حالة هدوء شهدتها مدينة صفاقس الساحلية التونسية، الجمعة، بعد أيام من المشاحنات بين قوات الأمن ومهاجرين غير شرعيين، إثر مقتل تونسي على يد مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وإن بقت التحذيرات من احتمال تعرّض البلاد لـ «كارثة».

هذه «الكارثة»، يقول محللان سياسيان من تونس لموقع «سكاي نيوز عربية»، إنها ستقع إذا ما استمرت الضغوط الدولية على تونس، لتكون «حارسة حدود لشواطئ أوروبا»، وتتكدّس فيها موجات المهاجرين غير الشرعيين، وسط ما تعانيه من أزمة اقتصادية خانقة، وارتكاب هؤلاء جرائم أزعجت المواطنين.

ماذا حدث في صفاقس؟

اعتاد المهاجرون غير الشرعيين التجمع في صفاقس، باعتبارها محافظة كبيرة تجارية وواقعة على الساحل للاختباء بها أو تمهيداً لعبورهم بقوارب الهجرة غير الشرعية إلى سواحل أوروبا المقابلة.

ليل الثلاثاء الماضي، قتل عدد من المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، التونسي نزار عمري (41 عاماً)، طعناً في المدينة، وألقت السلطات القبض على 22 مهاجراً من دول جنوب الصحراء لاستجوابهم لصلتهم بجرائم في المنطقة.

وحسب المحلل السياسي التونسي أيمن الزمالي، تدخلت أجهزة الأمن بشكل عاجل لإعادة استتباب الأمن بعد توالي جرائم العنف والمناوشات بين مواطنين ومهاجرين غير شرعيين، واكتشاف وجود عصابات وشبكات للاتجار بالبشر وتنظيم الهجرة غير الشرعية.

«لسنا حارس حدود لأحد»

يؤكد الزمالي أن تونس ترفض أن تتحوّل إلى «شرطي لحماية سواحل الدول الأخرى والضفاف الأوروبية، لكنها تعمل على فرض الأمن وتطبيق القانون داخل حدودها».

ويجدد الزمالي بذلك قول الرئيس قيس سعيّد، إن تونس لن تقبل أن تصبح حارس حدود لدول أخرى، مضيفاً خلال زيارة لصفاقس، في يونيو الماضي: «الحل لن يكون على حساب تونس... لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه بعضهم ويخفيه البعض الآخر، لا يمكن أن نكون حرسا لدولهم».

ورحَّلت السلطات خلال الآونة الأخيرة أعداداً من المهاجرين غير الشرعيين، وقدمت آخرين للعدالة بعد تورطهم في جرائم.

ازدواجية ضد تونس

ويرفض الزمالي الانتقادات التي ترشق بها منظمات حقوقية تونس في هذا الملف، مثل تهمة العنصرية تجاه المهاجرين غير الشرعيين، قائلاً إن هذا «تضخيم وتهويل، ويبين تعامل بعض هذه المنظمات بمكيالين».

ويستدل على ذلك بأنه «في حين تسكت هذه المنظمات عن التجاوزات في فرنسا (خلال توترات بين أجهزة الأمن ومتظاهرين بعضهم من المهاجرين في الأيام الأخيرة)، ولا تعلّق على عدم اكتراث سلطات حدود الضفة الشمالية للمتوسط (بلدان أوروبا المطلة عليه) بقوارب الهجرة الغارقة، فإنه يرتفع صوتها حين تقوم تونس بفرض القانون».

هذه المنظّمات أو معظمها «تعمل وفق أجندة غربية تتماشى مع سياسة بلدانها التي تمنّي النفس بأن تتحوّل تونس لمخيم كبير أو سجن للمهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء، في حين أن أوروبا هي المسؤولة الأولى عن أوضاع بلدانهم الصعبة التي يهاجرون منها؛ نتيجة سياستها الاستعمارية هناك»، بحسب تعبير الباحث التونسي.

إجراءات لمواجهة الأزمة

ينبّه الخبير القانوني والناشط الحقوقي التونسي حازم القصوري، إلى أن الهجرة السرية أو ما يسمّى «الحرقة» في تونس، هي «مسألة قديمة جديدة تطرح اليوم أكثر من أي وقت مضى نتيجة البطالة، وتفقير في القارة الأفريقية».

حاول القانون التونسي، يتابع القصوري، إماطة اللثام عن هذه الظاهرة وخطرها، بأن أضاف لترسانته جملة قوانين للحد منها، مثلا قوانين تخص جرائم الإبحار خلسة والاتجار بالبشر، ومنها قانون رقم 61 لسنة 2016.

ويرفض القصوري بدوره الضغوط الأجنبية في ملف الهجرة، خصوصاً أن تونس تعاني أزمة اقتصادية، مؤكداً حقها في حماية حدودها وأمنها من المخاطر.

وكان سعيّد أعلن في فبراير الماضي حملة لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، معتبراً وجودهم في تونس«مؤامرة» لتغيير تركيبة تونس السكانية، بينما ندّد الاتحاد الأفريقي بحديث الرئيس التونسي، ووصفه بأنه «عنصري».