يعتبر «كتاب الله» القرآن الكريم من أفضل الكُتب السماوية التي أنزلها الله على رُسله، عن طريق جبريل الأمين على وحي الله تعالى - فنزل به على أفضل الخلق سيدنا محمد - صلى الله عليه وآل وسلم - حيث أنزل الله كتابه لأفضل أُمة أُخرجت للناس، وهو المنهاج الأمثل الذي ارتضاه الله للبشرية كلها ليتبين لهم فيه كل شيء من العقائد والعبادات والمعاملات والحقوق الشخصية.

فمهمة القرآن الكريم لا تقف عند حد الاعتقاد وتوحيد الخالق، بل تزيد عليه تهذيب السلوك وتربية القلب والعقل وتطبيق قواعد العدل على النفس، فإذا كان الإنسان لا وجود له ولا حياة بغير الروح والقلب والعقل فإن المسلمين لا كيان لهم ولا حياة بغير القرآن الكريم، فهو الضياء والغذاء والشفاء.

إنّ هذا القرآن العظيم يهدي المسلمين للتي هي أقوم في دنياهم وأخراهم ويحفظ لهم طريق الإصلاح والصلاح وينظم لهم شؤونهم في الحياة، وهذا الفرقان من الله تعالى فرّق به بين الحق والباطل والعدل والجور، والإحسان والإساءة، فبه أخرجَ الأُمة من ظلمات الجهل وشتات التفرق والتشرذم وغيابات الطغيان والعصيان والمتاهة في الأرض، فتقدمت به الأمم وارتقت معه إلى نهاية القمم، وسمت حضارتها على سائر الحضارات، فأخذت بزمام البشرية وركابها في طريق الرقي الحضاري.

وكفى بالمسلمين شرفاً أنّ القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه رب العالمين، بلسان عربي مبين، فتعبّد المسلمون بتلاوته وكفى بذلك تعظيماً، فلا يوجد كتاب في تاريخ البشرية كله قد نال من المكانة في نفوس أصحابه كما نال القرآن الكريم في نفوس المسلمين، ولا عجب أن سماه الله تعالى «بالقرآن» فهو الكتاب المقروء الذي لا تفتر قراءته في ليل أو نهار أو سر أو جهار في كل صلاة أو ذِكر.

لن تسعنا المجلدات ولا الكتب ولا الأوراق للحديث عن فضل القرآن الكريم وعظمة نزوله على الناس وأثره على نفوسهم... فهو الكتاب الحق الذي جعله الله سبحانه معجزة لنبيه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وان أول كلمة أُنزلت فيه «اقرأ» ليصبح الكلام معجزاً، ولو أنزل الله عز وجل هذا القرآن على غير البشر، أي لو أنزله على جبلٍ لرأيته خاشعاً من خشية الله.

القرآن الكريم كلام الله الذي تكلّم به بالحقيقة على الوجه الذي يليق بجلاله وعظمته، ولم ينزّل الله من الـسـمـاء أعــظـــم من الــقــرآن، وقــد أخبر الله تـعـالى أن الـقــرآن كـــما هــو معـظّـم بالأرض فهو معظّــم في السماء ولا يمــسه إلا المـــطـهــّرون، ولا يحـتفــي بـه إلا المـلائـكـــة الأطــهــار الأبــرار.

لقد تحدّث المولى عز وجل عن عظمة القرآن الكريم ومن خلال آياته الحكيمة تتبيّن هذه العظمة في ثناء الله على كتابه العزيز في آيات كثيرة ما يدل على عظمته، فقد وصفه بالعظيم ووصفه في أم الكتاب بأنه «عليٌّ حكيم»، وهذه شهادة من الله تعالى بعلو شأن القرآن وحكمته، ومن ثنائه على القرآن الكريم أن وصفه بأنه «كتاب مُبارك» وبركة هذا الكتاب تمتد إلى يوم القيامة، يوم الحساب، ثم يأتي هذا القرآن العظيم ليكون شفيعاً لأصحابه وتتجلّى عظمة القرآن الكريم في عظمة منزّله جل جلاله.

وبالرغم من مكانته العظيمة يأتينا زنديق يُدعى «سلوان صباح موميكا»، (من العراق)، ليدوس على المصحف الشريف بقدمه بعد منحه ترخيصاً دنيئاً ثم يحرقه أمام أحد المساجد في العاصمة ستوكهولم في السويد، والطامة تحت حماية الشرطة ليثير غضب آلاف المسلمين حول العالم في أول أيام عيد الأضحى، فلا غرابة على زنديق ارتكب سلسلة من الجرائم في العراق وشارك بهدم المساجد، لكنه فرّ هارباً إلى السويد بعد طلب حق اللجوء هناك، واليوم يزرع الله به الخوف والرعب ويرتجف ويستغيث طالباً الحماية من المسلمين، ويقر بأنه خائف من الله سبحانه من يوم حرق كتاب الله، ثم يأتينا زنديق آخر يُدعى سعيد عبدالرازق (مقيم في روسيا)، قام بتدنيس القرآن الكريم وسكب الخمر عليه في مشهد يستفز مشاعر كل المسلمين، ويعتقد أن هروبه الى روسيا وتعمده في كنيسة أرثوذكسية بعد أن ارتدّ عن الإسلام في مصر قد تكون له فرصة لصنع البطولات وفرصة ثمينة للتضامن مع زميله النجس سلوان موميكا، الذي يتواصل معه عبر الموبايل، فتعاملت روسيا مع هذه الجريمة على أنها جريمة ضد الروس جميعاً ويجب محاسبته لينال العقوبة.

إنّ تكرار تدنيس المصحف الشريف يتطلّب منا جميعاً الوقوف بحزم لاتخاذ التدابير الجماعية كافة لمنع تكراره، حيث نستنكر بشدة تكرار هذه الاعتداءات الدنيئة ومحاولات تدنيس حرمة القرآن الكريم، وإن خطورة هذه الأعمال تقوّض الاحترام المتبادل والوئام بين الشعوب وتتعارض مع الجهود الدولية لنشر قيم التسامح ونبذ التطرف والاعتدال وبالتالي نحث حكومات البلدان كافة على اتخاذ إجراءات حازمة لمنع تكرارها مع ضرورة ضمان أن يمارس الجميع الحق في حرية التعبير بروح المسؤولية وفقاً للقوانين المعمولة وحقوق الإنسان الدولية، مع أهمية تعزيز جوانب الحوار والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات والحضارات من أجل سلام دائم في العالم.

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com