في ضوء ما صرّح به مصدر مسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية والذي نشر في صحيفة «الجريدة» الكويتيه بتاريخ 7 يوليو 2023، بقوله: «إن بلاده لن تستجيب لدعوة الكويت والسعودية للعودة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية في الحد الشرقي للمنطقة المقسومة المغمورة التي يقع فيها حقل الدرّة»، مضيفاً «بأن إيران تعتبر أن حصتها في الدرّة تزيد على 40 في المئة، ولن تتراجع عن حقها لأي سبب كان وأنه لن تُجرى أي مفاوضات قبل أن يقبل الطرف المقابل، وما دام ترسيم الحدود لم يتم بشكل رسمي بين الجانبين فإنّ موضوع استخراج الثروات يجب أن يتم الاتفاق عليه أو أن يقوم كل جانب باستخراج الثروات بشكل أُحادي».
إنّ مثل هذا التصريح يؤكد تماماً النوايا الإيرانية تجاه تصعيد الموضوع وعدم الالتزام بترسيم الحدود إلّا وفق شروطهم المسبقة، وبأن لهم حقاً في حقل الدرّة متجاهلين كل القواعد القانونية لقانون البحار في ترسيم الحدود البحرية للدول المتقابلة وهو خط المنتصف، وأنهم في سعيهم هذا يريدون فرض إرادتهم وتهييج الشارع الإيراني وتضليل المجتمع الدولي، وهذا ما يدعونا إلى طرح التساؤل حول كيفية معالجة هذا الادعاء الإيراني؟، وما هي المعطيات السياسية والإعلامية لتوضيح حق الكويت في ترسيم حدودها البحرية مع إيران؟ إنه في خضم دفاعنا عن أحقية وطننا الكامل في حقل الدرّة ضد الادعاءات الإيرانية فإن هناك قطاعاً كبيراً من الشعب لا يعلم حقيقة هذا الموضوع ومنهم أعضاء في الحكومة وكذلك أعضاء في مجلس الأمة، إضافة إلى الكثير من النخب الفكرية الكويتية التي تتحدّث بما لا تعرف حيث إن بعضها يستمد آراءه من خلال منصات التواصل الاجتماعي، كما إن صيغة البيانات التي صدرت من قِبل وزارتي الخارجية والنفط فيها من الاستحياء أكثر من توضيح للموقف.
إن المطلوب سياسياً من قبل الحكومة بأخذ زمام المبادرة في توضيح حقيقة مثل تلك الادعاءات الباطلة لعموم الشعب الكويتي، وذلك من أجل تحصينه من أي إشاعات مغرضة والتأكيد على أهمية مطالبة الجانب الإيراني بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وليس فقط الدفاع عن حقل الدرّة، وانه في تطبيق القواعد القانونية الدولية فإن المياه الإقليمية الكويتية ستتعدى المنطقة المقسومة المغمورة.
إنّ القيادة الايرانية تعلم عِلم اليقين بأنه لو طبقت تلك القواعد القانونية فإن الترسيم البحري سوف يصل إلى منتصف حقل سروش النفطي، ناحية إيران.
إذا كان المصدر الإيراني يصرّح بأن لإيران حقاً في حقل الدرة بنسبة 40 في المئة، فإنّ الرد الكويتي يجب أن يكون بأن لنا حقاً في حقل سروش بنسبة 50 في المئة، عند اعتماد القواعد القانونية الدولية لخط المنتصف والذي يبدأ قياسه من أدنى انحسار الماء عن الشاطئ المقابل مع إعطاء أثر للجُزر الموجودة كجزيرة فيلكا وتوابعها، إضافة إلى جُزر كبّر وقاروه وأم المرادم.
كما هو معلوم فإن إيران قامت بتخطي القواعد القانونية لقانون البحار من خلال إعلانها عن خط الأساس الإيراني من حيث اعتبار جزيرة خرج الإيرانية والتي تبعد عن الساحل الإيراني بنحو 17ميلاً بحرياً كنقطة أساس، واعتمدت فيها الخطوط المستقيمة لرسم خط أساسها، الأمر الذي اعترض عليه العديد من الدول ومنها العراق حيث أدخلت إيران في ضوء هذا المبدأ ميناء البكر العراقي امتداداً إلى شط العرب ضمن مياهها الإقليمية حسب مفهوم الخط المستقيم، علماً بأن هذا المبدأ لا ينطبق على حالة وشكل السواحل الإيرانية.
إنّ الموقف الكويتي واضح تماماً، وعلينا اتخاذ الخطوة الشجاعة في التوضيح للعالم بحقنا في المشاركة في حقل سروش وألا نكتفي في الدفاع عن حقنا في حقل الدرة المملوك بكامله لدولة الكويت.
أعلمُ بأننا سنكون أمام مشكلة مستقبلية ستخلقها إيران للهروب إلى الأمام دون أي اعتبار لحُسن الجوار.