رغم كل «قرقعة» المواقف والسيناريوهات الإسرائيلية، حيال مآل التوتر على الحدود الجنوبية على خلفية «خيمتيْ مزارع شبعا» اللتين نصبهما «حزب الله» و«سياج الغجر» الذي قضمتْ به تل أبيب الجزءَ اللبناني من القرية، فإن مصادرَ واسعة الاطلاع، تَعتبر أن كل المناخات المشحونة ليست إلا على طريقة «القنابل الدخانية» في ضوء «كيّ الوعي» المتدرّج الذي بات معه «وهْج السلاح» (حزب الله) يتحكّم بخيارات إسرائيل العسكرية، كما تسلُّح الحزب بقوة الردع وتلويحه باستعدادٍ لحربٍ... لا يريدها.
وفي تقويم المصادر، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن خلال السياج الذي ضمّ كامل الجزء الشمالي اللبناني من الغجر المحتلّة لتصبح كل القرية بشطريْها (قسَمها الخط الأزرق) تحت الاحتلال، إنما يَمْضي في سياسة الهروب إلى الأمام من أزماته الداخلية التي كانت المسرحَ السياسي للعدوان الأخير على مدينة جنين ومخيّمها، معتبرةً أن «حركة» خروجه الأحد، من اجتماعِ الحكومة إلى ما وُصف بـ «مشاورة أمنية تتعلق بفشل الجهود السياسية لإخلاء خيم حزب الله عند الحدود في مزارع شبعا» ما هي إلا دعاية سياسية يخاطب بها الداخل محاولاً شدّ العصَب عبر «شدّ الحبْل» حول عنوانٍ أمني، يتخذ كل مرة «ساحةً للعب».
ولا تولي المصادر نفسها، أهمية لكل التقارير التي تشير إلى أن الحزب قد يذهب لافتعال مشكلة أمنية على الحدود ربْطاً بمسألة الغجر، ذلك أنه «يقف خلف الدولة» في هذا الملف ولن يمانع ممارسة الضغوط عبر «القوة الناعمة» على طريقة ما اعتمده إبان ملف الترسيم البحري ومن دون وجود أي قرار بالاندفاع لحربٍ لا يعلنها لتحرير مزارع شبعا المحتلة حتى، في حين أنه في قضية الخيمتين (أزيلت إحداهما) في المزارع ليس معنياً بتقديم أي ضمانات لتل أبيب ولا بأي محاولاتٍ لربْط المسار بين مسألتي الخيَم والسياج.
وتتحدث دوائر سياسية عن اقتناعٍ لدى الحزب، بأن نتنياهو «أوهن» من أن يشنّ عدواناً أو يقوم بأي دعسةٍ ناقصةٍ «رغم أخذ كل السيناريوهات في الحسبان والاستعداد لها»، وأن رئيس الوزراء يسعى لـ «عرْض عضلات» على ما حاول أن يفعل في اجتياح جنين الذي قيل عنه في إسرائيل إن «فقدان نتنياهو السيطرة السياسية دفع إلى عملية (عسكرية) استعراضية»، مع فارقِ أن أي اعتداء على لبنان بات يحكمه توازن رعب حقيقي، ناهيك عن «نظام المصلحة الاقتصادية» (على ضفتي لبنان وإسرائيل) الذي دشّنه الترسيم البحري وسط استعدادٍ لبدء الحفر في البلوك الرقم 9 اللبناني، في أغسطس المقبل.
وغداة تقارير عن تحركات إسرائيلية غير عادية في جبل الشيخ قبالة خيَمة «حزب الله» وعن رفع حال التأهب في الشمال، لم يكن عابراً أمس، تحرك قائد قوات «اليونيفيل» الدولية في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لازارو، في اتجاه كل من رئيس البرلمان نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث كان اجتماع حضره أيضاً وزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
وأعلن بوحبيب، أنه «تم البحث في الأوضاع الأمنية في الجنوب، ونقلوا لنا مطلب الجانب الإسرائيلي بإزالة الخيمة، فكان ردّنا بأننا نريدهم أن يتراجعوا من شمال الغجر التي تُعتبر أرضاً لبنانية. ونحن من ناحيتنا سجلنا نحو 18 انتهاكاً إسرائيلياً للحدود».
وعن القرار الأممي الرقم 1701 والتجديد لـ «اليونيفيل»، قال إنه «سيتم بحث تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 20 يوليو الحالي، وسيصار في آخر أسبوع من اغسطس التجديد لليونيفيل، وقد أبلغهم رئيس الحكومة أنني سأترأس الوفد اللبناني الى نيويورك».
وسبق لقائد «اليونيفيل» أن التقى قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلية أوري غوردين، وطلب مزيداً من الوقت للتحدث مع بيروت.
وأعقب ذلك تقرير للقناة 12 الإسرائيلية، أشار إلى أنّ الولايات المتحدة قدّمت مقترحاً للحل يشمل إقدام الحزب على «تفكيك الخيمة الثانية التي نصبها بعدما قام بانتزاع الأولى قبل أيام، مقابل توقف إسرائيل عن نشاط التسييج وبناء العوائق الأمنية في الغجر»، موضحة أنّ الحزب قد يوافق على تفكيك الخيمة في حال أوقفت إسرائيل عمليات بناء الجدار في المنطقة اللبنانية.
وفي حين تُنتظر مواقف سيُطْلِقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، غداً، في الذكرى 17 لبدء حرب يوليو 2006، أكَّد بري «أنَّ الخيمتين موجودتان على أرض لبنانية والمطلوب من المجتمع الدولي إلزام كيان العدو بتطبيق القرار 1701 والانسحاب من الشطر الشمالي لقرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونقطة الـB1»، والأخيرة تقع عند منطقة رأس الناقورة الحدودية، وهي عبارة عن موقع استراتيجي يطلّ على الأراضي الإسرائيلية.