الساحة السياسية المحلية أصبحت صعبة جداً وغير منطقية ومقزّزة في الوقت نفسه، أصبح النواب لا حول ولا قوة لهم، بل إن آراءهم ومواقفهم أصبحت أسيرة لعدد من الحسابات المؤثرة في «السوشيال ميديا»،

ويا ليتها حسابات حقيقية بل معظمها بأسماء مستعارة لا تعلم من خلفها. فتجد النواب يهرولون للانسجام مع هذه الحسابات ويردون أي شبهة يطرحونها ويتخذون أي موقف يريدونه، وكأنهم فعلاً أصبحوا أسرى لها ولوسائل التواصل بشكل عام.

في السابق، سواءً داخل المجلس أو خارجه تكون هناك آراء مختلفة والكل يحترم رأي الآخر ويبقى الاحترام المتبادل والتقدير و«اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، كما قيل، لكن اليوم السياسة المتبعة هي «أنت لست معي إذاً انت ضدي».

من الصعب اليوم أن تدلي برأي أنت مقتنع فيه حتى وإن كنت تحمل أسبابك المنطقية لتبني هذا الرأي، ولكن سرعان ما يتم تصنيفك مع هذا الفريق أو ذاك الفريق. كثير من أبناء الشعب الكويتي لا تعنيهم هذه التجاذبات ولا هذه الخلافات ولا هذه الصراعات، هم مع الكويت أولاً وأخيراً ومع مَن يتبنى قضاياهم ويحل مشاكلهم.

أصبحت الاتهامات هي سيدة الموقف وأصبحت التصنيفات جاهزة للأسف.

أتمنى من السادة النواب أن يخرجوا من عباءة الخوف من وسائل التواصل الاجتماعي ويعملوا لما فيه مصلحة الناس وأن يدلوا بقناعاتهم وآرائهم، لا أن يعلنوا شيئاً وفي الغرف المغلقة شيئاً آخر.

الناس ملّت هذه الصراعات وهذا التناحر، الشعب يريد حل قضاياه ومشاكله العديدة، البلد عانى في السنوات السابقة من نزاعات وصراعات لا طائل من ورائها، نتمنّى اليوم الالتفات إلى مصالح البلد ومصالح الناس بعيداً عن المعارك الشخصية التي أرهقت الجميع.

دائماً ما نقرأ في وسائل التواصل أن فلاناً مختلس أو فلاناً تم تحويله للنيابة أو منعه من السفر، وفي الأخير نكتشف أن هذه المعلومات غير صحيحة نهائياً.

نحن ندعو إلى عدم التهاون مع كل مَن تسول له نفسه الاعتداء على المال العام، وندعو إلى اتخاذ أقصى الإجراءات ضدهم ولكن بعد ما يتم التأكد والتثبت من هذه الاتهامات.

في النهاية هم لديهم عوائل وسمعة، فالظلم ظلمات فلا يجوز أن نظلم أحداً دون دليل أو دون محاكمات.

باختصار نتمنّى الارتقاء في العمل السياسي واحترام جميع الآراء فليس الكل مُصنّفاً مع هذا الفريق أو ذاك الفريق، فمعظم الشعب الكويتي مع الكويت ومصالحها ولا تعنيه هذه الخلافات والنزاعات في شيء.