقد تلجأ إلى قصف بعض غرف العمليات المشتركة الأوكرانية - الأطلسية، خصوصاً أن موسكو، اتهمت صراحة واشنطن ولندن بالضلوع في الهجوم، كما أن الجانب الأوكراني أشار بشكل غير مباشر إلى ضلوعه بالعملية؛ وهناك أهداف أخرى مهمة أيضاً، كجسري زاتوكا وماياكي، اللذين يصلان الأجزاء الجنوبية من أوديسا مع بقية أجزاء المقاطعة.
وتابع مدير مركز «جي سي إم» للدراسات: «يبدو أننا بدأنا ندخل في طور جديد من الحرب، سيكون التصعيد فيه سيد الموقف، وقد يصل هذا التصعيد إلى الجبهة البيلاروسية، ولاسيما بعض وصول قوات فاغنر والحديث عن شق ممر كوفالسكي، الذي يصل بيلاروسيا بمقاطعة كالينينغراد الروسية».